تحقيقات

أكاديميون يردّون على جريدة القبس: المناهج الدينية لم تكن يوماً سبباً في تدهور التعليم

-حسين السعيدي: انتقاد  المناهج الاسلامية نوع من التكسب

-عويد المشعان: تعلم أبناءنا أصول الدين بلا مبالغة ولا مغالاة

-أنوار الخرينج: “خير الأمور الوسط” ولنترك التفاصيل الدقيقة

-نعيمة الحاي: إذا غيبنا المنهج الديني  فسيخرج لنا جيل بلا روح
 
 
على مدى تسعة أيام طرحت جريدة القبس ملف أزمة التعليم في الكويت، متناولة الموضوع من زوايا عدة باعتباره يشهد حالة تراجع غير مسبوق منذ العشرين سنة الماضية، مشخصة الداء وواصفة الدواء. 
والملف على امتداد حلقاته التسع أجرى عملية تشريح واسعة  للعملية التعليمية بدءاً من قضية المناهج، مروراً بما أسمته حالة الترف التي يعيشها المجتمع والتي قتلت لدى الكثير من الطلاب روح المبادرة إلى  التعلم، وليس انتهاء عند الدروس الخصوصية – تلك المعضلة التي مازالت عصية على الحل- واعتبرت الكويت إلى جانب مصر من أكثر الدول التي تعاني من وجودها.
والملف رغم أهميته وموضوعيته، إلا أنه  حمل تجنياً من نوع ما ضد منهج التربية الإسلامية عندما اعتبرته الصحيفة في سياق طرحها للموضوع أحد الأسباب الكامنة وراء تدهور التعليم، حيت أشارت إلى أن مساحة المنهج الديني أكثر مما يجب، وأن “الحجم الكبير لهذا المنهج جاء على حساب المواد العلمية  والتطبيقية الأخرى، عدا عن عدم جدواه، بالشكل الذي يحتم إعادة النظر في مسألة نوعية التعليم الديني التي يجب تدريسها للطلاب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين ذكرت أن المدرسة ليست هي المكان المناسب لغرس القيم الدينية. 
سبر بدورها طرحت هذا الموضوع على عدد من الأكاديميين والتربويين وسألتهم إن كان منهج التربية الإسلامية أحد أسباب تراجع التعليم في الكويت، وهل هو بالفعل يحتل مساحة أكثر مما يجب؟
بداية قال أستاذ في الشريعة الإسلامية الدكتور حسين السعيدي ان مناهج التربية الاسلامية موضوعة ومعدة من قبل لجان تربوية مختصة، فهي (المناهج) لم توضع اعتباطا بل لها اهداف وغايات نبيلة، مؤكدا ان  إثارة هذا الأمر ومحاولة تحميل منهج التربية الإسلامية مسؤولية تراجع التعليم ينطلقان من أجندات يتبناها بعض السياسيين الذين لايستطيعون أحياناً مداراة الوجه الطائفي أو السياسي  لهم، فهؤلاء يعلمون انهم ليسوا اصحاب اختصاص ولذلك ينبغي ألا يتحدث عن مثل هذه الامور الا أهل الاختصاص من التربويين وذوي الخلفيات العلمية، مشيرا الى أن وزارة التربية مليئة بالطاقات والكوادر التي تستطيع أن تعيد صياغة المناهج  بين فترة وأخرى.

وعن التعليم الديني النظري عبر النصوص، وما إذا كان هذا النوع لا يؤدي (حكماً) الى غرس القيم والأخلاق في النفوس، على افتراض أن النصوص غير مصاغة بطريقة تؤدي بالمتعلم إلى اكتساب سلوكيات محددة، قال السعيدي: طبعا هذا الجانب يحكم به ويتحدث عنه اصحاب التخصص، مضيفا: ليس فقط مناهج التربية الاسلامية جميع المناهج، مشمولة بهذا الأمر فمن يجب أن يثير الجوانب لسلبية والايجابية هم ذوو الاختصاص، مضيفا ان وزارة التربية هي الاقدر على التعامل والتعاون مع جامعة الكويت في قضية المناهج التي تدرس في مدارس الكويت.

بدوره، قال أستاذ علم النفس الدكتور عويد المشعان ان المناهج التربية الاسلامية ليست ضرورية بفقط بل هي ضرورة ملحة، موضحا ان مناهج التربية الاسلامية تعلمنا  اصول الاسلام “ولا نريد المغالاة والمبالغة”، وذكر أننا نحن افضل من غيرنا كثيراً ومناهج التربية الاسلامية منهج متفق ومناسب ولا يوجد هناك من اشتكى من الأمر، وتساءل باستغراب: لماذا في الوقت الراهن تحديداً تبرز هذه المشكلات؟! ويضيف: في السنوات الماضية لم تكن هناك أي مشكلة في مناهج التربية الاسلامية، مشيرا الى أننا نريد الشيء المتوازن المعقول والمقبول دون مبالغة.

وأكد المشعان ان هناك من الأشخاص من يريد ان يؤجج الأمور ويثير كثير من اللغط حول الموضوع، مضيفا أنه ضد هذه الأشياء في الطرح وفي التقليل من شأن دور المناهج التربية الاسلامية.
وأوضح انه لابد ان يكون هناك توازن ما بين مناهج التربية الاسلامية وما بين المناهج العلمية، فلا يجوز ان أترك شيئاً  على حساب شيء آخر، ومن غير المعقول كذلك أن يوجد شخص بيننا لا يعرف معتقداته ولا يعرف أصول دينه ولا يعرف الكثير من الأمور الدينية فهذا صعب جدا، وبالتالي لابد للفرد أن يعرف دينه الإسلامي، مشيرا الى ان الكثير من الشباب لا يحفظ شيئاً من الآيات القرآنية.

وعن رضاه عن منهج التربية الاسلامية فال المشعان: أنا لم اطلع على المنهج من الأساس فلا أستطيع ان أحكم عليه بحكم نهائي، ولكن على حسب المعلومات اللي عندي وعلى حسب معلومات الطلبة وهم أبناؤنا فيؤكدون انه مقبول ومعقول ولا توجد أي مشكلة عليه، ولكن كل منهج يحتاج الى تنقيح وتعديل وهذا الأمر ليس فيه أي مانع ولكن يكون روح الاتفاق والتوافق فلا نريد على حساب أشياء أخرى.

من جهتها قالت أستاذة الخدمة الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور أنوار الخرينج ان اناهج التربية الاسلامية هي جزء مهم من المنهج خصوصا في المرحلة الابتدائية، مؤكدة ان الطفل لابد أن يتعلم الاساسيات من الصغر خصوصا ان دين الدولة الاسلام، فنحن لا نتكلم عن الآخرين من الأجانب الذين لا يعتنقون الديانة الاسلامية.

وعن اختيار او اعتماد تعليم ديني اسلامي نوعي معد خصيصا يلبي حاجات التلاميذ من الثقافة الاسلامية المدرسية ويلائم عقولهم من دون افراط او تفريط قالت: “خير الأمور الوسط” فمن المفترض ان المنهج المخصص للطالب يتكلم عن الدروس العامة أما التفاصيل الدقيقة لا أفضلها ان تكون موجودة وهذا على حسب رأيي الشخصي فعلى سبيل المثال يعلمون الطفل الصلاة وفي أوقاتها وكيفيتها وعدد ركعاتها وطريقة السجود والركوع والتشهد والى آخره وعندما يذهب الى المنزل يرى هناك اختلاف فما هو موقف الطفل فإما ان يفكر ان تكون المدرسة على خطأ او أن أهله على خطأ وفي الحالتين لا يكون الوضع مريحاً وسوف  الطفل مشتتاً والرؤية غير واضحة لديه.

وتابعت قائلة: نحن لا نريد للطفل أن يصل الى هذه المرحلة، فأنا من رأيي ان تكون الامور العامة من حيث المعتقدات أما في التفاصيل الصغيرة من العبادات والطقوس تترك الى ولي الأمر يدرب طفله للامر الذي يراه مناسبا.

وحول استطاعة المدرسة ايصال المعلومة الدينية الى عقل الطفل او تدني مستوى التعليم في البلد تكون عائقا ما بين المعلم والطالب فأوضحت أنا اعتقد ان الاطفال لدينا في الأسرة لم يشتكوا من ذلك، مشيرة الى أن هناك كمية كبيرة من الحصص فعلى سبيل المثال هناك حصة قرآن وحصة تفسير وتلاوة فأنا أراى أنها في نظري حصص كثيرة فمن الممكن ان تكون حصة التربية الاسلامية تعطي جميع الدروس التي ذكرناها، أما ان التربية الاسلامية كمنهج صعب ولا يستوعب الطفل فلا أعتقد ذلك.

 
مادة مهمة

وقالت الناشطة السياسية والإعلامية المهندسة نعيمة الحاي ان مادة التربية الاسلامية مادة جدا مهمة، واستذكرت في سنوات السبعينيات والثمانينيات حين كان الطلبة الذين لا يدرسون التربية الاسلامية لأنهم يعتنقون الديانة المسيحية فكانوا يتعاملون معها كمادة ويحضرون دروس التربية الاسلامية من باب المعرفة وكأنها مادة بالنسبة لهم، فما بالك عندما نتكلم عن أبنائنا وهم مسلمون خصوصا انهم في ظل العولمة والقنوات الفضائية الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الأشياء التي تكون  سبباً في  الانحرافات السلوكية.

وأضافت: فإذا كان منهج التربية الاسلامية لا يدرس باخلاقها وبعقائدها وبالشخصيات الإسلامية وبالتاريخ الاسلامي مرورا بالغزوات وانتهاء بالفتوحات، فسوف يصبح عندنا جيل يخرج للدنيا فاقد الروح الاسلامية، واذا تركنا الحبل على الغارب وانتزعنا مادة التربية الاسلامية من مناهجنا فكأننا نرمي أطفالنا الى المجهول دون معرفة الامور التي سوف يواجهونها في المستقبل ونجعلهم بلا مراجع دينية.

وما اذا كان منهج التربية الاسلامية يحتاج الى تنقيح او تعديل قالت الحاي: جميع المناهج تحتاج الى تعديل وجميعنا نعلم ان جميع المناهج بحاجة بين فترة وأخرى وكذلك المناهج العلمية والأدبية الى تنقيح وتهذيب ورفع واضافة على حسب ما تؤول الأمور من متطور من اختراعات وابتكارات وغيرها، مشيرة الى ان فهناك امور تحتاج الى مساواة ما بين جميع الطوائف، والامور التي فيها التشدد والتي تكون مختلفين فمن الأفضل أن لا تذكر.

ورأت الحاي ان الطائفتين من السنة والشيعة متفقون فيما بينهم بما يقارب 80 في المئة من الامور الفقهية والعقائدية وغيرها و20 في المئة التي تكون اختلاف فيها فلا داع ان تذكر ولا نركز عليها، فالامور التي نتفق فيها هي التي تدرس أما الامور التي فيها الشد لا يركز فيها.