آراؤهم

بعد فضيحة الفيتو المجلجلة اليوم.. لافروف في دمشق

لست حزيناً – إن لم أكن سعيداً – باستخدام موسكو للفيتو؛ لإفشال مشروع قرار تقدمت به بعض الدول العربية والغربية إلى مجلس الأمن، يدعو لدعم الخطة العربية لحل الأزمة السورية، وقد أُفرغ المشروع من محتواه الذي أتت به نسخته الأولى بفعل الابتزاز والضغوط الروسية والصينية، الذي هو بالأصل لا يلبي تطلعات وطموحات الشعب السوري وآماله، ولا يساوي قطرة دم واحدة سُفحت على تراب الوطن بفعل القمع الهمجي الذي مارسته السلطة الباغية في دمشق ضد المنتفضين الثائرين المطالبين بالحرية والكرامة، وقد استقبلوا حمم قذائف دبابات هذه السلطة المجرمة ومدافعها وراجمات صواريخها ورصاص قناصتها بصدورهم العارية وهتافاتهم بإسقاط النظام ورحيله، التي لا يملكون غيرها، وقد دفعوا الثمن غالياً على مدار أحد عشر شهراً (عشرة آلاف شهيد وأضعافهم من الجرحى والمفقودين والمعتقلين والنازحين والمهجرين)، ولن يرضى هؤلاء بأقل من رحيل النظام وسقوطه مهما كلف الثمن، فكل أسلحة هذه السلطة الباغية وكل ما تصبه على الثائرين المنتفضين من حمم لن يفل من عزيمتهم أو يحد من إرادتهم فقد قالوا كلمتهم الفصل (الموت ولا المذلة) مرددين مقولة عمر المختار المدوية (نحن لن نستسلم نموت أو ننتصر)!!
اليوم الثلاثاء 7 شباط سيحل وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في دمشق يرافقه رئيس استخباراتها ميخائيل فرادكوف، في زيارة لتسليم رسالة من الرئيس الروسي مدفيدف إلى بشار الأسد لم يكشف فحواها، لكن الخارجية الروسية قالت في بيان إنه وفرادكوف سيحاولان إقناع الأسد “بتقديم تنازلات” تشمل “تنفيذاً سريعاً للإصلاحات الديمقراطية”.
السوريون ينتظرون من الروس مراجعة حساباتهم أمام تصعيد القمع الهمجي الذي يمارسه بشار الأسد ضد المدنيين الآمنين، وأن عليهم أن يعرفوا أن مصلحتهم ليست مع هذه السلطة الباغية بل هي مع الشعب السوري الذي كان صديقاً لأكثر من ستين سنة مع الشعب الروسي، ويذكر له بكل العرفان والتقدير مواقفه إلى جانب قضايا العرب، ولا يريد أن يدمر هذه العلاقة وهذه الصداقة أسياد الكرملين اليوم بثمن بخس دراهم معدودة يقبضونها رشوة من نيرون الشام، التي هي في الأساس أموال منهوبة ومسروقة من جيوب الشعب السوري ومن خزينة الدولة السورية، وأذكّر هؤلاء بأن صديقهم الأسد الأب ومن بعده الأسد الابن قد حولوا ما كانوا يقبضونه من أثمان البترول السوري (الذي كان لا يدخل الخزينة السورية) لأكثر من أربعين سنة، والذي بلغ أكثر من 200 مليار دولار إلى بنوك موسكو، ويؤكد على ذلك تقرير وزير المالية السورية الذي قال إن قيمة البترول السوري (الذي بُدء تصديره عام 1970) دخلت الخزينة السورية لأول مرة عام 2011، كما أن ما ذكره وزير دفاع هذه السلطة المتقاعد مصطفى طلاس في مذكراته أن حافظ الأسد عندما أراد إرضاء أخيه رفعت الأسد ليغادر سورية عام 1984، بعد محاولته الانقضاض على الحكم أثناء الغيبوبة التي دخل فيها حافظ الأسد، فإنه لم يجد في البنك المركزي السوري دولاراً واحداً، وهذا دفعه للاستنجاد بصديقه معمر القذافي الذي حول له فوراً 25 مليون دولار ليحملها رفعت ويغادر سورية، وهذا يؤكد على أن حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد لم يكونا إلا رئيسا عصابة مافيا وليسا رئيسا دولة، وبالتالي فإن هذه الأموال المنهوبة المحولة إلى موسكو لابد من إعادتها إلى الخزينة السورية لأنها من حق الشعب السوري، وأن على روسيا أن تتخذ قراراً جريئاً يليق بما تدعيه أنها دولة عظمى وتوجه للأسد الصغير رسالة واضحة جلية، تطلب فيها منه الوقف الفوري لشلال الدم ومغادرة البلاد، واعتماد خارطة الطريق التي رسمتها الجامعة العربية وأقرها جميع أعضائها، المتضمنة التحول السلمي من دولة ديكتاتورية إلى دولة مدنية يقرر الشعب السوري وحده لونها ومضمونها ودستورها، عبر انتخابات حرة نزيهة بإشراف عربي ودولي، وبغير ذلك فإن الشعب السوري والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي لن يغفروا لموسكو مواقفها المنحازة إلى هذا الديكتاتور الأرعن من دون الشعب السوري، الذي كان ضحية لتحكم هذه السلطة الباغية لأكثر من أربعين سنة، استنفذت خلالها كل طاقات هذا الشعب الإبداعية وإمكانياته الخلاقة، وجعلته شعباً أسير هوى وهوس هذه السلطة الجاهلة الباغية المتخلفة، المتعطشة لسفك الدماء وإطفاء شموع العقول والسخرية منها، والحجر والحجز والسجن والاعتقال والإذلال والإقصاء والنفي لرموز هذا الشعب ورجالاته الوطنيين الأحرار ومثقفيه ومفكريه ومبدعيه!!