يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين تريد أن تستأثر على كل شيء في مصر، فبعد أن استولت على البرلمان، بغرفتيه، الشورى والشعب، وسيطرت على لجنة الدستور بأغلبيتها البرلمانية، وسعيها إلى تشكيل الحكومة، تسعى الآن إلى الفوز بمقعد الرئاسة.
ورغم أننا كنا نحلم بالنموذج التونسي، حيث يكون البرلمان إسلاميا والرئيس يساريا، إلا أن طمع الإخوان في الاستحواذ على كل شيء سيحول دون ذلك، لكنه سيكشفهم مع الوقت أمام الجميع، بعد أن تراجعوا عن كل تعهداتهم.
المشكلة التي لا زالت عالقة حتى الآن، وهي اللجنة التأسيسية للدستور، يبدو أنهم يتعاملون معها بعدم اهتمام، فتربيطاتهم مع المجلس العسكري، تجعلهم يشعرون بحالة من الأمان، فهم فقط يشعرون أنهم فى حاجة إلى كومبارس فقط ليصفقوا لهم فى نهاية المسرحية- والاعتراض الشديد من قوى سياسية كثيرة غير متحالفة مع الإخوان، أو قوى فلول النظام السابق المتحالفة أيضا على معايير اختيار اللجنة، ليقوم المجلس العسكري ومشيره طنطاوي، وفريقه سامى عنان، بترميم ذلك الاختلاف وإجراء ترقيعات توافقية على لجنة الإخوان -وهم الإخوان الذين رفضوا التوافق من البداية.
وبالطبع سوف يحضر اللجنة عدد من الشخصيات لم يكن لهم أى حضور فى الثورة أو بعدها، وكانوا يحملون عداء للإخوان، أو هكذا كانوا يقدمون أنفسهم للنظام السابق.. ولكن استدعاء العسكري لهم يجعلهم في حالة توافق وتناغم مع جنرالات معاشات المجلس العسكري، وقيادات مكتب إرشاد الإخوان، وأن الأمور أصبحت تمام.
الغريب أن البيان الصادر عن اجتماع المجلس العسكري مع الأحزاب والشخصيات التابعة، لم يشر إطلاقا إلى إمكانية إعادة تشكيل لجنة الإخوان الدستورية، بل أشار إلى دعمها من خلال ما أطلقوا عليه “لجانًا نوعية” تضم جميع الخبرات الوطنية، وبالطبع الإخوان سعداء بذلك.. هم لا يمانعون بأي خبراء يتحدثون كيفما يشاؤون خلال الأيام التى حددوها فى مسرحية كتابة الدستور، وسيتركونهم يقولون ما يشاؤون من القول، “لأن الدستور عندهم جاهز جوه!”.
فى النهاية، لم يسفر الاجتماع عن شىء، والذى جرى مرتين خلال 48 ساعة، حتى لو تم استبدال 10 من الاحتياطى بـ10 من أعضاء اللجنة، فهم أيضا من اختيار جماعة الإخوان.
لماذا كان الاجتماع إذن، الاجتماع كان لتأكيد التحالف بين الإخوان والمجلس العسكري، الذى كان واضحا فى حضور اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكرى ومندوبه لدى لجنة دستور الإخوان، والتصويت لصالح سعد الكتاتنى رئيسا للجنة الدستورية، بالتوافق والتناغم مع غيره من الحاضرين من «الحرية والعدالة» و«النور»، والشخصيات العامة المشاركة التى تعتبر نفسها معتدلة، فقد جاؤوا باختيار إخوانى سلفى.. فكان لا بد من رد جميل اختيارهم.. فكان الكتاتنى!
فالعسكر والإخوان سرقا الثورة معا، ويتقاسمان مغانمها الآن والخلاف بينهما بسيط يمكن ترميمه وترقيعه فى أى وقت.
ولعل قراءتنا للاجتماع ومشاركة القوى السياسية، توضح تماما كيف سُرقت الثورة.. وكيف سيكون دستور الثورة «والثورة براء منهم».. فبالإضافة إلى عدد من جنرالات المجلس العسكرى بمشاركة طنطاوى وعنان.
وفيما عدا حزبى الوسط وغد الثورة «حزب أيمن نور».. لا يمانع أى من الموجودين التوافق مع أى سلطة، حتى ولو كانت سلطة الرئيس المخلوع حسنى مبارك وعصابته الأمنية، كما كان يفعل -ويفعل- السيد البدوى فى حزب الوفد.. وهو عنده استعداد لخدمة أى سلطة وتوريط حزبه فى ذلك، بحثا عن مصالحه الشخصية وشركاته وأرباحه وتراخيصه فى الدواء… فبالله عليكم.. هل تلك الأحزاب التى لا يعرف عنها أى أحد شيئا، هى التى تحدد التوافق حول الدستور.. ليكون دستورا إخوانيا؟!
إنه نفس الموقف الذى كان يفعله مبارك، وعن طريق صفوت الشريف، فى تجميع تلك الأحزاب والشخصيات، لتأييد مواقفه وترقيعاته الدستورية والقانونية، وهو الذى يكرره الآن المجلس العسكرى لإعادة إنتاج النظام السابق بشخصياته ومعارضيه، لكن هذه المرة لصالح تحالف العسكر والإخوان فى السيطرة على الثورة وتقسيم مغانمها.
ستنتهي الأزمة كما بدأت، ستنتهي مشكلة اللجنة التأسيسية كما بدأت، وسيضع الإخوان الدستور، وسيشكلون الحكومة، وربما يصير خيرت الشاطر رئيسا، ولا عزاء لمصر، لكن يجب على الإخوان أن يعرفوا أن الطمع يقل ما جمع وأن الشعب المصري لن يسمح بطاغية جديد.
أضف تعليق