آراؤهم

الفتنة الطائفية بين الانحراف النسائي والاستغلال السياسي؟!

الفتنة الطائفية؛ هي الصراع الذي ينشأ بين طائفتين في دولة واحدة؛ نتيجة الاختلافات العقائدية والدينية والمعتقدات الفكرية والأيديولوجية التي تخلف وراءها مزيداً من الكراهية والعنصرية، فإذا ما طبقنا هذا المفهوم علي ما يحدث الآن بين قطبي المجتمع المصري، المسلمون الذين يمثلون الأغلبية والمسيحيين الذين يمثلون الأقلية، نجد ألا وجود لهذا النوع من الفتنة القائمة على الصدام الفكري؛ نتيجة الاختلاق الديني والعقائدي. وإن ما يحدث له أبعاد أخري وحقائق يغض الطرفان النظر عنها رغم ضرورة أن يكون هناك مصارحة و مكاشفة وعدم دفن الرؤوس في الرمال حتي يتسني حل المشكلة من الجذور والقضاء عليها.
المرأة الشرارة الأولي للفتنة: لم يحدث صدام بين المسلمين والمسيحيين منذ سنوات طويلة نتيجة تحول شاب أو رجل من أي الطرفين إلى الديانة الأخري، ولكن ما يحدث الآن في حقيقة الأمر ما هو إلا فتنة أخلاقية وانحرافات سلوكية نتيجة انعدام التربية لبعض النساء والفتيات في الجانبين. نساء وفتيات تحولن الى الديانة الأخري ليس حباً أو اقتناعاً، بل هرباً واستجابة لنداء الشيطان واتباع النزوات والركض خلف الرغبات المنحرفة وعشق شباب من الملة الأخري وإقامة علاقات عاطفية تنتهي غالبا بارتكاب الفحشاء!
فعظم حالات الصدام بين المسلمين والمسيحيين في السنوات الأخيرة كانت بسبب المرأة. فتيات مسلمات دخلن المسيحية هرباً من العادات والتقاليد وتحكم الأسرة رغبة منهن في التحرر والتمتع بالأموال التي تغدقها الحملات التبشيرية علي المتحولات من الإسلام إلى المسيحية والتمتع بفرص السفر الى اوربا وامريكا او لعلاقتهن مع شباب مسيحي. وفتيات مسيحيات تدخلن الاسلام ليس حباً في الاسلام ولكن حباً في شاب مسلم. ونساء مسيحيات يدخلن الإسلام للهروب من الزوج المسيحي الذي لا تطيق عشرته لسببا او لآخر ولا تسمح قوانين الكنيسة بالطلاق فتلجأ للإسلام الذي يفرق بينها وبين زوجها بطبيعة الحال لعدم وجوب استمرار الزوجة التي اعلنت اسلامها في عصمة زوجها المسيحي كما في حالة فتاة إمبابة.
ولأن مصر مجتمع محافظ يري علاقة الفتاة بشاب فضيحة وتكون الكارثة اكبر وعار افظع اذا كان هذا الشاب من ديانة اخري، ولان الاسر تخشي عار الفضيحة التي ستظل وصمة عار في جبينها لأجيال كاملة تلجأ  تلك الاسر المسلمة او المسيحية الي تحويل الانظار عن هروب الفتاة مع شاب الي قضية دينية طائفية تظهر الفتاة كمغلوب على أمرها  وتم خطفها واجبارها علي التحول لدين آخر. لعبة قذرة وحيلة شيطانية تلجأ اليها تلك الاسر لإخفاء الفضيحة حتي ولو احترق الوطن بأكمله.
وليس بحادثة فتاتي المنيا الهاربتين الى ميدان التحرير ببعيد فقد أبلغت اسرتاهما النيابة أن شاب مسلم قام بخطفهن وإجبارهن علي دخول الإسلام. وبعد التحقيقات وازالة ملابسات الحادث اتضح ان الفتاتين هاربات برغبتهن نتيجة قسوة الاسرة وان لهن علاقة مع شاب مسيحي ولكن تم الزج بالشاب المسلم لتحويلها الي قضية رأي عام ولأخفاء فضيحة هروب الفتاتين. خلل في التربية و انحراف اخلاقي تحول بفعل الاسرة الى قضية طائفية!!
إعلام المصاطب وصناعة الإثارة الشرارة الثانية: أما الجانب الآخر للمشكلة يكمن في محترفي الإثارة والمرتزقة الذين يستغلون الأحداث؛ لتحقيق المنفعة والمتمثل في اعلام المصاطب الذي يجتهد ويسخر كل ادواته للنفخ في النيران وتأجيج الصراعات ويتخذ من تلك الحوادث الفردية لهروب الفتيات مع شباب والتحول الى ديانة اخري فرصة لتغذية روح التعصب في الجانبين والمدهش ان معظم من ينساق وراء تلك الاشاعات والتحريضات التي يتم صبغها بالصبغة الدينية ليس لديه اي ثقافة دينية و ابعد ما يكون عن جوهر الدين الذي ينتمي له فأذا سألت احدهم عن تعليم دينه تجده اجهل الناس به .
استغلال النشطاء للفتنة الشرارة الثالثة: الفتنة الطائفية أصبحت أخطر وأنكى أدوات الثورة المضادة، ومن أكبر معاول هدم استقرار وأمن البلاد. يستغل  النشطاء الاقباط في الداخل والخارج تلك الحوادث المفتعلة كـ ورقة لـ تشويه سمعة مصر وتعضيد موقفهم لدي المجتمع الدولي من اجل تبرير مطلبهم بإنشاء دولة قبطية علي جزء من الاراضي المصرية وايضا لتخويف العالم من صعود نجم الاسلاميين في مصر .
صورة المشهد المصري كاتمة الألوان مطموسة الملامح ضبابية الرؤية. في ظل عدم قدرة الوطن علي تحمل حدوث مزيد من الشروخ المفتعلة بين قطبي الأمة في وقت بالغ الخطورة؛ حيث إن الوطن لم يتعافي بعد من تبعات ثورة 25يناير والانتكاسات الامنية والمذابح العشوائية التي ارتكبت علي يد بعضـًا من ابناء الوطن ضد اخوانهم بشكل غير إنساني .
لابد ان تكون هناك حلول جذرية للمشكلات الطائفية بعيدا عن المسكنات واغاني الوحدة  الوطنية وجلسات الصلح العرفية وكلمات تطيب الخواطر والشعارات السخيفة . يجب وضع ضوابط وحلول للتعامل مع هؤلاء المتحولين من دين الي اخر في ظل سيادة القانون وسلطة الدولة بعيد عن عمليات الخطف والاعتقال  والاخفاء والتعذيب والقتل احيانا التي  تمارسها الكنيسة وبعض الاسر المسلمة.
مصر الآن بحاجة الى ان يصمت المتعصبين والمزايدين والمتربصين، العابثين والغوغاء والمتطرفين من الجانبين؛ لأن بصمتهم سيتم اغلاق منابع التحريض والفتنة . ومنح الفرصة للعقلاء من الجانبين لإنقاذ الوطن.
أوعاد الدسوقي
كاتبة وإعلامية
awaad99@gmail.com