كتاب سبر

توهان الأغلبية

قضية احتجاز المواطن نهار الهاجري ليست هي الأولى في سلسلة الاستخدام التعسفي من قبل وزارة الداخلية لنصوص مواد قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية ولن تكون الأخيرة، فقد سبقتها قضية احتجاز الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم وأمين عام التحالف الوطني الديمقراطي آنذاك خالد الفضالة واستاذ الجامعة آنذاك والنائب الحالي د. عبيد الوسمي بالإضافة إلى شباب حادثة دخول مبنى مجلس الأمة، واستطيع منذ الآن أن أضيف لها، وبكل ثقة، قضية احتجاز المغردين محمد العجمي وفارس البلهان وعبدالعزيز جارالله ورفاقهم، لذلك فالتوقف عند قضية نهار الهاجري كحالة خاصة وفردية أمر غير صحيح لأنها تأتي في ظل نهج تواصل منذ الحكومة السابقة واستمر في الحكومة الحالية التي تغيرت بعض ملامح تعاملها مع المجلس وقضاياه الرقابية عن الحكومة السابقة إلا أنها لم تبتعد شبراً واحداً عن نهج الحكومة السابقة القمعي والتعسفي سواء في قضايا الاعتقالات أو في طريقة التعامل مع معتصمي البدون في تيماء.
شخصياً لن ألوم الحكومة الحالية ولا وزارة الداخلية ولا وزيرها في استمرار مثل هذه الاجراءات لأن الأمور كما تبدو للمطلعين عليها أكثر تعقيداً وحساسية من أن تبت فيها حكومة مثل الحكومة الحالية، بل لن أكون مجحفاً في قولي إذا ما قلت أن هذه القضايا “أكبر” من مستوى هذه الحكومة بشخوصها، ولكن اللوم الشديد والعتب الكبير يوجه إلى كتلة الأغلبية التي تركت أهم القضايا التي ناضل من أجلها الشعب الكويتي في الفترة الماضية واحتشد واعتصم وسُجن بسببها وتحمل تعسف السلطة وتهجم اعلامها الفاسد لتضيع في دوامة قضايا أقل أهمية من قضية الحريات وتعسف السلطات ضد المواطن الكويتي.
اتمنى من الأخوة النواب في كتلة الأغلبية الاجابة على سؤال المواطن الكويتي إذا ما سألهم عن أيهما أهم تعليم المواطن أم حريته؟ صحته أم حريته؟ راتبه أم حريته؟ يا نوابنا الأفاضل، نقر ونعترف بأهمية إقرار قانون المدن الطبية، وقانون جامعة الشيخ جابر للعلوم التطبيقية وتخصيصكم جلسات لمناقشة الكوادر العمالية، لكن كل هذه القوانين، رغم أهميتها، تتضائل وتتراجع وتتقزم أمام قوانين توقف تعسف السلطات ضد المواطن الكويتي وضد حريته. وأود تذكيركم بأن المواطن الكويتي وحريته لا يقل أهمية عن حرية الشعب السوري، فك الله أسره، إلا إذا كان لديكم رأي يخالف ذلك.
ألم يكن من الأولى تخصيص جلسة خاصة لإقرار التعديلات على قوانين الحبس الاحتياطي؟ وبدلاً من القذف بكل ما لديكم من أسلحة ثقيلة خلف لجان التحقيق في المال والمخالفات الإدارية، ألم يكن من الأولى أن ترغموا وزير الداخلية على الوقوف في مجلس الأمة لتبرير تصرفات وزارته؟ 
لا أريد أن اتسائل عما إذا كنتم تنتظرون إلى أن تختطف آله القمع والتعسف محمد غزاي آخر، ولا أريد أن أتسائل عما إذا كنتم تنتظرون أن تحلوا مشاكل أولوياتكم و”توهان” بوصلتكم، ولكن ثقوا بالله أن حرية إنسان كويتي واحد يحتجز ليوم واحد فقط بلا مبرر تساوي لدينا كل أولوياتكم الباهتة.
سعود عبدالعزيز العصفور
@SaudAlasfoor
salasfoor@sabr.cc