أقلامهم

صلاح الهاشم: «كلّه كوم»… وعسى أن يكون ما حدث ويحدث رسالة واضحة لكل رئيس عربي

براءة علاء وجمال.. إدانة!


صلاح الهاشم



من هواياتي التي لازمتني منذ سنوات الدراسة، قراءة الأحكام القضائية، والاستمتاع بالمفردات الأدبية واللغة القوية والثرية، ولاسيما حين تكتب أسباب الحكم في تدرّج يؤدي بك – كقارئ لها – إلى استنتاج الحكم، فكما تقول العرب «الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير»، ومع ذلك استمعت إلى حيثيات حكم الإدانة للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ورغم شعوري بأن هذه القضية عولجت سياسيا أكثر منها قانونيا، فإنني كمحام عتيق لم أستسغ تبرئة ولديه علاء وجمال، بحجة التقادم المسقط للحق القانوني، وبالرغم من أن السياسي البارز أيمن نور يقول إنه تقدم بشكوى جنائية ضدهما في العام 2004، ما يقطع عملية التقادم القانونية، فإن التذرع بالتقادم ليكون سببا لبراءة يشوبه العديد من المثالب القانونية.


ويحضرني هنا حكم صدر من محكمة التمييز الكويتية رقم 2000/530 في تاريخ 2001/03/19 بقضية دكتورة بولندية حضرتُ عنها مطالبا برواتبها عن فترة الغزو العراقي البغيض، ورفضت المحكمة الأولى والاستئنافية الدعوى بحجة التقادم ومضي الوقت حتى أتت محكمة التمييز برئاسة المستشار المغاوري شاهين آنذاك، وقررت أن علاقة العمل وخوف المدعية «…. وخشيتها من المبادرة إلى رفع دعوى للمطالبة بها خوفا من إنهاء عقدها.. ومن ثم يكون التقادم الذي تمسك به الحاضر عن الحكومة موقوفا طيلة مدة عمل المدعية…»، وبموجب ذلك حكمت المحكمة باستحقاق موكلتنا لكافة حقوقها الوظيفية، مما فتح الباب لآلاف الوافدين الشرفاء الذين رفضوا ترك أعمالهم في فترة الغزو العراقي.
وبالتالي فلا يجوز – في رأيي – إعمال قواعد قانونية مجردة بمعزل عن ظروفها، فمن كان يجرؤ في عهد الرئيس السابق حسني مبارك على أن يرفع دعوى لاختصام ابنيه أو ينازعهما، من دون أن يفقد وظيفته أو حريته،
أو حتى حياته؟


وبالتالي فإن سقوط الدعوى بالتقادم يعني أن المحكمة امتنعت عن الإدانة، ولكنها تقيدت بالقيود الزمنية التي كان يتعين عليها طرحها جانبا.
أتوقع أن ينقض هذا الحكم، وأتوقع أن تصدر أحكام بالحبس وردّ الأموال من أبناء الرئيس السابق.
و«كلّه كوم»… وعسى أن يكون ما حدث ويحدث رسالة واضحة لكل رئيس عربي.. وأبنائه وأفراد عائلته..
فهل من متعظ؟!