آراؤهم

مشكلة “بدون” ألمانيا

لقد ترسخت في ذاكرتنا العربية أن كلمة “البدون” تعني مشكلة بعض العرب ممن يعيشون في الكويت منذ زمن بعيد دون الحصول على الجنسية الكويتية، غيرعارفين أو ناسين أو متناسين نفس المشكلة في دول أخرى مثل ألمانيا.
ففي ألمانيا توجد مشكلة مماثلة لمشكلة بدون الكويت، أنا أسميها (مشكلة بدون ألمانيا) هذه المشكلة ذات حجم أكبر ومعاناة أكثر، لم يتطرق الإعلام العربي لهذه المشكلة يومًا بالتفصيل والتحليل، كما هو حاصل في حالة الكويت غيرعارفين بتفاصيل هذه المشكلةأو محابين لدولة كبيرة مثل ألمانيا، ففي ألمانيا يعيش ملايين الناس منذ أكثر من عشر سنوات (كلهم تقريبًا من المسلمين) بل إن بعضهم وصلت مدة إقامتهم قرابة الـ 50 عامًا تقريبًا دون منحهم الجنسية الألمانية، بدون أدنى اهتمام لمعاناتهم كبشر، بل ويعيشون تحت تهديد الترحيل بشكل دائم ومستمر لسبب أو لآخر.
المعاناة النفسية لهؤلاء البشر لايمكن وصفها، فإضافة للمعاناة المعروفة عمن يعيشون في بلد لايحملون جنسيته، يمكنني القول إن هؤلاء الناس يعانون من شتى وسائل الاضطهاد الاجتماعي، فأبناؤهم لايجيدون لغتهم الأصلية بشكل جيد ولايجيدون اللغة الألمانية.. لايحملون ثقافتهم الأصلية بشكل كامل ومعزولون عن الثقافة الألمانية تعسفًا.. معظم هؤلاء الصغار أو مايقارب الـ 90% منهم لايصلون الى الجامعات بسبب فشلهم او افشالهم المتعمد….الخ.
أما عن الأهل، فيصعب عليهم كل شيء هنا، فمن الصعب عليهم جدا العيش مثل الحاصلين على الجنسية الألمانية، مثلا يصعب عليهم الحصول على العمل أو التوكيلات أو القروض أو حتى حرية السفر لدول اخرى….الخ.
مشكلة بدون المانيا ليست في الاندماج كما يدعي الاعلام الرسمي الالماني,فقانون الاندماج تم العمل به منذ سنوات معدودات قليلات فقط ,ولمشكلة بدون المانيا امتدادات لعدة عقود من الزمن,وايضا فان الكثير من الناس قد حققوا كل شروط الاندماج  من دورات لغة او دورات اندماج بنجاح و لم تمنح لهم الجنسية الالمانية بسبب مماطلة الموظفين في منحهم الجنسية الالمانية، هذه المماطلة قد تستمر لسنوات عديدة حتى يتمكن الموظف من اجبار المتقدمين بطلبات الحصول على الجنسية الالمانية على سحب طلباتهم.
والادهى من ذلك كله نجد ان بعض مقاطعات مدينة برلين  يماطل  الموظف فيها لعدة سنوات ومن ثم  يخير الناس بشكل علني بين سحب طلباتهم او رفضها باي حجة كانت..فالرفض يعني دخول معمعة المحاكم لسنوات طوال وخسارة مبالغ كبيرة من المال اضافة الى التبعات النفسية والصحية…الخ. مع انواع المعاناة التي سيتلقاها الشخص وعائلته حين لجوئه للقضاء واستعداء حكومة المدينة التي ينتمي اليها..وبهذا يضمن الموظف استسلام مقدمي الطلبات وسحب طلباتهم وانضمامهم لجوقة بدون المانيا ,وكان شيء لم يكن.
طرق المماطلة من اجل عدم منح الجنسية الالمانية للاجنبي كثيرة جدا، والموظف قادر على تعذيب المتقدم بطلب الحصول على الجنسية الالمانية لسنوات طوال(فهو محمي دائما من مدراء عمله ويقوم بما يملونه عليه) حتى يمل المتقدم ويسحب طلبه من اجل الحفاظ على صحته وعلى على قواه العقلية.
مفهوم الاندماج في المانيا مختلف تماما عن كل دول العالم,فمعظم الالمان يفهمون الاندماج على انه انسلاخ الانسان بالكامل عن ثقافته وماضيه وجنسيته.. بل وحتى عن زوجته وعائلته ان امكن ذلك، فالعزاب او المتزوجون من المان لايعانون ما تعانية العوائل الاجنبية في موضوع الحصول على الجنسية,مما جعل الكثيرين يعتمدون الطلاق كحل وقتي من اجل الحصول على الجنسية الالمانية مما سبب انحلال اسري واخلاقي كبيرين في صفوف المسلمات والعربيات المطلقات.
وقبل ان انهي مقالي المختصر هذا أود ان اقول إن اصعب شيء في المانيا هو الحصول على جنسيتها واسهل شيء فيها هو سحب هذه الجنسية.
وشكرًا 
عدنان شمخي جابر الجعفري
برلين
adnan@adnan1.com
29.01.2012