كتاب سبر

سطوح العُمرية

في غالب الأحيان لا أجد سوى الدردشة العابرة وبخصوصية تامه مع عدد قليل من المقربين لي، للتعبير عن وجهة نظري، إذ أن الدردشة العابرة تكون –في الغالب- أكثر بلاغة من التنظير والتحضير والتشفير وكل ما خلاف ذلك من مساجلات ومجادلات !

تقول الرواية ان محرك سفينة عملاقة أصابه العطل وبدأ ينفث الدخان فاقداً الكثير من قوته وفعاليته، فلم يعد قادراً على تحريك السفينة بشكل سليم تماماً، وقام القائمون على إدارة شؤون السفينة بطرح مناقصة عامة على محرك السفينة، من أجل صيانته بإحالته على شركة متخصصة لإعادة إصلاحه.

شركة (السور الوطنية ش.م.ك) فازت بالمناقصة، بعد الكثير من الواسطات والضغوط والتدخلات والألاعيب التجارية، فأجرت دراسة مسحية شاملة لكامل السفينة، وعقدت خُلوات ومناقشات ودراسات بين الخبراء والإداريين تخللتها  عروض بواسطة (البور بوينت) وكل ماهو جديد في عالم التكنولوجيا تبين مداخل ومخارج المحرك، كما منحت عقود الباطن للعديد من الشركات الأخرى، وأصدرت التوصيات، وشكلت اللجان واللجان المنبثقة عن اللجان التي انبثقت عن اللجان .

انتهى وقت إنجاز المناقصة .. لكن الشركة لم تفعل شيئاً سوى الدراسات وورشات العمل، والتصاريح والمؤتمرات الإعلامية، ولم تتمكن من حل معضلة المحرك، والذي لم يبق على حاله، بل ازداد خراباً، وأصبحت مشاهيب دُخانه أكثر سواداً عن ذي قبل، وفعاليته أقل بكثير من وقت الحصول على المناقصة.

لذلك طرد أصحاب السفينة، شركة (السور الوطنية ش.م.ك)، بعد أن خسروا الكثير دون جدوى، ولم يكونوا قد حصّنوا أنفسهم بمواد قانونية -خط رجعة- تفرض عقوبات على الشركة اذا ما فشلت في إصلاح المحرك، بحث أصحاب السفينة عن حل آخر، فوجدوا ميكانيكياً عجوزا يعيش على هامش الميناء، فطلبوا منه محاولة اصلاح المحرك.

جاء العجوز حاملاً صندوقة الأحمر الصغير، وأخذ يتفقد المحرك قطعةً قطعة لدقائق معدودة ، ثم تمعن النظر في المحرك بدقة، وفجأة ودون سابق إنذار أخرج مطرقة صغيرة جداً وطرق بها عدة طرقات قوية على مكان محدد داخل المحرك !

فجأة .. عادت للمحرك قوته وحيويته، وعاد يهدر من جديد بقوة تهز السفينة رغبةً في التحرك مرةً أخرى، ذُهِل أصحاب السفينة، وسألوا الميكانيكي العجوز عن تكلفة اصلاح المحرك، فقال لهم :

أبي 5000 دينار !!

يه يه يه على شنو ؟
كل اللي سويته ضربت بالمطرقة ضربتين عالماكينة .. الشغلة مو مستاهلة هالمبلغ، لو سمحت عطنا فاتورة مفصلة للشغل.

وافق العجوز وكتب لهم فاتورة تبين التكاليف، حيث كتب فيها :

1) دينارين .. حق الطقطقة بالمطرقة !
2) أربع آلاف وتسع إمية وثِمانية وتسعين دينارا حق اكتشاف المكان المناسب للطقطقة عالماكينة !
3) المجموع : خمسة ألاف دينار لا غير !

الشاهد ..

نحتاج في كثير من الأحيان إلى الطرق بالمطرقة والمسط بالعقال حتى نتمكن من إصلاح مكامن الخطأ في دولتنا الفتية والتي أصابها الإعياء نتيجة تقاعس القائمين عليها، ولكن علينا أن نفكر كثيراً أين نطرق ونمسط، والا ذهبت جهودنا هباءاً منثوراً، وربما أدت إلى خراب الوضع أكثر وأكثر .. فلكمة واحدة في احدى الجلسات كفلت تهدئة التصعيد لفترة طويلة جداً !

ولو دعس أحد النواب على غارب فتى سطوح العمرية، لتفاقم الأمر وجد جدُ القائمين على شئون السفينة في البحث عن ذلك العجوز الحاضر-الغائب ، لاستصلاح محرك عجلة التنمية التي طال أمد إنتظارها بفعل

***
يقول خبراء علم النفس في بريطانيا، ان الإنسان يردد يومياً معدل 85? من المفردات والعبارات التي سمعها ويسمعها وسيسمعها طوال فترة حياته بغض النظر عن مدى صحة استخدامها من عدمه، معللين ذلك بالتأثير البيئي-الإجتماعي الذي يمر به الإنسان في أي مكانٍ وزمان، من خلال دراسة عينة عشوائية مكونة من 5 مجتمعات دولية مختلفة، فأظهرت نتائج وإحصائيات هذه الدراسة صحة تأكيد هذه المعلومة بنسبة 100? ، خلاصة هذا الأمر، معذرة الجاهل في إقدامه على استخدام مصطلح (إتفو عليك) والتي تكمن باعتياده في صِباه على سماع وابل من التفلات فوق أسطح منازل منطقة العُمرية السكنية لسنوات يصعب عدها وإحصاء لياليها .

                    ***

النائب د. خالد شخير .. يدعي البعض تكسبك الانتخابي من خلال محاولتك التهجم على النكرة (عاهرة السطوح) في جلسة استجواب وزير الداخلية .. ففي هذا المقام يكفيك فخراً إقدامك على خطوة عجزت عنها كل مخرجات هؤلاء المدعين.

FaisaiBnOmer@