كتاب سبر

(الليبراليون وتحكيم الشريعة)!!!

 التحاكم إلى شرع الله أمر غير قابل للنقاش وتحكيم الشريعة قضية مسلمة عند من أنار الله قلوبهم، ولكن هناك أناسا لا يرجون لأمر لله وقارا ويزنون شرع الله و القوانين الوضعية بميزان واحد بل ويحاولون عزل الشريعة عن حياة الناس ولو أدى ذلك إلى خرق قواعدهم الهشة التي لم تبن على اساس سليم وهم الليبراليون!.
وانا سأتزل لليبرالين على قواعدهم_ التي وسعت كل رأي شاذ ورحبت بكل أفكار منكوسة وضاقت بشريعة الله ذرعا ولم تطق سماع اسمها فضلا عن قبولها كرأي من الآراء_ وانا بفعلي هذا اتبع اسلوبا من اساليب المحاججة التي دل عليها قوله تعالى{وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}يقول الإمام القرطبي( هذا على وجه الإنصاف في الحجة)!.
فالليبراليون الذي ينادون باحترام الديمقراطية واحترام اختيارات الشعب للطريقة التي يحب أن يُحكم بها وهم في الوقت نفسه يحاربون ويتخوفون من كل ما يمت للشريعة بصلة غير مطردين مع أصولهم وغير منسجمين مع ما يدعون إليه فتطبيق الشريعة الذي يأتي عن طريق صناديق الاقتراع واختيار أغلبية الشعب لا يحيل الدولة إلى دولة كهنوتية كما يسمونها كما قرر ذلك أساطين الليبرالية في الغرب والذين يعدهم ليبراليو العرب قبلة لهم وهم عالة عليهم في الطرح والأفكار!!، فهذا توماس هوبز وهو واحد من منظري الدولة المدنية العلمانية يقول:(إن الكتاب المقدس لا يصبح قانونا إلا إذا جعلته السلطة المدنية الشرعية كذلك)!.فهو لا يمانع أن يصبح الكتاب المقدس(الشريعة في فهمه) قانونا إذا أُقر عن طريق الدولة المدنية!!.
ويقول اسبينوزا:(إن الدين لا تكون له قوة القانون إلا بإرادة من له الحق في الحكم)!.
ومن له الحق في الحكم في الأنظمة الديمقراطية؟! أليسوا الأغلبية!!.
فعندما يختار أغلبية الشعب تطبيق شرع الله لا يسع من يتغنى بقول جان جاك روسو:(أنا اخالفك الرأي ولكني مستعد لتقديم حياتي ثمنا لاحترام رأيك)!! إلا أن ينصاع ويرضى لاختيار الأغلبية وإلا كان كاذبا في ادعائه احترام الرأي الآخر واختيار الأغلبية!!.
والحقيقة أن الليبراليين يفتقدون للشجاعة الأدبية والمصداقية وهذا سبب تراجع الليبرالية في الكويت كما ذكر ذلك شاكر النابلسي في كتابه (الليبراليون الجدد) وهو من أساتذتهم المعتبرين!!.
فاليبراليون الذي يتخوفون من الشريعة بحجة أنها تمارس إقصاء الآخر وتحد من حرية المجتمع هم أنفسهم لا يمانعون من وضع قيود للحرية ولا ينازعون في ذلك ولكن يختلفون في ماهية القيود، بل إن الحرية المطلقة لا توجد عند أمة من الأمم كما يقول الشاطبي مقررا ذلك:(( ما علم بالتجارب والعادات من أن المصالح الدينية والدنيوية لا تحصل مع الاسترسال في اتباع الهوى والمشي مع الأغراض لما يلزم في ذلك من التهارج والتقاتل والهلاك الذى هو مضاد لتلك المصالح وهذا معروف عندهم بالتجارب والعادات المستمرة ولذلك اتفقوا على ذم من اتبع شهواته وسار حيث سارت به حتى إن من تقدم ممن لا شريعة له يتبعها أو كان له شريعة درست كانوا يقتضون المصالح الدنيوية بكف كل من اتبع هواه في النظر العقلي وما اتفقوا عليه إلا لصحته عندهم وإطراد العوائد باقتضائه ما أرادوا من إقامة صلاح الدنيا وهى التي يسمونها السياسة المدينة فهذا أمر قد توارد النقل والعقل على صحته في الجملة وهو أظهر من أن يستدل عليه )!.
والشاطبي يذكر اجماع العقلاء فلا عبرة بمن شذ ممن انتكست فطرته كما يقول العلامة محمد الخضر حسين:(ولا يلحق هذا الحال أن تعتل أذواق قوم وتساورهم شهوات طائشة ،فيقيموا هذه الاذواق مقام العقل وتلك الشهوات مقام المصلحة)!!!.
فعندما تختار أغلبية الشعب أن تجعل الشريعة هي قيود الحرية فالواجب أن يسلم الأقلية لهذه القيود لأن الديمقراطية التي ارتضوها ابتداء تلزمهم بذلك وإلا كانوا كاذبين بادعاءاتهم وهم كذلك!!.
ومما يحزن أن الأحزاب التي تسمى إسلامية تجامل على حساب دين الله وتمارس الكفر الصراح بعدم تطبيق شرع الله مع القدرة على ذلك تحت ذريعة فقه المرحلة ومحاكاة الواقع!!،فعندما رأوا أن عامة المسلمين متعطشون لشرع الله استغلوا هذا الشعور الطيب في نفوس المسلمين ووعدوهم بتطبيق شرع الله فور وصولهم فلما وصلوا لسدة الحكم قلبوا على عامة المسلمين الطاولة!!
وما تونس عنا ببعيد!!
ابو الجوهرة
تويتر:a_do5y