آراؤهم

خطة التنمية و”أمنية الفشخرة”

في البداية أود ان اغير مسمى خطة التنمية التي قدمتها الحكومة السابقة وأقرها مجلس الامة بأغلبية ساحقة ماحقة، فما يُسمى بخطة التنمية لا يمت بصلة الى التخطيط او التنمية. ومن حيث المبدأ؛ هي فعلاً يجب ان تسمى “أُمنية الفشخرة”. 
واسمح لي اخي العزيز ان أذود عن حياض كلامي؛ لكي يكون هناك خطة يجب ان يكون هناك نقطة بداية ونقطة نهاية والا فهي منهج وليست خطة. والفشخرة هي ان تقول هناك 8 مستشفيات في 5 سنوات بينما الخطة هي ان تقول 8 مستشفيات تخصص لها الارض وتعد لها المستندات خلال 90 يوما ثم تطرح للتصميم خلال 90 يوما وتصمم خلال 180 يوما ثم تدخل دورة المناقصة والتعاقد التي تستغرق 180 يوما ومن ثم تنفذ خلال 4 سنوات -لنكون متفائلين-. ويا ليت ان مشكلة خطتنا هي ما ذكرت بل ما خفي اعظم!
من ناحية تصميمية، اين هي مواقع المستشفيات؟ وما هو التنسيق بين مجلس الوزراء والوزارات المعنية والمجلس البلدي من اجل تخصيص المواقع وإصدار رخص البناء وتيسير الخدمات المؤقتة؟  وعلى اي اساس تم اختيارها؟ وكيف تم تقدير عدد الاسرة بها؟
وما ذكرت هو الجانب الهندسي، اما الجانب اللوجستي او التنظيمي فلا يقل عشوائية!
120 مشروعا خلال 5 سنوات! يحضرني مقطع من مسرحية حامي الديار عندما تساءل المفيدي -رحمه الله- كم طباشيرة وكم مدرس وكم مدرسة…. وانا بدوري أتساءل؛ كم مهندس وكم مهندسة نحتاج لتنفيذ هذه المشاريع؟ كم مراقب وكم عامل؟ وكم هي المواد الخام المطلوبة للتنفيذ؟ وما هي قابلية الاقتصاد لاستقبال 35 مليارا من المشاريع الحكومية و 7 مليار (20?) من المشاريع الثانوية. واقصد هنا المشاريع اللازمة من خدمات سكن ونقل وتغذية وطبابة وصيانة وإسناد لأجهزة المشاريع!
وايضاً أتساءل؛ هل تم احتساب قدرة الكويت على استيعاب الطاقة البشرية المطلوبة لتنفيذ خطة التنمية بدون اي ضرر على حركة المرور، ضغط المستشفيات، سكن العمال، الخدمات المرافقة؟
من جهة اخرى، هناك من المشاريع المقترحة 
التي لم اقدر على فهم وجودها ضمن خطة التنمية مثل المترو ودار للأوبرا وهذا قد يعطي انطباعا عن سطحية لواضعي الخطة! مترو بالكويت! لنسأل انفسنا؛ هذا المترو سينقل من ومن اين والى اين وفي اي وقت؟
نبدأ بمن: ليس هناك مواطن وانا من ضمنهم على استعداد للمشي 3 دقائق تحت شمس الكويت الساطعة ، فهل سيقدم لنا المترو خدمة من الباب والى الباب؟ واذا افترضنا انه مخصص للعمالة الوافدة، فمن منهم يسكن ويعمل ضمن مناطق السور؟ وأما بالنسبة للوقت؛ ارجوا إخباري بمن سيرتاد المترو الساعة 11 صباحاً ومن سيرتاده الساعة 6 مساءً ؟
يا سادة المترو مطلوب في المدن ذات الكثافة العالية والتي تحوي مباني استثمارية وسكنية وتجارية ضمن نفس النطاق عندها يستغل المترو لنقل الموظفين صباحاً ونقل المتسوقين مساءً وهذا لا ينطبق على الكويت من حيث النوعية والكمية المطلوبة لإنشاء المترو! وأما دار الأوبرا فلدي سؤالان؛ من هو السوبرانو الكويتي ومتى أُقيمت اخر أوبرا في الكويت؟
ولأنه من المعيب الانتقاد بلا تقديم حلول، فأرجو تقبل وجهة نظري المتواضعة:
الدولة لا تتحمل هذا الكم من المشاريع ولذا وجب علينا ان نضع أولويات لتنمية المباني والبنية التحتية بحيث لا يطرح اكثر من 2مليار سنوياً من المشاريع وعليه يكون رول المشاريع 7-8 مليارات بافتراض معدل 5 سنوات للإنجاز!
هذا الحجم يجعلنا قادرين على تحمل مشاق المشاريع ومراقبة انجاز هذه المشاريع بالجودة اللازمة. بل وقياس الإنجاز وملاحظة الدروس والتجارب من اجل تطوير الأداء في المشاريع التي تلي هذه المشاريع. 
وهذه المجادلة هي من واقع الخطة المقدمة، ولكن دولة الكويت تحتاج تنمية المواطن قبل تنمية المباني!
لقد أنفقت الكويت الغالي والنفيس من اجل تعليم وتثقيف اهم رأس مال للدولة وهو المواطن الكويتي، فالكويتي اليوم قد درس بأعرق الجامعات العالمية ويتقن استخدام التكنولوجيا و يجيد لغتين على الاقل وهو قادر على الابداع بما يدهش العالم اجمع، ولقد عشنا ايام الغزو واشتغل الكويتي بنظافة الشوارع وتشغيل المخابز والجمعيات بل وابدع في تشغيل المصافي ومحطات التقطير والكهرباء ناهيك عن صيانة المساكن اثناء تلك الاشهر التي اظهرت معدن الكويتي فلماذا لا يتم إسناد المسؤوليات لهم؟ وايضاً لا يستقيم وجود عمالة ادارية أجنبية بالوزارات مع وجود بطالة بين المواطنين. فلماذا نجد موظفين أجانب إداريين في الوزارات؟
إن نظرية الإنفاق الحكومي من اجل تنمية الاقتصاد تقوم على مبدأ توفير فرص العمل لمواطني الدولة وتهيئة الفرص للشركات الصغيرة. وهذا يدعم الطبقة المتوسطة وعندها تزيد القوة الشرائية بما يدفع العجلة الاقتصادية، طب حد يؤولي احنا فين من الكلام ده؟
كم نسبة المهندسين والاداريين الكويتيين في تلك الفرص؟ الجواب هو 3 وظائف لكل مشروع تقوم الدولة بدفع رواتبهم ويقوم المقاول بإرسالهم لمنازلهم من اجل تجنب مصاريف تدريبهم وقهوتهم! والواجب بأن يسن قانونين؛ الاول بأن يتم جعل ساعات العمل الاسبوعية للوظائف الشهرية هو 35 ساعة بالاسبوع حتى يتساوى الخاص مع العام والثاني بأن يجبر المقاول الذي يحوز عقداً يتجاوز 3 مليون على استخدام جميع الإداريين وعلى الاقل 20? من المهندسين والمراقبين من ابناء الكويت حصرياً وذلك بدون اي مساعدة من الحكومة سوى دعم العمالة، بل وتطبيق غرامات على من يقصر في ذلك وعندها يضطر المقاول لتوظيف الكويتيين!

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.