كتاب سبر

بلاش كلام “هايف”

لكل مجتهد في هذه الدنيا نصيب ، ولكن بالتأكيد ليس كل مجتهد مصيبا ، فكم من مريد للخير لم يبلغه وما أكثر الذين ينطبق عليهم المثل القائل “يبي يكحّلها عماها” والذي عبّر عنه الشاعر بقوله :

رام نفعاً فضرّ من غير قصدٍ = ومن البرّ ما يكون عقوقا

أمسِ وفي ندوة “البدون والمليفي في ميزان العدالة أم السياسة” في ديوانية النائب الفاضل أسامة المناور عقّ القائمون على تلك الندوة البدون من غير قصدٍ ربّما ، وتسببوا في فقء عين قضية البدون بحجة تجميلها بالكحل ، وذلك حين أثاروا حفيظة البدون الذين كلفوا أنفسهم عناء الحضور علّهم يتلقفون كلمة أو وعداً يضيفونهما إلى الكم الهائل من الكلمات والوعود التي جمعوها منذ عقود ، وأكملوا مسيرة خذلان التيارات الإسلامية المتواصل لهذه القضية والتي حمّلوها مالا تحتمل أصلا لا لشيء إلا ليتنصلوا من واجبهم تجاه حل هذه القضية والوقوف مع أصحابها ، وأصبحوا يكثرون من التلميح لفقدهم شجاعة التصريح حول أنهم يرون أن غالبية البدون هم من الشيعة كما نقل عن كثير منهم وهذا ما يجعلهم قلقين حيال حل هذه القضية ، ومع احترامي لشخوص الجميع سنّة وشيعة فإن مثل هذه النقطة أصبحت مكشوفة وكل من كان قريباً من البدون وقبائل البدون يعلم علم اليقين حجم الخطأ في هذه المعلومة وأنه حجة لا أكثر من قبل بعض الشخصيات أمام من يثق بهم من أجل عدم الوقوف مع هذه القضية ، أما مسألة الزج باسم “كوهين” في هذه القضية وأنه خلف تجمعات تيماء فهذا أيضا من الحجج التي لا دليل عليها ، وإثاراتها ستؤدي إلى وقوف الكثيرين ضد هذه الفئة المغلوبة على أمرها ، لاقتران اسم سيئ الذكر بكل ما فيه الإضرار بمصلحة البلد على مدى السنوات القليلة الماضية ، والزج باسمه يعني تنفيذا لأجندات خارجية كما يرى البعض وهذا غير صحيح جملة وتفصيلاً بل يحتوي طعناً مبطّنا في ولاء البدون تجاه البلد وهو المحور الذي تدور عليه القضية برمتها وهم والله براء من هذه الفرية العظيمة .

أما الدكتور عبدالله النفيسي وفقه الله ، فمع اختلافي معه إلا أنني أرى أنه كان الأشجع من بين الحضور حين أعلنها مدوية بقوله : “نحن هنا من أجل قضية المليفي” غير مهتم باللوحة الإعلانية الكبيرة خلف ظهره والتي وضعت كلمة البدون قبل اسم المليفي لذرّ الرماد في العيون لا أكثر ، الدكتور النفيسي ذكر الحقيقة فالندوة وضعت في الأساس من أجل المليفي الذي يعتبر الحبل الذي تقام عليه لعبة شد الحبل بين نواب السنة ونواب الشيعة في المجلس حالياً ، ووضع اسم البدون كان من باب الخروج من الحرج أمام الآخرين إذ كيف لنواب إسلاميين أن يناقشوا قضية المليفي وهي محور اهتمامهم بلا نزاع ، ويتركوا قضية شباب بدون معتقلين بلا جرم منذ فترة ليست بالبسيطة ؟!

أما شباب البدون الذي أدى احتجاجهم إلى إلغاء الندوة فأنا شخصياً ألتمس العذر لهم فهم قد ضاقوا ذرعاً بما طرح في تلك الندوة ، وجمعوا خيبة أمل جديدة ليضيفوها إلى الكمّ الهائل من خيبات الأمل التي جمعوها طوال حياتهم ، وردّة فعلهم كانت ردّة فعل طبيعية لأناس جاءوا ليسمعوا الجديد حول قضيتهم فإذا بهم يجدون أنفسهم مهمّشين أو مخوّنين ، وأخشى أن يُتّهموا خلال الأيام المقبلة أنهم تعمدوا إلغاء الندوة مدفوعين من قبل أناس من أجل عدم طرح قضية المليفي ، والأيام بيننا .