كتاب سبر

“رعْيان حلال الشيخ” !

تعاني, بل تنازع أغلب حكومات الخليج لكسب ثقة الشعوب, بسبب سوء سلوك الأبطنة الحمقاء التي اختارتها بمحض الحاجة لمن يكون بمواجهتهم عِوضاً عنها, ويقول لهم ما تخجل, تعجز, تخاف, أياً كان سبب الهروب من المواجهة, فهي تستأجر مماسح الأقدام, أولئك, لتنظف بهم وجهها القبيح, المكشوف لشعوبها!.
تلك الخِرَق ليست بالوجود الطارئ على مفهوم ” المشايخ ” في الحكم فهي موجودة وتتكاثر سفاحاً لا نِكاحاً, فمنذ تداول الحكم بين القبائل في صراعات السلطة الأزلية المعروفة تاريخاً, وحتى أن تحولت لمؤسسات حكم مرتبة تدير دولاً حديثة داخل منظومة عالمية, فما زال الأمر مشابهاً, مع اختلاف الأشياء, وثبات طرق التفكير!.
فالخيَم صارت قصوراً, والدابة سيارة فارهة ويختاً وطائرة خاصة, و”جليب” الماء بئر نفط, والعشب ” ستيك ” و “همبرغر ” ” فرينش فرايز ” ولكم قياس على ذلك ما تشاؤون!
أما عقلية ” المشيخة ” بكل تفاصيلها, فهي العقلية الحاكمة الآن, في القرن الواحد والعشرين, رغم اللهاث خلف المنظمات الدولية لدفع فاتورة الاشتراك, من النفط ورزق وعرق الشعوب, لشراء الاحترام والمكانة الدولية, والهيبة, والتوقيع على معاهدات حقوق الإنسان, إلا أن DNA ” شيخ القبيلة ” هو ذاته منذ الجاهلية, لم يتغير بل زادت عوامله الوراثية قوة, بفعل التطور العلمي, وطالت معه يده للبطش, وتعدت لتستأجر أيادي وأقداماً للتطاول على من تحكمهم, وصارت الشعوب وسط أخطبوط لا تعلم أي ذراع سيخنقها ومتى!
وأقول, إنه بالرغم من وجود ” الفداوية ” في ثقافة المشيخة قبلياً, فها هو ذاته في حكم الدول, مع إطلاق مسميات راقية تليق بالتقاليد والأعراف الدولية الجديدة مثل الدبلوماسية والقيادات العسكرية والسياسية, لا فرق البتة لأن النتيجة واحدة, يد الحاكم وجوقة الحكم, دائماً ما تتجول في البلاد وهي تقبض بيدها قاتلة الذباب ” البلاستيك ” وتضرب بها من تشاء, من دون أن تنجّس يدها بمخلفات الحشرة المسحوقة ! ومتى ما تشوهت ” القاتلة ” تم تغييرها لجديدة ! وضع مكرر, مقيت مكشوف وكلنا نعرف كل شيء, ولكن لا يوجد من يستحي من الحكام ومن يقوم بمهمة ” الاستشهادي ” الناصح الأمين من الشعوب !
إن الاحتقان الشعبي, الذي تمر به دول العالم العربي، حتماً ينعكس على دول الخليج, وأضرب بالكويت مثلاً, إنما هو رد فعل لغضبة متراكمة لسوء إدارة شؤون الدول الأمر الذي تسبب في أخطاء جسيمة دفعت الشعوب أثمانها منفردة, بينما زاد الحكام غنى وسلطة!.
وما الغزو العراقي على الكويت إلا مشهد فاقع لإخفاق الإدارة التنفيذية في حفظ وجود البلاد, ناهيك عن تملص الحكومة من مسؤولية سرقة وطن بمواطنيه, وجاءت القشة القاصمة فيما يسمى بتقرير تقصي الحقائق الذي كشف دناءة النظرة للمواطن, وعدم احترام حتى حقه في أن يعرف لماذا أفاق فجأة بلا وطن, وحكومته هربت إلى جدة, لتبقى ويموت !
بالطبع, حالة الكويت هي الحالة القصوى في المأساة, لأنها تعرضت لاغتصاب سلبها أعز ما تملك, بينما بقية دول الخليج كل دولة لها من القصص والفضائح, ما سيطفو على سطح العار, قريباً.. لماذا؟ 
لأن الشعوب ليست ” عُربان ” تجري حفاة بشفاه وأقدام مشققة خلف ” حلال الشيخ “!
لأن القانون الدولي, الصنم الجديد الذي اعتبروه دينهم, وسيكون مقبرتهم, ساوى بين  ” الشيخ ” والشعب بالمواطنة, ولكنهم يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعض !
لأن سنة الله جل وعلا في الأرض, التي لن يضرها إيمانهم أو كفرهم بها, أن التمكين مع العدل, والنصر والتثبيت لمن نصره.
المعادلة لا تتطلب علماء طبيعة واجتماع وفلسفة, المعادلة لا تحتاج للتنظير والتطبيل, المعادلة وضعها مالك الملك, ليفهمها ” شيخ قبيلة ” في مجاهل الماضي, وحاكم غارق في جهل الحاضر !
العدل أساس الملك, وبزواله يزول الملك, ولو بعد حين .
twitter@kholoudalkhames