أقلامهم

سليمان الخضاري: الأقلية باختصار تعتمد خطاب الأزمة، وضرورة التركيز على «المعركة» الانتخابية

فكر وسياسة / … وخطاب الأقلية أيضاً !
| د. سليمان الخضاري |
الكثير من الأصدقاء وغيرهم يسألني دائما: «أين تقف من مجمل الأحداث في الكويت؟»، ومبعث تساؤلهم ليس الاستفهام في الحقيقة، بل الاستغراب، لما يرونه من نقدي لجميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي دون استثناء، وأرد عليهم بأن تساؤلهم وبهذه الطريقة هو المشكلة عينها، إذ ان أكثر ما يدل على وجود وضع عام غير صحي في أي بلد هو ذلك الاستقطاب الحاد الذي يكتنف الكثير من القضايا والمواقف المعروضة على الساحتين السياسية والاجتماعية، وهذا للأسف حالنا في الكويت، فالجميع يتوقع منك موقفا مساندا لهذا الفريق أو ذاك على طول الخط، وهو ما أراه شيئا يليق بمشجعي كرة القدم، لا من يتوخى التحليل السياسي الدقيق والأمين!
خذ عندك مقالي السابق، ونقدي لخطاب الأكثرية البرلمانية في مجلس 2012 المنحل، وهو ما ووجهت بسببه بعاصفة من الانتقاد من قبل بعض الأصدقاء، والذين سارعوا باتهامي بالارتماء في حضن السلطة والأقلية، ووضعوني في خندق واحد مع «بعض» ممثلي الأقلية البرلمانية سيئي الذكر، متناسين مقالات كثيرة لي تنتقد هؤلاء قبل انتخابهم وبعده، لذا أجد لزاما عليّ بناء على ما سبق تبيان رأيي في خطاب الأقلية البرلمانية، من باب درء الشبهات على الأقل!
عند الحديث عن الأقلية يتبادر لذهني موضوعان اثنان بشكل أساسي، أولهما يتعلق بعدم تجانس هذه الأقلية أو وضوح ما يجمعها، فهل من العدل أو المنهج العلمي أو المنطق افتراض وجود جبهة تجمع كل هذه الأسماء المتناقضة تاريخا وسلوكا ومرجعية ثقافية وغيرها؟
أما الموضوع الثاني وهو الأهم فهو ما يتعلق بالأقلية في إطارها العام، بمعنى القوى السياسية والاجتماعية الدافعة في الاتجاه المناقض للغالبية البرلمانية، وفي هذا الإطار نحلق خارج حدود قاعة عبدالله السالم، لنجد تجمعا من التجار والحركات الليبرالية والشيعية، والتي يبدو أنها تحاول رص صفوفها خيرا بقدر معين من التنسيق للتصدي لمشروع الغالبية البرلمانية.
المشكلة في هذا التحرك هي في فلسفته وخطابه، هذا الخطاب الذي ينطلق من تصور قاصر لطبيعة الصراع في الكويت ويختزلها عمليا رغم كل الديباجات الجميلة في البعد الانتخابي، فيشحذ الهمم لإعادة رص الصفوف من أجل تغيير تركيبة المجلس، متجاهلين الأبعاد الثقافية والاجتماعية والفكرية للصراع، ومتغافلين عن تغلغل قوى الغالبية على الأرض وهو ما لا ينفع معه كثيرا تقليص عدد ممثليهم في البرلمان.
الأقلية باختصار تعتمد خطاب الأزمة، وضرورة التركيز على «المعركة» الانتخابية… ومرجعيتهم في ذلك هي الحكمة العربية الخالدة… «لا صوت يعلو على صوت المعركة»!