محليات

في ذكرى أول جلسة عقدتها لجنة الدستور "17 مارس 1962"
غانم النجار : لسنا أوفياء للمبادئ التي رسمها الآباء المؤسسون

خمسون عاماً مضت لنستعيد ذكرى هذا اليوم الذي يصادف أول جلسة عقدتها لجنة الدستور  “السبت 17 مارس 1962” لتستمر الجلسات الـ 23 حتى الجلسة الأخيرة في “27 اكتوبر 1962”. 

وكان المجلس التأسيسي شكل لجنة إعداد مشروع الدستور ضمت خمسة أعضاء هم عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيس المجلس التأسيسي والشيخ سعد العبدالله الصباح وزير الداخلية ورئيس لجنة اعداد مشروع الدستور وحمود الزيد الخالد وزير العدل  و سعود العبدالرزاق عضو المجلس التأسيسي رحمهم الله جميعا , ويعقوب الحميضي عضو المجلس التأسيسي وامين سر اللجنة , كما تولى سكرتارية اللجنة الامين العام للمجلس التأسيسي علي محمد الرضوان وشارك في اجتماعات اللجنة الخبير القانوني محسن عبدالحافظ الى جانب الخبير الدستوري الدكتور عثمان خليل عثمان  رحمهما الله .

واعتبرت مشاركة سمو الشيخ سعد في اللجنة مبادرة سياسية لأول مرة في تاريخ الكويت البرلماني سبقتها رئاسة الشيخ عبدالله السالم للمجلس التشريعي عام 1938 .



بعد ذلك قدم رئيس المجلس التأسيسي الدستور الى الشيخ عبدالله السالم بقصر السيف في 8 نوفمبر 1962 والقى كلمة قال فيها “انه لشرف كبير لزملائي اعضاء لجنة الدستور ولشخصي ان نتقدم الى سموكم في هذا اليوم التاريخي نيابة عن المجلس التأسيسي بمشروع الدستور الذي رأيتم وضعه للبلاد على اساس المبادىء الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت ” .



وبالمناسبة القى سمو امير البلاد الراحل الشيخ عبدالله السالم كلمة بهذه المناسبة قال فيها :



“نحمد الله العلي القدير الذي اتاح لنا في هذه المرحلة التاريخية من حياة شعبنا العزيز تحقيق امنيتنا في وضع دستور للبلاد يقوم على اسس ديمقراطية سليمة ويتفق وتقاليدنا ويتجاوب وامال امتنا” .

واضاف سموه ” ونحن اذ نبارك لكم اليوم هذا ونصدر الدستور نشكر لكم جميعا ما بذلتم من جهود مخلصة وما اظهرتم من روح الاخوة والصداقة في اثناء عملكم والله نسأل ان يسدد خطانا ويوفقنا الى ما فيه الخير والصلاح ” .



وصدق الشيخ عبدالله السالم على الدستور بعد ثلاثة ايام من تاريخ رفعه اليه وتم اصدار دستور الكويت في يوم 11 نوفمبر 1962 وكان على الصورة التي اقرها المجلس وتم نشره في الجريدة الرسمية .



وعن المناسبة كتب د. غانم النجار مقالة في “القبس” وأعتبر 17 مارس ذكرى مهمة



في مثل هذا اليوم منذ خمسين عاماً عقدت لجنة الدستور التي انتخبها المجلس التأسيسي أول اجتماعاتها. لجنة الدستور تلك كانت حجر الأساس الذي صدر بموجبه الدستور الذي نقل المجتمع البدائي من حالة سياسية مركزية مطلقة إلى صيغة هي أقرب إلى السلطة المقيدة وأشبه بالديمقراطية. بذلت لجنة الدستور تلك أقصى جهدها لإنهاء المشروع التاريخي التوافقي بين الحاكم والمحكوم، وأنهت أعمالها في فترة قياسية في 27 أكتوبر 1662، ومن ثم تمت مناقشته في المجلس التأسيسي إلى أن صدر الدستور وأصبح العقد الاجتماعي الذي ارتضاه الكويتيون وثيقة تحدد العلاقات بينهم وضماناً لحرياتهم وتعددياتهم التي طالما سعى البعض سواء من الحكومة أو غير الحكومة إلى تقويضها وتفتيتها. 



وحسناً فعل مجلس الأمة بإصداره مؤخراً كتاباً يوثق محاضر اجتماعات لجنة الدستور التي ظلت سرية سنوات طويلة يمنع الاطلاع عليها، مع أن جامعة الكويت كانت قد أخذت السبق ونشرتها بإصدار خاص سنة 1999. لم يكن مفهوماً لماذا ظلت محاضر لجنة الدستور سرية طوال هذه السنين؟ فلماذا لا يوجد احترام لحق الإنسان في الاطلاع والحصول على المعلومات؟ ولنأخذ مثالاً  لجنة تقصي الحقائق البرلمانية عن الغزو، ولماذا يبقى التقرير سرياً حتى اليوم بعد مرور عشرين عاماً؟ 



ومع أن التقرير قد تم تسريب بعض أجزائه لبعض الصحف فإنه بات ضرورياً نشره بشكل رسمي على الملأ، كما بات ضرورياً إصدار قانون متكامل ينظم حق الحصول على المعلومات التي تدار الآن حسب المزاج الشخصي للمسؤول، بل إن قانوناً كهذا إن صدر فإنه سيخفف من كمية الأسئلة البرلمانية الكثيرة. إلا أن المجلس سواء كان أغلبية أو أقلية متواطئ مع الحكومة في حصار المعلومة لهم فقط.



 تشكلت لجنة الدستور من عبداللطيف ثنيان الغانم رئيساً والشيخ سعد العبدالله ممثلاً للحكم وحمود الزيد الخالد وسعود العبدالرزاق، رحمهم الله جميعاً، بالإضافة إلى يعقوب الحميضي، أطال الله في عمره، الذي انتخب أميناً للسر، كما قام الأستاذ علي الرضوان بأعمال سكرتارية اللجنة. كما شارك فيها أيضاً د. عثمان خليل عثمان الخبير الدستوري ممثلاً للمجلس والأستاذ محسن عبدالحافظ ممثلاً للحكومة، رحمهما الله، وكلاهما من مصر.  



جرت خلال اجتماعات اللجنة مماحكات وشد وجذب وأخذ ورد، ولم يمر مشروع الدستور بسلاسة لدرجة امتناع الشيخ سعد العبدالله عن الحضور لفترة بسبب عدم رضاه عن بعض المواد، وقد دل ذلك على أن نواب ذلك الوقت كانوا يدركون جيداً ما هم بصدده وأهمية الوثيقة التي يتعاطونها. ولا بد من العودة إلى الموضوع بتفصيل أكثر لاحقاً لكنها فقط للذكرى التي فرضت نفسها. ها نحن الآن في ذكرى مرور خمسين سنة على أول اجتماع للجنة الدستور التي وضعت اللبنات الأولى للدستور، والذي لا يبدو أننا كنا أوفياء للمبادئ التي رسمها الآباء المؤسسون لا من أغلبية ولا من أقلية ولا من بين بين ولا حول ولا قوة إلا بالله.