كتاب سبر

عين سروق

العين لا تستخدم لدينا للنظر فقط بل هى نظرية “كالماركة” المسجلة التى ما ان تُشبك فى ياقة الكلمات حتى تقلد مشيتها وتهتز وتربو بالمعانى .
فمثلاً عينه قوية تقودك رأساً الى باب معنى الجلافة , وعينه “زايغة” تعنى رجلاً بز أقرانه فى الخلاعة , وعينه باردة تجسد معنى عدم الحياء وعينه حارة تقود جسدك او جسد غيرك الى القبر لا سمح الله .
وهناك ايضا عين السروق كمثال حي على نجاح نظرية العين فى اثبات صحة دلالتها , وهى أي عين السروق  مثال صارخ فى البرية والبحرية العربية تهل دوماً من بعدها عبرات التعبير حينما ترى اعيننا هلال ” رمضائه ” المحرقة!. 
وعين السروق ليست شأنا عربيا ورثناه من تركة يعرب او قحطان بل لها قواعد يستخدمها المحققون فى جميع ارجاء العالم ,حتى ان “FBI” قد أنشا قسما مختصا بعلم الجرائم ركز على ملاحظة اعين المجرمين لاستخلاص الصدق والكذب من أقوالهم  وقد خلصوا الى أن المجرم قد تخونه عينه رغما عنه على رغم أنف لسانه .
والطريقة الامريكية تتخلص بمعرفة ان كان المتهم يستخدم يده اليمنى او اليسرى وملاحظة عينيه عبر كاميرا مراقبة تراقبهما كما يراقب ” بويل” الملكى  ” ميسى” البرشاوي فى مباريات الكلاسيكو , فان طرفت عينه جهة اليسار فهو يتذكر موقفاً حدث معه وان طرفت جهة اليمين فهو يختلقه , طبعاً هذا ان كان من اهل اليمين اما ان كان من اهل “اليسار” فالعكس هو الصحيح , وأما ان ارتفعت عيناه لأعلى فهو يتذكر صوراً  وان نزلت لأسفل فهو يحاول الهروب من مشاعر تخنقه وتستولي عليه فى تلك اللحظة وان تحركت ناحية مستوى أذنيه على اى من الجهتين فهو يتذكر اصواتاً سمعها من قبل !! مع ملاحظة ثبات العين وعدم زوغانها فكما يقال ” اللى فى بطن ” قرنيته ” ريح …ما تستريح عينه من الدوران ” .
ولا أخفيكم علما اننى بعد معرفتى بلغة العيون هذه صدمت صدمة كبيرة بكمية الفائض ” السروقي” الذى استخرج من احتياطى آبار عيون البشر  !! ولكن أبشركم “جت” سليمة وحادث الصدمة كان من جهة الباب الذى تأتينا منه ريح  الدجل دائماً والذى كلما حاول احدنا “سده” قال له الواقع ” استريح” !!…وأنا اولا وأخيرا ابن هذا الواقع بحلوه ومره وحامضه ومالحه وماسخه .
نصيحة أخيرة اوجهها لكل من يقرأ هذه السطور وخصوصا عند محاولته عبور ” شرع” الكلام المزدحم وهى ان يتلفت يمينا ويسارا واعلى وأسفل ليتغدى بمسارات عين ” السروق ” قبل ان تتعشى فيه …وان لم يفعل فليتأكد انه يوما ما  ستلتقطه بعض مسارات الكذب لتتخذه بضاعة وستنادي حتماً حين تبيعه فى اسواق الدجل : يا بشراي هذا ساذج!!