كتاب سبر

(إنا كفيناك المستهزئين)!!

يقول الله تعالى:(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)!.
ما حدث من تطاول بعض المنافقين على عرض وكرامة أطهر البرية عليه الصلاة والسلام والإستهزاء بذي النورين الصحابي الجليل عثمان بن عفان والطعن في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين أمر كشف لنا بأن ما يسمى بالوحدة الوطنية فكرة أوهن من بيت العنكبوت ؛لأن الوحدة الوطنية غير ممكنة ولا تتأتى مع من يدين الله عز وجل بالطعن في شرف الرسول صلى الله عليه وسلم والحط من كرامة الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين!!.
والحقيقة أن ما كتبه هذا المنافق هو ما يختلج في صدور كثيرين ممن هم على شاكلته ولكنه كان أوقح منهم بالتصريح وكان أجبن منه بممارسة النفاق السياسي!.
والقوم كما قال الله عز وجل عن أسلافهم (ولتعرفنهم في لحن القول) فمن حاول كتمان قناعاته لن يستطيع الاستمرار وسيغتنم أول فرصة للافصاح عنها وقد فعل قاتله الله!!.
هذا الحدث بقدر ما هو مؤلم بقدر ما هو مفرح لآثاره المترتبة عليه  ؟!
فعندما شتم الغرب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام حدثت أمور لم يكن يتوقعها أحد من انتشار الإسلام ومن إعادة كثير من المسلمين إلى دينهم ،ودفعت كثير من المسلمين إلى قراءة والاهتمام بسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وغير ذلك من الأمور التي تدل على أن الله صدق وعده ونصر عبده عندما وعده جل وعلا بقوله:(إنا كفيناك المستهزئين)!!
يقول العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية:(وهذا وعد من الله لرسوله، أن لا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة. وقد فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة)!.
ويقول الطاهر بن عاشور:({المستهزئين} إيماء إلى أنه كفاه استهزاءهم وهو أقل أنواع الأذى، فكفايته ما هو أشد من الاستهزاء من الأذى مفهوم بطريق الأحرى.
وتأكيد الخبر بـ”إن” لتحقيقه اهتماما بشأنه لا للشك في تحققه)
ويقول رحمه الله:(والتعريف في {المستهزئين} للجنس فيفيد العموم، أي كفيناك كل مستهزئ. وفي التعبير عنهم بهذا الوصف إيماء إلى أن قصارى ما يؤذونه به الاستهزاء، كقوله تعالى: {لن يضروكم إلا أذى} فقد صرفهم الله عن أن يؤذوا النبي بغير الاستهزاء. وذلك لطف من الله برسوله صلى الله عليه وسلم)
ويقول رحمه مبينا أحد أنواع كفاية الله لرسوله عليه الصلاة والسلام:(وقد يكون من أسباب كفايتهم زيادة الداخلين في الإسلام بحيث صار بأس المسلمين مخشيا)!.
وغير ذلك من الأمور التي لم يكن أحد توقعها!!.
وأما حكم من سب الرسول عليه الصلاة والسلام فقد أجاب عنه العلامة بن عثيمين عندما سئل فضيلة الشيخ : هل تقبل توبة من سب الله – عز وجل – أو سب الرسول ، صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب حفظه الله بقوله : اختلف في ذلك على قولين :
القول الأول : أنها لا تقبل توبة من سب الله ، أو سب رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو المشهور عند الحنابلة ، بل يقتل كافرا ، ولا يصلى عليه ، ولا يدعى له بالرحمة ، ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين.
القول الثاني : أنها تقبل توبة من سب الله أو سب رسوله، صلى الله عليه وسلم ، إذا علمنا صدق توبته إلى الله ، وأقر على نفسه بالخطأ ، ووصف الله – تعالى – بما يستحق من صفات التعظيم ، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة كقوله – تعالى –
{ قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } ومن الكفار من يسب الله ومع ذلك تقبل توبتهم ، وهذا هو الصحيح >>>إلا أن ساب الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، تقبل توبته ويجب قتله <<، بخلاف من سب الله فإنها تقبل توبته ولا يقتل ؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد ، بأنه يغفر الذنوب جميعا . أما ساب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يتعلق به أمران :
أحدهما : أمر شرعي لكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يقبل إذا تاب.
الثاني : أمر شخصي ، وهذا لا تقبل التوبة فيه لكونه حق آدمي لم يعلم عفوه عنه ، وعلى هذا فيقتل ولكن إذا قتل ، غسلناه ، وكفناه ، وصلينا عليه، ودفناه مع المسلمين.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية)!.
مجموع الفتاوى.
وختاما:
الشكر موصول لكل من تفاعل مع هذا الخطب الجلل وليعلم المسلمون أن نصرتهم للرسول والصحابة ليست فضلا منهم بل هي واجبة عليهم ،والفضل ليس لهم بل الفضل لله أن شرفهم بوقوفهم هذا الموقف الكريم!!
يقول تعالى:(يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين)!.