محليات

رسالة من أم سورية لبنات “البكالوريا” في الكويت

” صبَاحُ الخَيْرِ يَا وَطنَاً
يَسِيرُ بِمَجْدِهِ العَالِي إلى الأَعلى
ويَا أرْضَاً عَشِقنَا رَمْلَهَا
والسَفْحَ والشُطْآنَ والسَهْلا
صباحُ الخيرِ يا قِمَمَاً
إليكِ الشمسُ تُهدي القُبلةَ الأولَى
وأنتِ الخيرُ يا من
في كتابِ اللهِ ذِكرُكِ آيةً تُتلى
وأنتِ الخيرُ يا بَلدي
يا بلدي.”
صباح الخير يا بنات الياسمين 
صباح الخير يا بنات الثانوية 
 وها هي تلويحة وداع باتت قريبة إلى بوابات الجامعات والكليات التي ستشرع أبوابها لمستقبلكن ما بين غمضة عين وانتباهتها …. وليتها الأحوال في سورية تتغير من حال إلى حال .
صباح الخير لناظرة إحدى الثانويات في الكويت ولاحتضانها للجرح الكبير بحكمة وعقل وروية .
وعذرا من الكويت لأن نحيب  الغربة تهافت على صدرها أكثر وأكثر .
عذرا يا نوير البر من حزن الأسرة السورية في اغتراب  تضاعف …. فالهم كبير ،يدمي القلب ويكسر الظهر .
ما حدث ….
قرع الجرس  ،  إنتهى الدوام المدرسي  ،  منهن من ركبت  الباص للعودة إلى منزل الإغتراب والأحلام المؤجلة ، ومنهن من حالفها الحظ أكثر بانتظار والد أو والدة ، والوصول واحد .
الصمت كان سيد الموقف ما بين الطالبات السوريات في الباص ، وإن كان هناك بعض الهمس لما حدث .
وفي السيارة كان الخبر بسخونة عبث الغربة  ليصل إلى أولياء الأمور بلهفة البرق ؟! .
ما حدث في نهار الباحة ، لم يسر الخاطر ، ولا يثلج الصدر ولا يفرح القلب ، طالبات سوريات في العام الأخير لمقاعد المدرسة  ” باكلوريا ” تحول الحديث بينهن إلى صراخ وشتائم ، لوم وعتاب ، وقذائف من الكلام … اتهامات واتهامات ما بين الوطنية والانتماء ، والخيانات والوفاء … 
عاش الرئيس … فليسقط الرئيس ؟ 
غابت الأسماء الجميلة عن المناداة  … فلم يعد لأي اسم معنى  ياسمين أو ندى  سحر أو منى …  لتتحول الأسماء  إلى البنات الشبيحة ؟ وبنات المعارضة ؟ .
والمدرسة في الكويت حتضانة لكل الجنسيات … فانقسمت مواقف الجاليات ، بنات الجنوب اللبناني لهن الموقف الحازم والصريح ، وبنات غزة الموقف  الاخر … والأردن  وتونس … وبنات مصر اللاتي مازلن يعشن حدة الثورة  ووو ، المشهد استمر لدقائق يلخصه قول القائل “بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداد”  في باحة مدرسة صغيرة وبنات كشتلات الزنبق . 
لتلجم ناظرة المدرسة حلبة الكلام والصراخ الذي علا  ، المرأة الكويتية التي تدرك أكثر منهن ، لماذا هن في مدرسة كويتية  ، باحة كويتية  ، على مقعد دراسي كويتي … ومستقبل بدأ وينطلق بهن من الكويت ، إلى أين؟ الله أعلم ! .
مربية فاضلة  تدرك كل قاموس وأبجدية الاغتراب لماذا حدث وكيف كان ، وباتت الأكثر خبرة لصراع الطالبات في ربيع عربي شمل معظم البلاد .
الناظرة الكويتية والأم  التي أدركت بحكمة المربية للأجيال أن العقاب لا يجدي في حالات دمار الأوطان ونهر من الدماء … سوى الهدوء يا بنات هنا بيت العلم … ليسود صمت الكلام .
ولكن القلوب الصغيرة مليئة بالمتاهات ، فكل واحدة منهن حملت مواقف ولي الأمر على عاتقها ، لتحارب بها بسيف “التويتر” ، و”الفيسبوك” ، إلى أن وصلت إلى الباحة المدرسية ! . 
يا بنات الثانوية 
على مقاعد الدراسة وعلى ناصية المستقبل … تغلق بوابات الكلام وتفتح الكراسات … أنتن بنات الاغتراب من الصرخة الأولى وإلى الآن … البنات اللاتي رافقن الأهل الرحلة الأطول  لرغيف الخبز في عذابات الحياة وحتى الان.
على مقاعد الدراسة نحن الأمهات نقول لكن طوبى للنجاح  … هو الحب الحقيقي لسورية … هو العشق الذباح لذاكرة الحارة والجدات والخالات والعمات  وعطلات الصيف التي كانت عامرة بالحكايات .
معكن ولأجلكن وعند بوابة المدرسة يصبح الوطن واحد الولاء واحد الانتماء واحد من أجل مستقبلكن فقط الولاء لوطن اسمه سورية .
… وفي بيوتكن لتكون النقاشات والاختلافات عامرة ما بين مد وجزر واتفاق واختلاف .
في المدرسة اللاءات كثيرة … والممنوعات أكثر … و” يا غريب كن أديب ” .
لم يبق سوى ثلاثة أشهر لنهاية العام الدراسي ، وكل واحدة منكن تشق طريقها نحو جامعتها … فلتكن هذه الشهور الأجمل لما تبقى بينكن  وما تحمل من ذاكرة مع رفيقات الدرس  والكتاب .
 في حفل تخرجكن القريب ستكون دمعة وحرقة على خد كل أم سورية وربما الفرحة هذه تبدد الحزن قليلا… بكن ولأجلكن ومن أجل الوطن.
و لكل واحدة منكن لها الحرية بأن ترى المقبل وتتمناه وفقا لقناعاتها ، بعيدا عن تسميات لا تليق بكن …. شبيحة ؟؟؟ معارضة ؟؟؟ . أنت بنات بردى والياسمين الدمشقي … والحور العتيق .
ربما السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل واحدة منكن هذه الأم السورية  مع من ؟ معارضة ؟ موالاة ؟ .
أجيبكن : حين يكون السؤال عند بوابة المدرسة وعلى مقاعد الدراسة ،  أنا مع الوطن  ،  أنا أحب سورية … وأحب المستقبل بكن ، أنتن المستقبل … ولتحيا شجرة الياسمين بملامحكن الأجمل من قطرات الندى ، على عتبات المدرسة أنا لست معارضة ولا موالية ، أنا مع الكتاب والكراسة .
وأي موقف آخر يكون البوح فيه بين جدران الروح والبيت  وفي وطني … والا أذهب إلى بلدي وهناك أعبر كما أشاء وما يتوافق مع قناعاتي .
وكل سوري يريد أن يقوم ببطولات  حتى بالكلام … فالوطن وأرض الوطن أولى ببطولاته هناك … وليست باحة مدرسة … ولا أي مكان خارج حدود منزل الاغتراب . 
ورفقا يا أولياء الأمور ببنات الاغتراب … و في البدء لماذا كان هذا الاغتراب ؟ . 
 لتكن كريماتنا اليوم تحت مسمى  الشبيحات والمعارضات في باحة صغيرة لحلم كبير ! . 
بنات الثانوية وفقكن الله … 
وشكرا ل سبر . مع فائق التقدير والاحترام .