آراؤهم

خدعوك فقالوا “لا للطائفية.. لا للقبلية”!

مصطلحات بتنا نسمعها بشكل شبه يومي تقول “لا للطائفية ولا للقبلية” وزاد انتشار هذه المطلحات بين أفراد لايعلمون شيئا عنها إلا أنها مفاهيم ضارة ومؤذية وبرواية أخرى مفاهيم ستدخل صاحبها النار خصوصا أننا نعيش في زمن الشبكات الاجتماعية الجامعة لمختلف الفئات العمرية والعقلية! والسؤال الذي نسأله لأنفسنا..هل فعلاً القبلية والطائفية ضارة إلى هذا الحد؟ أو هل هي ضارة أصلاً؟ عندما تدعو أبناء الوطن إلى نبذ الطائفية والقبلية لتوحيد الوطن فإنك لابد مخطئ أو أنك على الأقل قد أوصلت الصورة ناقصة! كيف؟ 
قال تعالى:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى* وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” هذه الآية تبين أن تركيبة المجتمع الإنساني فطرت على أن تكون مكونة من جماعات إنسانية مختلفة الأفكار والطباع والانتماءات وهذا يعني اختلاف في الرؤى وطريقة التفكير ولولا هذا لما كان هناك داع لقول شعوباً وقبائل!
إن مسألة الطائفية والقبلية يجب أن يتم شرحها وتقديمها على أنها حقيقة لا يمكن إنكارها أبدا وبالتالي فإن التعصب لها أمر طبيعي أيضاً فكما تميل أنت لأبناء بلدك عندما تكون مسافراً أو لأبناء دينك عندما تكون في بلد يدين بديانة تختلف عما تعتقده أنت كذلك فإن الميل لابناء القبيلة أو الطائفة شيء في البلد الواحد أمر متوقع!
والمشاكل التي يحذر منها ويعتقد بأنها من فعل الطائفية أو القبلية هي في الحقيقة نتيجة الفهم الخاطئ لها واعتقد لو أننا قمنا بإنفاق الوقت والجهد لتصحيح هذا الفهم لأفلحنا أكثر من الدعوة للتخلي عن الأصل.. فكفانا عناداً للطبيعة وضحكاً على عقولنا.
قال النبي عليه الصلاة والسلام”انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً” وكان بإمكانه أن يقول انصر صاحب الحق ولكنه رأى الفطرة التي تجعلنا ميالين إلى جماعة أكثر من جماعة ثم أعاد عليه صلاة والسلام صياغة مفهوم “الفزعة” حيث قال انصره ظالماً بالأخذ على يده ولم يقل بالوقوف مع الطرف الآخر!
وكثيراً مانرى أن أغلب الخلافات بيننا في أي ساحة من ساحات هذه الحياة ماهي إلا نتيجة للرفض اللاشعوري لمبدأ التخلي عن طائفيتنا أو قبليتنا فترى هذا يعارض هذا لا لشيء سوى  الفهم الخاطئ للتعصب للقبيلة أو الطائفة ولأن الجميع يمارس الضحك على نفسه ثم على الآخرين تجدهم يبحثون عن أدلة منطقية -سواءا كانت مقنعة أم لا-  تحت الأرضين السبع تدعم آراءهم التي يصفونها بآراء محايدة ثم يبدأون بغناء الأغنية الشهيرة “لا للطائفية.. لا للقبلية”!
إن القبلية والطائفية طبيعة في مجتمعاتنا يجب التعامل معها وليست مشكلة يجب التخلص منها.. ولعلي أذكر من يقومون بالرسم على الجدران كمثال.. كما يمكن لهؤلاء أن يخربوا مظهر البلد كاملا ويجلبوا له الإساءة ولكل من يعيش على أرضه يمكنهم أيضا بقليل من التوجيه والإرشاد الصحيح أن يجملوا ويشرفوا هذا البلد.. ولكن من التخلف أن تقوم بمنعهم عن الرسم ودفعهم لدراسة الهندسة بحجة أن البلد بحاجة للمهندسين أكثر منهم.. الوطن يحتاج للجميع.. تماماً كالجسد لا يقوى على غذاء واحد مهما كان مفيدا وصحيا إذ لا بد من التنوع..
وعلينا أن نتذكر دوماً أن الشيء الذي لا يمكن تغييره علينا أن نجد الطرق المناسبة للتعامل معه.. فالهدف واحد والطرق كثيرة.. فلم لا نستخدم طريقاً آخر؟!