آراؤهم

أدباء من ورق

تقبل الله طاعتكم وكل عام وانتم بخير فشهر الخير قد حلّ واشرقت النفوس بمقدمه ، وكيف لا تشرق شمس الايمان في رمضان وهو الشهر الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وشفاءٌ للصدور ، رمضان شهر كل فضيلة ولم أجد أكرم من هذا الشهر لأطرح فيه هماً لازمني لشهور غمٌ جثم على صدري رغم أنه لا يخصني ولما جاء رمضان وصفدت شياطين بني آدم وجدتها فرصة للتعبير .
بات أمراً واضحاً للعيان كثرة المؤلفين الشباب في الفترة الأخيرة خصوصاً في منطقه الخليج العربي هذا لعمري أمر حميدٌ جميل رائع ، فمن النادر أن نرى مؤلفاً غير قاريء وكثرة القراء في المجتمع يوصلنا للرقي اذا فهمنا ما نقرأ وعملنا بما قرأنا.
القراءة ليست كتباً نطالعها أو سطور نقتبسها القراءة رحلة عمر تبدأ عند أول كتاب نتدبره وتنتهي حين اسلام الروح لبارئها ، القراءة فنٌ جميل لا يتقنه أي أحد فليس كل من لديه مكتبة قاريء ولا من انهى كتاباً كل اسبوعٍ مطلِع ، سطور الكتاب ان لم تتحول لسلوك نعيشه وأفكارٍ نؤمن بها ونموت من أجلها فلا بارك الله في هذه القراءة.
وما الرابط بين فلسفة القراءة عندك وعنوان المقال وشهر رمضان! هل أنت ممن يكتبون وهم نيام! أم أن القلم عصي عليك فأشغلتنا بسطور تُسمن فيها مقالك ليُنشر!
لا والله لا هذا ولا ذاك انما القصد من ذكر موضوع القراءة هو ظاهرة ايصال أدباء وكتاب هذا الجيل لمراتب لا يستحقونها في وقتهم هذا، ربما يصل بعضهم لها في قادم السنوات أما الآن فهم في رحلة الألف ميل التي بدأوها بنصف خطوة ثم أتاهم المدح من حيث لا يحتسبون فظنوا أنهم يقطعون الميل الأخير في رحلتهم.
قد يقول قائلٌ وما دليلك نريد منك البينة وأقول يكفي الدخول لبلاد الطائر الأزرق تويتر والنظر في كمية المديح الغير الصادق الذي ينالها البعض دون حساب وانا والله لا أحسد أحداً انما أرثي لحال بعضهم ، فالمدح والثناء والتشجيع أكثر ما يحتاجه أي كاتب في بداياته.
ولكن يحتاج مع المدح النقد الايجابي البناء ويحتاج إلى التوجيه ويحتاج أيضاً الى قليل من التواضع، فبعض أدباء الورق ان تجولت في ملفاتهم وردودهم على بعض منتقديهم تجد عنجهيةً ونزغاً وتكبراً لو وزع على صفحات كتابه لوسعهم، اعترف ان بعض القراء يتجاوزون حدود الأدب والنقد لكن أي صاحب قلم يعرض عقله على الآخرين وهذا يعني أن عليه تحمل ما يأتيه.
بعض أدباء عصر السرعة يريد أن يكون كالعقاد والطهطاوي وطه حسين والمنفلوطي وهو لم يصبر صبرهم ولم يكافح كما كافحوا وهل يؤكل العنب قبل حرث الأرض وري الشجر! لا يصل الانسان لمبتغاه مالم يلعق الصبر ويبلع الجهد ويصبر على آلام المخاض.
أدباء الورق هم الذين يكافحون من أجل تصدر صورهم الصحف والمجلات فالشهرة في حد ذاتها ليست عيباً انما استحقاقاً للمجتهد لكن المخجل أن نرى صوراً للاديب الورقي بسبب معرفته بالمحرر فلان وصلة قرابته بالصحفي علان.
أدباء الورق يكتبون ما لا يؤمنون به فتجده يتحدث عن الحياء والحياء منه براء ويتغنى بالثورات والدماء الطاهرة وهو في قمة عنصريته وتارةً تراه يتحدث باسم الدين ولا بعيد عن التدين.
أدباء الورق ينفرون من النقد الايجابي والسلبي اما السلبي فمُبررٌ نفورهم منه فلماذا الهروب من الايجابي وبعضهم بين الفينة والأخرى يقول رحم الله أخاً اهدى الي عيوبي وهو في الحقيقة يقصد رحم الله قارئاً مدحني وأثنى علي.
أدباء الورق ليس في قاموسهم كلمة لا أعلم أو لست متأكداً أو أنا اعتذر لأنني جادلتك وحجتك كانت أقوى فهم ينتصرون لذواتهم أكثر من اهتمامهم بالارتقاء بأنفسهم وأقلامهم.
الأديب الورقي لا يتورع عن سرقة مجهود الآخرين وتجميله واعدة صياغته بأسلوبه فالخواء الأدبي بداخله يمنعه من الابداع.
والله ما كتبت هذا المقال الا محبة في أدباء الورق لعل أحدهم يتنبه لحاله فيعيد ترتيب أوراقه ويدرك أن الأدب ليس صوراً تُنشر في صحيفه أو كتاباً يُشترى لان فلاناً المشهور امتدحه ، الأدب روح تسري في أجساد القراء فتسكن فيها ،الأدب أفكارٌ يغرسها صاحب العقل في عقول من يقرأ له ، الأدب الخالد هو ذاك الذي يُخلص صاحبه النية لله عز وجل فيُخلد الله قلمه حتى يرث الأرض ومن عليها، الأدب الراسخ من نشر الفضيلة وبحث عن الابداع وابتعد عن حظ النفس. الأدب حياةٌ جديدة يسطرها القلم على الأوراق فتعيش ما دامت الحروف حية.
كل عام وانتم بخير وتقبل الله طاعاتكم
T :@alibrahem_a