بورتريه

سمير سعيد .. يجبر الكويت على رعاية اعتزاله

بمناسبة الذكرى الاولى لرحيل حارس المنتخب الوطني ونادي العربي سمير سعيد، تعيد سبر نشر هذا الـ”بورتريه”. 

سمير سعيد حارس منتخب الكويت والنادي العربي ورجل الأعمال الذي سحب البساط من تحت السياسيين وجمع الكويتيين كلهم حوله في محنته لينسج بين قلوبهم خيوطه مكوناً منها شباكاً تشدهم بعضا إلى بعض وليقف هو حتى في غيبوته كما في أيام مجده حارساً امامها يذود عنها التسديدات والضربات ليبقيها نظيفة ناصعة لاتدنسها تلك التقسيمات المذهبية والمناطقية.
وسمير كعمره الرياضي كان مشواره مع الحياة قصيراً اذ لم يكمل عامه ال49 لكنه أبى إلا ان يشيد عرشه في قلوب محبيه من خلال انجازاته وعطاءاته ودماثة أخلاقه.
ولد حارس الأزرق الكويتي في عام 1963 وهو الابن الوحيد لوالديه والذي اغناهم بانجازاته الوطنية والشخصية عن كتيبة كاملة من الأبناء، فلقد بدأ مشواره الرياضي باكرا حيث فرض نفسه في حراسة مرمى المنتخب وهو في عمر ال19 فقط فيعام 1984 إلى ان اعتزل اللعب الدولي عام 1992 شارك خلالها في العديد من البطولات الدولية والخليجية التي كان أبرزها كأس الخليج “10” كما حاز على المركز الثالث مع ” الأزرق ” في كأس آسيا عام 1984، وقاد المنتخب الكويتي في بطولة الألعاب الآسيوية في الصين اثناء الاحتلال الغاشم للبلاد ليوصل هو وزملائه رسالة إلى العالم أجمع وهي أن شمس الكويت لاتغيب.
وعلى المستوى المحلي لم يفارق سمير سعيد القلعة الخضراء طوال مشواره الرياضي اذ حقق مع ” العربي” العديد من البطولات إلا ان كأس الأمير عام 1992 كان مميزا بالنسبة له ولمحبيه اذ عبر بفريقه عقبتي دور الأربعة والنهائي بتصديه لثلاثة ركلات ترجيحية في كل منهما ليحصد بذلك ثاني بطولة له في كأس الأمير بالإضافة إلى اربعة القاب في الدوري وبطولتان في كأس ولي العهد.
اللقب الأبرز للراحل كان حصوله على جائزة “أفضل حارس مرمى على مر العصور في القارة الآسيوية” التي اختاره لها الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء.
له عدة بنات وولد واحد فقط رحل عنهم مبكرا إلى انه ترك لهم رصيدا كبيرا من حب الناس واحترامهم لأنه يعلم ان ارصدة البنوك تنفد وارصدة القلوب هي فقط من تتضخم.
ذكر في احدى لقاءاته التلفزيونية ان طفولته كانت مميزة نظراً لأنه الأبن الوحيد لأبيه حيث كان يجد ” العيديات” وقد جمعت عند رأسه صباح كل عيد فطر واضحى يستيقظ فيه، الا انه لم يستيقظ من غيبوبته ليرى الناس قد جُمعوا في طوابير لأجل ان يتبرعوا له بالدماء التي يحتاجها للبقاء.
وعلى الصعيد الإنساني يتحدث الجميع عن اسهامات الراحل وعطاءاته إلا ان احدا لم يستطع تقدير حجمها لأن يمنيه لم تعرف الأضواء فهي تبحث عن الأيتام والمحتاجين في ظلام حاجتهم فيما تجلس شماله مع الإعلام للتنبوء بما تفعله تلك اليمين أثناء غيابها.
لم يُقم أي مهرجان لاعتزاله كرة القدم ربما لأنه قانع بنصيبه من الشهرة لكن المهرجانات والمشاعر المحبة اقيمت من اجله عند اعتزاله الحياة حين صدمت سيارة اثناءممارسته لرياضة المشي.
سمير سعيد رحل لكنه لم يرحل كباقي الشخصيات المشهورة فقد وحد الفرقاء واسكت مدافع الكراهية والهدم، وإن لم تطلق تلك المدافع 21 طلقة في جنازته فقد تمنى الكثيرون من مشعلي تلك النيران اصحاب المناصب نهاية كنهايته.