كتاب سبر

مبارك يعود إلى الحكم

ما الذي حدث؟ أين ذهبت الثورة؟ كيف نسينا دماء الشهداء، كيف نسينا ثورتنا؟ وانشغلنا فقط في الصراع على اللجنة التأسيسية ومقاعد البرلمان، ونصيب كل حزب من الكعكة، فاستغل نظام مبارك  الفرصة طوال عام كامل من تشتت القوى الثورية، واستعاد قوته، ويعيد ترشيح مبارك، في صورة نائبه ورئيس وزرائه.
جميع القوى السياسية تم خداعها، جميع القوى السياسية استسلمت للخدعة بمحض إرادتها، فرحت بنصيبها من الكعكة، وتقاتلت على النصف الآخر، فانقض علينا جميعا، الفلول، ورشحوا عمر سليمان للرئاسة، وفي ظل المادة28 من الإعلان الدستوري، اتضحت النهاية الحقيقية لكل شيء.
وكأن الثورة لم تقم فعلا.. وكأنه لم يسقط الآلاف من الشهداء والمصابين برصاص عصابة مبارك ورجاله الذين دافعوا عن وجودهم ومصالحهم.. وكأن جنرالات معاشات المجلس العسكرى الذين ادعوا أنهم حموا الثورة يأتمرون بأوامر مبارك حتى الآن.. فهل يعقل أن يتيح قانون انتخابات الرئاسة لأفراد عصابة مبارك أن يترشحوا.. ويسعوا إلى المنصب.. وهم الذين كان يجب عزلهم ومحاكمتهم على مشاركتهم مبارك فى الفساد السياسى عبر سنوات حكمه؟ فبدلا من محاكمتهم وسؤالهم عن دورهم فى الفساد السياسى والمالى، نترك لهم الفرصة لكى يترشحوا مدعين أن ترشيحهم بناء على ضغط قوى شعبية. 
هكذا يدعى عمر سليمان رجل مخابرات مبارك وصاحب الكثير من العمليات القذرة.. ورجل أمريكا وإسرائيل “هكذا قالوا”، والذى كان يرعى عمليات التعذيب السرية لعناصر ترسلها المخابرات الأمريكية إلى مصر للتحقيق معهم والحصول منهم على معلومات لتعذر تعذيبهم على الأراضى الأمريكية.. وهو الأمر الذى سيظل مسجلا فى الصندوق الأسود لمصر فى انتهاكات حقوق الإنسان.. وبإشراف عمر سليمان.. 
هو الذى كان يرعى نجلى مبارك جمال وعلاء.. ويغطى على تصرفاتهما ويشرف على تهريب أموالهما للخارج… وهو له دور كبير فى تصدير الغاز إلى إسرائيل بثمن بخس ولصالح رجل الأعمال حسين سالم صديق مبارك وعمر سليمان نفسه.. وهو الذى سهل دخول 450 مليون يورو هربها حسين سالم من مصر إلى الإمارات.. بعد أيام من ثورة 25 يناير وباعتباره نائبا لرئيس الجمهورية.. وهناك الكثير من المسكوت عنه فى دوره فى تهريب الكثير من أموال رموز مبارك.. وهو الذى جاء به مبارك نائبا له فى أيام الثورة لإجهاض الثورة.. 
هو صاحب المهام الخاصة والقذرة لحسنى مبارك فى العلاقات مع بعض الدول العربية وأمرائها وشيوخها ومع القذافى غير المأسوف عليه، وهو على علم بكل الأموال التى حصل عليها مبارك باسم مصر.. ليضعها فى حسابات شخصية باسمه ليسهل تهريبها إلى الخارج.. وإدخالها فى شركات وهمية.. حتى لا يمكن استعادتها. وهو شريك أساسى فى حكم مبارك.. وذلك بعد أن وثق به الرئيس المخلوع بعد محاولة اغتياله فى أديس أبابا عام 1995.. 
وأصبح أكثر قربا منه.. ورجله الخاص الذى يعرف كل شىء عنه.. فبدلا من أن يتم القبض على هذا الرجل وسؤاله عن كل أسرار حسنى مبارك وأمواله التى هربها للخارج وكيفية استعادتها.. يُترك طليقا.. ثم يأتى الآن.. ويعلن أنه سيترشح للرئاسة.. فهذا الرجل يده ملطخة بدماء شهداء الثورة مثله مثل مبارك وحبيب العادلى وعصابة الداخلية. 
هو لم يكن فردا عاديا فى عصابة مبارك.. وإنما كان “شيخ منصر” فكيف يأتى الآن وتأتيه الفجاجة.. ويعلن أنه سيترشح فى منصب رئيس مصر.. وللأسف الشديد يتورط الكثير فى السيناريو الغامض الذى فرضه عمر سليمان على الناس فى طريقة ترشيحه.. وأن يتورط صحفى بقامة عادل حمودة ليعلن بيانا رسميا من عمر سليمان، كأنه أصبح الناطق باسمه يفيد باعتذاره عن الترشح فى الرئاسة فى قناة محمد الأمين، الذى لا أحد يعرف حتى الآن من أين أتى بأمواله التى يصرفها يمينا ويسارا على إعلام فلول، هل هى أموال خليجية أم أموال كويتية.. أم أموال رموز النظام المخلوع وعلى رأسه مبارك وأولاده؟ ويدعو سليمان، رجل مخابرات مبارك، بعد ذلك -لاستكمال السيناريو- أنصاره من أصحاب المنافع والمصالح وفلول النظام المخلوع ومقبلى أيادى أيا من كان فى السلطة إلى دعوته إلى التراجع وتنظيم مظاهرة لذلك يشارك فيها أطراف “آسفين يا ريس” من أجل إنقاذ مصر وهو الذى أسهم فى خرابها وتقليص دورها عبر سنوات وجوده بالقرب من مبارك ليخرج علينا ببيان فضيحة، يعلن فيه تأثره بالوقفة القوية وبالنداء إليه بالترشح من أجل استكمال أهداف الثورة وتحقيق آمال الشعب المصرى. 
يا للفجاجة.. عمر سليمان هو الذى سيكمل أهداف الثورة.. إن ترشح سليمان.. هو ترشح حسنى مبارك شخصيا، فالرجل كان خادما مطيعا لمبارك ولم يكن أبدا صاحب موقف من أجل الوطن.. كانت كلها من أجل مبارك وتدعيم موقفه فى البقاء على رأس السلطة فى مصر برعاية أمريكية وإسرائيلية.. لقد بات الأمر واضحا الآن.. فجنرالات معاشات المجلس العسكرى ما زالوا يعملون عند مبارك. وأن عمر سليمان هو مرشح مبارك.. وبديله.. لقد رفض الشعب عمر سليمان عندما فوضه مبارك.. بصلاحيات رئيس الجمهورية.. وهتف: «لا مبارك ولا سليمان مش عايزينه هو كمان»، ليأتى الآن عمر سليمان ليترشح رئيسا.
 
وبدلا من أن يكون عمر سليمان فى السجن الآن لمحاسبته على فساده السياسى مع حسنى مبارك يريدونه الآن ليحتل قصر الرئاسة ولإعادة مبارك مرة أخرى.. والله عيب.
ــــــــــــــــــ
رئيس التحرير التنفيذي لجريدة التحرير المصرية

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.