كتاب سبر

المقامة الخلفانية

حدَّثَنا عدنان ابن أُثيلة قال : رافقت شيخنا الأزرق بن كُليب إلى بلاد بني خلفان، التي يختلط بها العجم بالعربان، والروس بقبائل باكستان، والهنود بأهل لبنان، ومعهم حفنة من الحفاة الرعاة المتطاولين في البنيان، يحكمهم كرامٌ من بني نهيان .
قال ابن أُثَيْلَة : حين دخلناها وجدنا أهلها قلّة، محاصرين بألف ملّة وملّة، ووجدنا الشعب من السُنّة الموحدين، المحاطين بما يخالف الدين، من خمور ومراقص ومفسدين! ووجدنا فيها شرطيٍاً يقال له خلفان، كان يحرسها من سالف الأزمان، منذ كُلّفه جلالة السلطان، بحفظ الأمن والأمان، فتوفي السلطان ولم يبرح الشرطي المكان، ثم شاب الغلمان، ومازال الشرطي كما كان!
وفي عامٍ من الأعوام، استبدل الناس الكتب والأقلام، بالتويتر والانستقرام! في تلك الحقبة، لم تعد التكنلوجيا صعبة، ولا حكراً للنخبة، بل أصبحت بيد الصبيان كاللعبة، فمارس الشرطي يومها التغريد على الكِبر، فكان لتغريداته عواقب وعِبر، فيها يتسلى (المُرتوِتُ) ويعتبر، وقد يخاف ويزدجر، ففي تغريدة لسعادة الفريق، يمارس أعتى تحقيق، ثم بالأخرى هو حمل رقيق، فمرةً سمّى الداعية: زنديق، ثم اتخذ سليمان صديق، وحين ذم مرسي وامتدح شفيق، أشعل بين البلدين حريق!
وقد علّق شيخ الأطباء، على ذلك الوباء، شديد الوطأة والبلاء، فقال : لقد أدمنها الضاحي متى ما كان صاحيا، بل زعموا أنه كان يغرد في المنام، والناس نيام، وأحياناً قبل صلاة القيام، لكنه قبل أيام، تعهد بالصمت في شهر الصيام، فهل يجتنب الكلام، أم يجذبه له الشوق والهيام؟!
يُعرف عن الفريق السنافي، أنه فاق العقيد القذافي، بما هو للعقل منافي، ففتاواه غريبة، ونظرياته عجيبة، وأفكاره مريبة، وله بكل فنٍ كلام، بالسياسة والإعلام، بالتجارة والإجرام، بالختان وبالإحرام، بل حتى في نقد الأفلام! وهو يرى اليمنيين رعاة، ويرى في المصريين طغاة، ويرى في السوريين بغاة، فهمُ من قادوا الثورات، وبهم تسمو الحريات، حرية رأيٍ وكتاب، حرية كل الأحزاب، ليست حرية أغراب،  خلْعُ ثياب، كأسٌ شراب، أو (دِسكو) يأتيه شباب!
يَنقل ابن أُثيلة عن الشيخ الأزرق كُرْه الخلفان لجماعة الإخوان، والداعية السويدان، ومفتيهم الهمام الشيخ الإمام مؤلف (الحلال والحرام)، ولقد استشْرَت كراهية خلفان في نفسه، من أخمص قدمه إلى رأسه، حتى أذاق المثقفين من بأسه، وملأ بهم السجون، وقذفهم بالمجون، دون حجة ودليل، سوى شفاء غليل، في قلبه العليل، فلم يحترم الخطيب الساجد، ولا الشيخ (ابن كايد)، ولا قرابة زايد، ولم يترك القاضي والدكتور، واقتحم البيوت والمستور، فخالف القانون والدستور!
وفي مقابل كرهه للإخوان، تجده شريكاً لدحلان، ومهادناً لإيران، وقيل عميلٌ لليبرمان! فبوجوده استطاع عملاء الموساد، غرس الخلايا كالأوتاد، في أرجاء تلك البلاد، فأمسى حينها المبحوح، كالليث المذبوح، يسبح بدمه المسفوح! وانتشرت نوادي اللوتَري، وشواطئ العُري، وصار المشبوه ثريا، والسجن به حري! وهذه مظاهر سقوط المهيب، فبعد كل مخاضٍ عصيب، يأتي الفرج القريب، وبعد كل ضيقٍ يُقبِل اليُسر، وقبل كل فرحٍ يكون العُسر، فمالك الملك يعطي ويمهل، وهو سبحانه لا يهمل، فهذا الشاويش الثرثار، سيتقاعد قريباً أو ينهار، وتبقى لعنات خصومه الأحرار، تصب عليه كالأنهار آناء الليل وأطراف النهار، فقد قال الشافعي عن سهام الدعاء : لها أمد وللأمد انقضاء .. ويرسلها إذا نفذ القضاء !
 
المدونة
http://ala3mash.blogspot.com/2012/07/blog-post.html