كتاب سبر

عام 2011 عجائب وأحزان!!

ها هو عام 2011 قد انصرم وآذن الناس بالرحيل، فمنهم من بكى لفراقه، ومنهم من تنفس الصعداء بانقضائه، وأبى هذا العام العجيب أن يرحل دون أن يجعل له آثارًا تبقي ذكره وتجعل حاله كحال أبي الطيب الذي نام ملء جفونه عن شواردها وترك الناس سهرانة تناقش آثاره وتختصم!
من أعجب آثار هذا العام الغريب أنه أظهر معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في أمته، التي قال عنها «ستتبعون سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه» قيل «يا رسول الله اليهود والنصارى؟» قال «نعم» وهذا إخبار بأمر كوني قدري، وليس إقرارًا منه عليه الصلاة والسلام.
ما حدث من ابتهاج وفرح من بعض المسلمين في الاحتفال برأس السنة الميلادية أمر محزن ونذير شر بأن هذه الأمة أمامها طريق طويل كي ترجع إلى دينها الصحيح الصافي، فضلا عن أن تدعو إليه.
من عجائب هذا العام كذلك أنه عام زلزلت فيه عروش السلاطين، ودكت فيه حصون الطغاة وزعزعت فيه ممالك العملاء الخونة، والحقيقة أن نهاية هؤلاء كانت متوقعة، ولكن الغرابة كانت في سرعة تتابعهم، فنحن على يقين بأن الله جل وعلا غير غافل عما يعمل الظالمون، وأنه سبحانه يمهل الظالم، فإذا أخذه لا يفلته كيف لا وهو القائل سبحانه في محكم التنزيل: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير).
كم لنا ولغيرنا من عبر في هؤلاء الذين أمسوا وهم يملكون رقاب العباد وزمام البلاد وأصبحوا وهم أذل خلق الله، يتسولون العطف والرحمة من شعوب كانت تتمنى الموت حتى تقاضيهم عند ديان السماء ومالك الملك سبحانه، ولكن هيهات هيهات لما تتسولون!
الواجب علينا في مثل هذه الأحداث أن نتعظ ولا تغيب عقولنا نشوة الفرح، ونكون كما كان أبو الدرداء رضي الله عنه، عندما أخذ العبرة في فتح قبرص، وأخذ يبكي والمسلمون فرحون، فقيل له ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: «ويحكم، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينما هم أمة ظاهرة قاهرة تركوا أمر الله، فصاروا إلى ما ترون»!!!
أبو الجوهرة
عبدالكريم دوخي المنيعي
a_do5y