ما حدث في بورسعيد جريمة إنسانية، السؤال العادي الذي يتبادر إلى ذهن أي إنسان، هو: من المسؤول عن هذه الجريمة؟ من المسؤول عن قتل 74 شابًا مصريًا دون ذنب اقترفوه، فقط أرادوا أن يشاهدوا مباراة كرة قدم عادية؟
هل نقول إن الفلول هم المسؤولون، هل نقول إنهم أذناب الحزب الوطني، هل نقول إنهم الطرف الثالث الخارجي والأيدي الخفية، هل نقول إنهم سكان طرة ورجال أعمالهم في الخارج؟ حتى لو كانوا كل هؤلاء: فهناك مسؤول واحد يسبق كل هؤلاء، هو المسؤول عن قيادة البلاد الآن، وعن أمنها وعن أمن شعبها، مسؤول إما بالتواطؤ أو الجهل، أو الفشل. عن المجلس العسكري أتحدث
لكن الواقع لا المجلس العسكري الحاكم يريد تحمل المسؤولية، ولا جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على السلطة التشريعية في مصر، اللهم إلا إصدار بيانات لا تغنى ولا تسمن من جوع، أو دعوة إلى اجتماعات لجان لا تتناسب أبدا مع الحادثة الجلل والخطيرة.
لا أقالوا الوزارة، ولا أقالوا وزير الداخلية.
وإنما هم ماضون على طريقة النظام المخلوع من لجان وغيره فى محاولة لامتصاص الغضب الذى انتشر لدى الشعب كله من الحالة التي أصبحت عليها البلاد، والدكتور الجنزورى وحكومته أيضا لا يريدان تحمل المسؤولية ومعه بالطبع وزير داخليته.
ورغم الانتقادات الشديدة التى وجهها أعضاء مجلس الشعب إلى الدكتور الجنزورى ووزير داخليته بمسؤوليتهم عن أحداث بورسعيد ومطالبته بالاستقالة.. فإنه لم يفعل شيئا.. ولا يزال يسير على طريقة النظام المخلوع..أن يظل صامتا فى الأحداث.. ويتوقع أن تمر تلك الأحداث وينساها الناس.. كما كان يجرى فى السابق مثلما جرى فى عبّارة الموت لصاحبها ممدوح إسماعيل، وكذلك حريق القطار.
لكن لا يدرى الدكتور الجنزورى وحكومته ووزير داخليته أن هناك ثورة عظيمة بهرت وألهمت العالم كله وراح ضحيتها آلاف الشهداء والشعب عنده استعداد لتقديم شهداء جدد من أجل الحصول على حريتهم وبناء مجتمع ديمقراطى يستحقه هذا الشعب العظيم.
لم يتقدم الدكتور الجنزورى باستقالته ويعترف بفشله العظيم.
الكل يعرف أن الأزمة كلها منذ أيام الثورة.. هى الداخلية وعصابة حبيب العادلى التى كان كل همها هو حماية النظام والإعداد لتوريث جمال مبارك السلطة.. وظلت الداخلية فى عداء مع الشعب، وكان أعلى مظاهره هو حالة الانفلات الأمنى المتعمد وانسحاب الشرطة بكل أنواعها من البلاد وتهريب المساجين ومسجلى الخطر لترويع وترهيب الناس من الثورة.. وساعدهم فى ذلك الإعلام الرسمي الكاذب وبعض الإعلام الخاص الذى يديره ويعمل به بعض من أعداء الثورة، الذين كانوا منافقي وموالسى النظام المخلوع.. وأصحاب مصلحة معه.. وكان يحركهم أمن الدولة.
وناصبت الداخلية وضباطها وعصابة العادلي التى ما زالت تسيطر على الوزارة حتى الآن العداء للشعب الذى قام بثورته العظيمة ضد القهر والظلم والفساد.. فلم يفعل الجنزورى ولا وزير داخليته أى إصلاح حقيقى للداخلية، بل العكس ما حدث من تدليل الضباط ومنحهم مزايا أكثر وسيارات فارهة جديدة لم يكونوا ليحصلوا عليها أيام العادلى وعصابته.
ولم يفعل الجنزورى أى شىء على المستوى الحكومى فى جميع المجالات.. وكان يكفيه أن يعيد هيكلة وزارة الداخلية وهى التى ستتيح له التغيير الحقيقى.. وإعادة الثقة فى البلد وأمنه وعودة الاستثمار والسياحة.. لكن الجنزورى ليس لديه قرار.. والسادة الذين يديرون الجنزورى لا يريدون الأمن والأمان للناس.. يريدون الفوضى..
المشهد الآن يقول إنه لا أحد يريد تحمل المسؤولية..
فالمجلس العسكرى لا يريد تحمل المسؤولية حتى بعد مجزرة بورسعيد التى هى عملية إجرامية شارك فيها كل الأطراف الحاكمة الآن لضرب الثورة وإجهاضها ولمزيد من الفوضى التى يريدها جنرالات المجلس العسكرى. وتحمل المسؤولية هنا.. أن يرحل المجلس العسكرى بجنرالاته.. الآن.. وكفى عليه عام من الفشل فى إدارة شؤون البلاد.. وكفى تخلف وتعطيل وشدنا إلى الوراء.
وجماعة الإخوان المسلمين أيضا التى تسيطر الآن على مجلس الشعب لا تريد هى الأخرى تحمل المسؤولية.. وتريد فقط الإحساس بالنشوى بفوزهم بأغلبية البرلمان لتحالفهم مع السلفيين فى إطار رعاية جنرالات معاشات المجلس العسكرى..
حتى لو لم يعترف المجلس العسكري والحكومة والإخوان المسلمين، بمسؤوليتهم عن قتل المصريين في بورسعيد، وشارع محمد محمود، فنحن نعرف من القاتل؟
نعرف من الذي دبر وتواطأ وسكت وأسكت الثوار
نعرف القاتل.. وسنحاكمه قريبًا
أقرب مما يتصور المجلس العسكري وأعوانه.
أضف تعليق