كتاب سبر

حتى لا يُنسف القضاء

ارتفاع سقف الحريات والسماح للناس بالتعبير عن وجهات أنظارهم -بما لا يصادم شرع الله -أمر تميزت به الكويت عن غيرها من دول الجوار بل والعالم العربي أجمع،فالحريات في الكويت أمرٌ يحسدنا عليه كثير من الشعوب المقهورة التي لم تنعم  بعشر معشار ما ننعم نحن به. 
ولكن الحرية كغيرها من الإيجابيات إذا وظّفت في غير مكانها السليم عادت علينا بما لا تحمد عقباه…!!.
فالنقد الذي يتذرّع بالحرية ويطول المؤسسات الحساسة في البلد والتي تعتبر من ألأركان الأسياسية لديمومة الإستقرار فيه لا ينبغي أن يكون كغيره من النقد الذي يوجه لأي وزارة في البلد…!! 
عندنا في الكويت فتح باب خطير سيمكن الكل من الجرأة على نقد القضاء وسيدخل منه الحريص على سلامة القضاء مما يشوبه وسيدخل منه المتربص والحاقد،والكل سيدعي طبعاً الحرص على سلامة القضاء…!! 
والواجب على النواب _السابقين_الّا يمكنوا ضعاف النفوس من النيل من القضاء تحت ذريعة أن الفساد ضرب بأطنابه عندما سُيّس القضاء…! 
أعلم أن القضاء كغيره من الأمور التي تحتاج إصلاحاً ،فالجهود البشرية مهما بلغت لا تستطيع تحصيل الكمال وستبقى مدى الدهر محتاجه للنقد البناء وتلمس مواطن الخلل التي قد تؤثر على سير العدالة ومعالجتها وفق الأطر المسموح بها والتي تحفظ مكانة القضاء ولا تزلزل هيبته…!! 
والنواب _السابقون واللحقون إن شاء الله_هم أقدر الناس على إصلاح الخلل الموجود في جميع المؤسسات من خلال سن القوانين والسعي وفق القنوات القانونية وليس من خلال التشهير وتهوين مكانة القضاء في قلوب الناس…!!!
لأن باب النقد العلني إذا فتح لن نسطيع السيطرة عليه، ولن نستطيع التفريق بين من ينتقد حرصاً وطلباً للإصلاح وبين من ينتقد لفتح الباب أمام من هب ودب ليقول ما يشاء تجاه أحكام القضاء…!! 
فالأولى بنا ألا ننسف مكانة القضاء ونقضي على نسبة كبيرة من العدالة يحققها لنا،ويجب أن نكون حذرين جدا في نقدنا وتعليقنا على بعض الأحكام ،لأن هذا الأمر إذا استمر سيذهب بنا إلى منحى خطير وسيجبر الناس على التحاكم إلى شريعة الغاب،وسيكون عامة الشعب البسطاء هم الضحية وهم الحلقة الأضعف في اللعبة السياسية!!!.