كتاب سبر

مصر في اتجاه اللبننة

تسير مصر بقوة هذه الأيام في اتجاه النموذج اللبناني، حيث أصبح لدى عدد من القوى السياسية، ميليشيات تهدد بنزولهم إلى الشارع في حال عدم تنفيذ ما تطلب.
جماعة الإخوان المسلمين فعلت ذلك، عندما قامت باستدعاء كل أعضائها في مليونية الجمعة الماضية التي أطلقت عليها، “حماية الثورة”،  كنوع من استعراض القوة، والمرشح الرئاسي حازم أبو إسماعيل، وفريقه “حازمون”، يفعلون ذلك على الدوام، مرة عندما ذهب لتقديم أوراق ترشحه، ومرة عندما حاصروا محكمة القضاء الإداري، ومرة عندما حاصروا اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة.
الموقف يبدو أكثر اتضاحا، بعد صدور قرارات استبعاد المرشحين العشرة، الغير مستوفين للشروط، فخرج الشيخ حازم أبو إسماعيل ليهدد بأن القرار الرسمي إذا كان به اختراق للدستور “فعليهم أن يتحملوا النتيجة”، وطالب أبو إسماعيل أنصاره، ألا يتحركوا، وأن ينتظروا، قائلاً: “نحن في حالة رباط ولن نتراجع، ولن نصمت على اختراق اللجنة العليا لقرار القضاء وإذا كان هناك تزوير فليتحملوا النتائج المترتبة”.
حالة الرباط، تعنى أنهم ميليشيات في انتظار إشارة لأن يتحركوا، وهو ما كشفه يوسف صقر، محامى أبو إسماعيل، عندما قال أن مؤيديه في حالة جاهزية شديدة للتحرك إلى الميادين بالمحافظات للاعتراض والاحتجاج، إذا لم يتم تصحيح مسار القرار الصادر من اللجنة العليا للانتخابات.
لكن حالة اللبننة، لم تتوقف عند أبو إسماعيل، فالإخوان يهددون بميليشياتهم أيضا، فالمرشح الإخواني المستبعد خيرت الشاطر، هدد في مؤتمر له بالنزول إلى الشارع، إذا استمرت قرارات اللجنة في اتجاه التضليل، والتزوير لصالح فلول النظام السابق، على حد تعبيره، مضيفا “سندفع دماءنا ثمنا لها، ولن نرضى برجوع نظام مبارك، وسنستمر في الجهاد والعمل، حتى نقيم الحق ودولة العدل”.
ما يحدث معناه أن مصر في انتظار رئيس يأتي بالإرهاب، والتهديد،  وهو ما يجعلنا نطرح سؤالا، هل يمكن أن يكون حازم صلاح أبو إسماعيل رئيسا، بتلك الطريقة التى يحرض فيها أنصاره على اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة.. وعلى المجتمع كله؟ هل يمكن أن يكون حازم صلاح أبو إسماعيل رئيسا بالتضليل، بحكم لا يسمن ولا يغنى قانونيا بأن تمنحه وزارة الداخلية شهادة بجنسية والدته! ومن قال إن السيدة والدته ليست مصرية الجنسية، بل حصلت على الجنسية الأمريكية.. ولم تقدم أي أوراق إلى الداخلية المصرية للاستئذان في الحصول على الجنسية الأمريكية مثلها مثل غيرها من آلاف المصريين، بل ربما يصل عددهم إلى ملايين، هاجروا منذ سنوات طويلة وربما لم يعودوا إلى البلاد.
 وأود أن أؤكد أننى ضد النص الذى يمنع أى مواطن من الترشح للرئاسة اعتمادا على جنسية والديه، ولكن هذا ما حدث نتيجة الترقيعات الدستورية التى أجراها المجلس العسكرى بعد الثورة، ونتيجة استفتاء 19 مارس الذى وقف فيه أنصار أبو إسماعيل وحلفاؤهم من فرق السلفيين وجماعة الإخوان مع العسكر من أجل الجهاد بنعم على الترقيعات الدستورية.. ورحبوا وأقاموا الأفراح على النتيجة بنعم.. ووصل بهم الأمر إلى تكفير من قالوا لا،  وهم يأتون اليوم ليقولوا لا..
وهم الذين وافقوا على ديكتاتورية اللجنة العليا للانتخابات من خلال المادة 28، التى تعطيها حصانة فى قراراتها وهم الآن يقولون لا.. وهم الذين تركوا الثوار فى الميدان.. ليتقاسموا «ثورته» الثورة مع الإخوان و«العسكرى» على حساب مستقبل هذا البلد.. هكذا فجأة اكتشفوا أن «الترقيعات» الدستورية وتوابعها من إعلان دستورى وقانون انتخابات الرئاسة تمنع حازم صلاح أبو إسماعيل من الترشح للرئاسة فقرروا أن يعتصموا ويهددوا بتوليع البلد.
لقد ثبت أن أوراق والدة حازم صلاح أبو إسماعيل أمريكية وبالتفاصيل التى أتت من أمريكا.. ومن مقربين من شقيقة أبو إسماعيل وزوجها.. حيث كانت تقيم معهم السيدة نوال عبد العزيز نور والدة المرشح الرئاسى.
لكن حازم صلاح أبو إسماعيل لا يريد أن يكذب نفسه.. وأخذته العزة بالإثم ليطلق أنصاره على اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وعلى المجتمع لدرجة قيامهم بمحاصرة اللجنة.. إنه التضليل الذى يمارسه المرشح الرئاسى.. تضليل أنصاره.. وتضليل المجتمع كله.
فهل يجوز أن يكون مثل هذا الشخص رئيسا يكذب على الناس أيضا؟!
لقد كفر الناس بتجربة النظام المخلوع فى الكذب والتضليل على الناس.. بعد أن انكشف لهم حجم الكذب والضلال الذى كان يمارسه مبارك وعصابته فى نهب البلاد وتزييف الوعى العام، عن طريق وسائل إعلامه وأجهزته الأمنية، التى استطاعت السيطرة على كل شىء فى البلد، بما فى ذلك وسائل الإعلام الخاصة من أجل خدمة النظام وعائلته وعصابته، وهم يستعيدونها الآن من أجل الترويج لوريثه ونائبه عمر سليمان فى إعادة النظام من جديد.. وقد عاد أصحاب «الورنيش» لتلميع الرجل وغسله من جديد وهم أنفسهم الذين كانوا يروجون للنظام السابق.. حتى فى أيام الثورة. ولم يختشوا على دمهم كما لم يختشِ عمر سليمان أيضا ويجرؤ على ترشيح نفسه.. وسعيه إلى تولى منصب أول رئيس بعد الثورة.. بعد أن لفظه الشعب والثوار وتم خلعه مع رئيسه.. ومع هذا فالسيد حازم صلاح أبو إسماعيل أخذته العزة بالإثم.. ولا يريد أن يظهر أمام أنصاره أنه كذب عليهم فى شأن جنسية السيدة والدته فيطلق كلاما غثا.. وهو المحامى الذى يلف ويدور ويناور.. ويعلم جيدا أن الحكم الذى صدر من مجلس الدولة ليس له فائدة.. وأن الأوراق بعد شهادات كثيرة تثبت الجنسية الأمريكية لوالدته.
يا أيها المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل، الرئاسة لا تأتى بالتهديد أو بتوليع البلد من خلال تضليل الأنصار والناس، وإنما تأتى بالإخلاص والعمل على التخلص من الديكتاتورية والاستبداد.. وبالعمل على تحقيق أهداف الثورة.. إن الناس تريد الصدق ولا تريد الكذب والتضليل.
 
رئيس التحرير التنفيذي لجريدة التحرير المصرية