كتاب سبر

لماذا يحتفل المجلس العسكري بثورة لم يشارك فيها؟

خرج الشعب المصري إلى الميادين يوم 25 يناير 2011، رفضًا لنظام مبارك، ورفضًا للاستبداد والطغيان والدولة البوليسية، رفعوا شعارات “عيش حرية عدالة اجتماعية”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، والآن بعد مرور عام على الثورة، يعود المصريون؛ ليرفعوا نفس الشعارات “الشعب يريد إسقاط النظام”، و”عيش حرية عدالة اجتماعية.
لا يشعر المصريون بأن شيئا تغير، لا يشعرون بأن مطالبهم تحققت، لا يشعرون بأن ثورتهم نجحت؛ لذا قرروا النزول إلى الميدان لاستكمال الثورة، الوحيد الذي يعتقد أن الثورة نجحت هو المجلس العسكري، هو الوحيد الذي قرر أن يحتفل، رغم أنه لم يشارك فيها، ولم يكن يومًا في صفها، بل بعد أن أسقط الثوار النظام، ظل يطارد الثوار، ويعتقلهم ويسحلهم، كأن نظام مبارك ما زال في مكانه.
العسكري يريد أن “يحتفل” لا نعرف بماذا؟ العسكري يريد أن يكوم قياداته الذين شاركوا في الثورة، لا نعرف متى ولا كيف، الشعب يقول إن الثورة نجحت، لا نعرف هل يتكلم عن الثورة المصرية أم التونسية، العسكري لم يجد  بعد مرور عام على ثورة 25 يناير إلا توزيع ميدالية “صفيح” لكل شهداء ومصابى الثورة، ولم يكتفوا بالشهداء والمصابين وإنما ضموا إليهم كل أفراد القوات المسلحة من الذين شاركوا فى الخدمة منذ أحداث الثورة.
 يعنى فى النهاية التكريم سيكون بميداليات وسيحصل عليها أيضا الجنرال إسماعيل عتمان الذى حمل شريط إعلان تنحى مبارك، واعتبره عملا بطوليًّا فى المشاركة فى الثورة وحماية الثورة. ناهيك عما سيقدمه لنا الجنرال إسماعيل عتمان من استعادة المهرجانات والأغنيات التى كان يقيمها النظام المخلوع وأجهزة إعلامه التى كان يشرف عليها صفوت الشريف وأنس الفقى، وربما يزيد عليها إسماعيل عتمان هذه المرة أن مدير مكتبه سيكون هو مُخرِج العرض.
 احتفالات لا تدل على الإطلاق أن جنرالات المجلس العسكرى يدركون أن الثورة قامت ضد مثل تلك التصرفات والسلوكيات التى هى من إنتاج النظام المخلوع ومنافقيه وموالسيه، كان مفروضا على المجلس العسكرى أن يقدّم كشف حساب عن السنة التى مرت بعد هذه الثورة العظيمة التى يصفها دائما فى بياناته بأنها الثورة المجيدة.
لم يقدم جنرالات المعاشات ماذا فعلوا خلال هذا العام، لم يقدموا ماذا فعلوا فى محاكمات الفاسدين والمستبدين، لم يقدموا ماذا فعلوا من أجل استعادة الأموال المنهوبة، لم يستعيدوا مترا واحدا من الأراضى التى نهبها رجال أعمال الحزب الوطنى الساقط الفاسد، لم يسلّموا السلطة كما ادعوا فى البداية عندما وثق بهم الشعب العظيم لإدارة شؤون البلاد لمدة 6 أشهر، لم يدعوا إلى وضع دستور جديد.. وأدخلوا الناس فى انقسام شديد حول استفتاء «هزلى» على ترقيعات دستورية.
أصروا على عدم الاستماع إلى الشعب الذى طالب بحكومة إنقاذ وطنى لها كل الصلاحيات التى يمكن أن تدير البلاد فى هذه اللحظة الفارقة.. والتى يمكن للشعب أن يرى الضوء فى آخر النفق الذى أدخلنا فيه جنرالات المجلس العسكرى الذين أعجبهم الجلوس على كرسى السلطة وتقرب المنافقين والموالسين من السياسيين والإعلاميين لهم على طريقة ما كانوا يفعلونه مع النظام المخلوع، لم يفعلوا شيئا من مطالب الثورة وأهدافها.
سيقولون إنهم أجروا أول انتخابات حرة نزيهة لمجلس الشعب.. طبعا قد تكون حرة ولكنها ليست نزيهة ولا ديمقراطية.. فليس هناك قواعد ما دام لم يكن هناك دستور جديد للثورة “مع احترامى لأعضاء مجلس الشعب المنتخبين”، لقد وصل الأمر بمحامى مبارك أن يقول إن حسنى مبارك ما زال حاكم مصر حتى الآن.. ومع هذا لم يخرج أحد من جنرالات معاشات المجلس العسكرى ليرد على ذلك، ولم يخرج أحد ليقول ماذا حدث فى خطاب التنحى الذى تم إبلاغه للناس عبر عمر سليمان، ولم يكشف المجلس العسكرى عن الاتهامات الخاصة بمشاركته فى قطع الاتصالات عن المواطنين فى أيام الثورة، ولم يجر أى تطهير للمؤسسات الفاسدة التى كانت تدير البلاد فى عهد الرئيس المخلوع.. بل تم الحفاظ عليها، وتحدث كما شئت عن الانتهاكات التى اقترافها فى حق الشعب والثوار خلال هذا العام.
  الغريب أنه يأتى الآن ويقول إنه حمى الثورة، ويشارك فى احتفالات مرور عام بميداليات صفيح.
بأي شيء يريد أن يحتفل العسكري بالضبط؟