كتاب سبر

خوارج السياسة

يا سبحان الله، كانت الكتب تحكي لنا عن الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وزايدوا عليه، وكفّروا بعض الصحابة، وشنوا عليهم الحروب، بدلاً من محاربة الخصوم… واليوم تحكي لنا الصحف والأحداث عن “خوارج السياسة في الكويت”، الذين خرجوا على الكتلة الإصلاحية وزايدوا على قادتها، وبدلاً من أن يحاربوا الفاسدين وأيتام الفاسدين، وجّهوا سهامهم إلى صدور الإصلاحيين ونحورهم.  
لاحظوا من هم خصوم خوارجنا السياسيين، ودققوا في الأسماء؛ أحمد السعدون، مسلم البراك، خالد الطاحوس، د. جمعان الحربش، د. فيصل المسلم، د. وليد الطبطبائي، فلاح الصواغ، ووو، هذا من جهة النواب، أما من جهة الإعلاميين فأعداؤهم هم الكاتبجي محمد الوشيحي وسعد العجمي وآخرون… ولا ترفع حاجبيك دهشة وتسألني لمَ لم يحاربوا النواب المتمصلحين الكذابين والإعلاميين المرتزقة؟ ولمَ لم تنطلق من مدافعهم حتى بعوضة واحدة لتلسع نواب الفساد؟… فأنا مثلك أرفع حاجبي وأسأل وأنتظر الإجابة. 
يا سيدي، خذ مني هذه الكلمة وتفحصها، وإن شئت اقبلها أو فقبّلها وضعها على الرصيف ليلتقطها عمال البلدية ويرموها في الحاوية… هؤلاء خوارج، بالجيم لا القاف. وكما انقلب خوارج الدين على الصحابة، وأطلقوا على نفسهم اسم “الفرقة المؤمنة”، وطعنوا في عقيدة الإمام وجيشه، كذلك انقلب خوارج السياسة على أصحابهم، وكالوا لهم التهم، الواحدة تلو الأخرى، فجمعان الحربش “قبّيض” كما يرون، والصواغ جبان، والبراك أجبن منه، والسعدون باع مبادئه واشترى كرسي الرئاسة، ومحمد الوشيحي “قبّيض” هو الآخر، وسعد العجمي ينفذ أجندة التكتل الشعبي التي تهدف إلى “جني الأرباح”، ويا سلام سلم. وأتمنى ألا تعود بذاكرتك إلى منظر ساحة الإرادة التي تساقطت فيها “غُتَر” هؤلاء “الجبناء والقبّيضة” في حربهم ضد الفساد الأعظم بآلياته الضخمة وأمواله الأضخم.
هؤلاء خوارج، عليّ الحرام. وإذا كان خوارج الدين قد خلخلوا جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد خلخل خوارج السياسة، أو يريدون خلخلة الكتلة الإصلاحية. وكما حرص دهاة جيش معاوية على تزويد الخوارج بالسلاح وشحن قلوبهم ضد الإمام وجيشه، كذلك حرص دهاة لصوص الكويت على شحن قلوب “خوارج السياسة” على الكتلة الإصلاحية، ودعمهم إعلامياً. 
وكما سار خوارج الدين، بلا تفكير، خلف “الراسبي” الذي يريد تحقيق أمجاده الشخصية، ها هم “خوارج السياسة” يسيرون خلف “راسبي الكويت” الذي لا يهمه سوى تحقيق أمجاده الشخصية وإظهار أصحابه الذين دافعوا عنه بالأمس بمظهر اللصوص الخبثاء. والله يعلم من هو الخبيث.
ولا يغيظك شيء كما يغيظك طفل أهوج، يريد أن يلفت الأنظار إليه، ويستغل انشغالك بمصارعة الكبار ليطعنك في ظهرك، فإذا التفتّ إليه فإذا هو طفل لا يستحق عناء “الكف” على وجهه. وهنا لا نقول إلا كما قال الإمام علي رضي الله عنه رداً على شعار الخوارج “لا حكم إلا حكم الله”: “إنها كلمة حق يراد بها باطل”. أقول هذا مع التذكير بأن “الأمثلة تُضرب ولا تُقاس”، وبأن المقارنة في هذه المقالة بين خوارج الدين وخوارج السياسة، لا بين جيش الإمام والكتلة الإصلاحية.