جرائم وقضايا

سبر وعبيد الوسمي .. إلى التحقيق

حضر الزميل سعود العصفور بصفته ناشر جريدة سبر اليوم التحقيق في قضية رفعها أحد المواطنين ضد جريدة سبر والنائب د.عبيد الوسمي على خلفية مقالة كانت سبر قد نشرتها للوسمي بعنوان (الخليج.. بلاد المؤمنين) وهي المقالة التي اعتبرها الشاكي تمس الثوابت الدينية وتزدري الدين الإسلامي والأذان وتدعو إلى الخروج على ولاة الأمر بالإضافة إلى إضرارها بالعلاقات الخليجية على حسب الشكوى التي تقدم بها. 
وقد حضر الزميل سعود العصفور إلى التحقيق بصفته قدم نفياً لما ورد في شكوى المواطن، كما قدم إلى جهة التحقيق مقالين نشرتهما سبر للوسمي أحدهما المقال محل الشكوى والآخر مقال كتبه الوسمي لاحقاً لتوضيح وجهة نظره في المقال الأول. 
يذكر بأن مقال (الخليج .. بلاد المؤمنين) قد أثار جدلاً واسعاً بعدما نشرته سبر في شهر يونيو من العام الماضي وقد كتب عدد من كتاب الرأي ردوداً واسعه على المقال آنذاك.. وسبر تعيد نشر المقال مرة أخرى :
الخليج.. بلاد المؤمنين..! 
كتب: د.عبيد الوسمي
أيها المؤمنون: أما بعد

في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة المطالبات ويرتفع سقفها، وفي الوقت الذي ينادي فيه العالم بصوت الحرية والعدالة والمساواة، فقط دول الخليج تقف موقف الرافض لهذه المطالبات، ضاربة بعرض الحائط كل الأحداث الإقليمية وما ينتج عنها من متغيرات ومُنكِرة لقوانين الطبيعة وحتميات التطور المدني.!

فقط في الخليج تطالب الحكومات الخليجية لنفسها بمزيد من النفوذ و السلطة وتسعى إلى مزيد من الصلاحيات في مواجهة شعوب لا تمل من المطالبة .. بلا شيء.. ومع ذلك ضاقت النظم بهامش الحريات السياسية المحدود فانقلبت على شعوبها حاملة شعار ” النظام ..يريد.. إسقاط الشعب”..

في الخليج.. المطالبة السياسية جريمة أمن دولة، والتظاهر جريمة أمن دولة، ونقد السلطة جريمة أمن دولة، و الهمس جريمة أمن دولة واللمس قد يشكل جريمة أمن دولة، باختصار أمن الدولة هو ما تريد السلطة أن يكون كذلك !.. في الخليج كل من يتولى مسئولية .. هو ولي أمرنا، أيا كان موقعه وأيا كانت صلاحياته وله بهذه الصفة علينا واجب الطاعة “.. حتى وإن جلد ظهرك” و في الغالب سيقوم بذلك !! و لذلك الشرطة في خدمة الشعب ولها علينا حق التأديب!!

فقط في الخليج الدين له استعمالات سياسية.. ونصبح متدينين أكثر مع كل أزمة سياسية.. داخلية كانت أو خارجية.. فرجال الدين هم من يذكرنا دائماً بالطاعات ويحذرنا من المعاصي و الكبائر، وأكبرها مخالفة السلطة، فمخالفتها معصية لله تعالى و لذلك فإن مسائلة المسؤول محرمة شرعا، وفي ذلك أفتى الخبراء.. يذكروننا بالصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبالزكاة لأنها مظهر من مظاهر التضامن الاجتماعي بين الغني والفقير، وبالحج حتى نعود كما ولدتنا أمهاتنا.. ولذلك شعوب الخليج كما ولدتهم أمهاتهم !!.. لكننا لم ولن نسمع يوماً “كلمة حق قيلت في وجه سلطان جائر”.. والسبب في ذلك واضح فليس في الخليج  أصلاً وزير جائر ولا حتى نائب جائر ، لكن فيه شعوب جائرة، ناكرة للجميل، حاقدة على السلطة، شعوب ” نسوا الله فأنساهم أنفسهم” شعوب لا تدرك بأن مسؤوليها لا ينامون الليل سهراً على أمن البلاد والعباد وفي أوقات الإجازة في التقرب إلى لله عز وجل، في باريس أو جنيف أو في أماكن جديدة  وباردة من أراضي الله الواسعة  لنشر الدعوة !!

أمن الخليج يجب أن يكون مستتباً لأن بلاد الخليج مستهدفة، تارة من الصهيونية وتارة من الاشتراكية والإمبريالية الغربية وربما  من “عدوية” !!.. خلاصة القول إنها دائما مستهدفة وشعوبها في خطر عظيم، لكن لماذا ؟ و ممن؟! ليس من حقنا أن نسأل، ولا يجب أن نسأل، لأن أسرار الدولة يجب أن لا تناقش.. إلا في مكان ما.. ليس من الضروري أن نعرفه!! أرض الخليج  بلاد الأنبياء والرسل ولذلك تراب الخليج مقدس وكذلك دواوين مسئوليها.. ففيها يقرأ القرآن.. وتسمع صوت المنادي “حي على الفلاح”.  لكن أين فلاح؟.. ذهب في رحلة قنص!

الخليج .. بلاد الصلوات.. و الثروات .. و البركات.. في الخليج ننتقد كل شيء، وأي شيء، ننتقد السلطة التي نأكلها ولا ننتقد السلطة التي تأكلنا!! في الخليج تستطيع أن تنتقد أمريكا والصهيونية و الماركسية، لكنك لا تستطيع ان تنتقد وزير الداخلية …..فالطاعة لولاة الأمر واجبة حتى ولو قتل إنساناً بريئاً، فما يدرينا أصلا أنه برئ؟!.. ألا تعلم هذه الشعوب الجاحدة أن السلطة دائما على حق وأن الشعب دائما على باطل؟! و أن الباطل كان زهوقا. ولذلك إزهاق الشعب وإرهاقه تكليف لابد من القيام به!! تستطيع أن تصف الرئيس الفرنسي بالشذوذ و المجون لكنك لا تستطيع أن تصف مسئولاً خليجياً بعدم الحكمة!!

في الخليج نعتبر إسرائيل دولة قمعية لأنها تقتل الأبرياء وتنتهك الحرمات و تدنس المقدسات، لكننا لا نرى بأسا أن يقتل الشعب السوري كاملا و تنتهك أعراض نسائه المسلمات ولا بأس في هدم المساجد هناك، فهي مجرد مبان.. والله يعبد في كل مكان وقد جعلت لنا الأرض مسجدا و طهورا .

في الخليج ثلاثون عاماً ونحن نحلم بمسيرة وحدة لم تكتمل، لكننا فجأة نطالب الخليج أن يكون أطلسياً، فالجغرافيا ليست مهمة بالنسبة لنا طالما كان البترول وأموال البترول لنا، فنستطيع أن نجعل باكستان عربية والمكسيك دولة إسلامية!! في الخليج طالب بكل شيء لكن لا تطالب بتطبيق القانون !.. لا تطالب بالاحترام أو المساواة، لا تطالب بالعدالة، لهذه الأسباب .. خليجنا واحد و شعبنا واحد.. الخ.

في الخليج لسنا بحاجة للديمقراطية الغربية المستوردة .. فنحن نمارس الديمقراطية الخاصة بنا، فأبواب أمراء المؤمنين مفتوحة لاستقبال المؤمنين صباحاً.. والمؤمنات مساءاً !!.. وحي على الفلاح.. عاد فلاح.. أهلا فلاح !!
في الخليج…. الديمقراطية محرمة ولماذا لا تكون مجرمة؟! لأنها بدعة غربية، و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،أما الأسبرين و المورفين و الكوكايين فبدع مستحبة بإجماع الفقهاء.. والحكماء.. والنشطاء.

في الخليج نقد السلطة إنكار  ل”قدر معلوم من الدين بالضرورة “، أما الضرورة فتجيز تزوير إرادة الأمة، بل تزوير الأمة كلها.. لأن الضرورات تبيح المحظورات. و في الخليج يمكن أن تجد كائنات حية ترسم السياسة العامة للدولة و كائنات أخرى بالكاد تكون حية “تعبر عن إرادتنا” فيا لبؤس هذه الإرادة. والشعب مصدر السلطات و المشويات جميعا.

في الخليج.. لماذا الخليج؟!!.. في المحيط.!!.. نعم المحيط.. المحيط العربي..

و نحن شعب المحيط.. إذا أنا لست خليجيا.. أنا محيطي !!

من المحيط : عبيد محمد الوسمي