كتاب سبر

عندي كلام

(لدي أقوال أخرى) .. كانت هذه الجملة عنواناً لكتاب المؤلف الساخر إبراهيم منصور، وهو بالمناسبة كاتب متمكن وصحفي بارز في صحيفة الدستور المصرية، وقد نالت مكتبة مدبولي القاهرية شرف طباعة الإصدار الأول لكتابه الأكثر من رائع، والذي يختزل ما يدور في مصر اليوم، بما كان يدور بمواضيها الغابره، فيستطرد هيمه بما معناه .. أن الفرعون (خوفو) قرر بناء الهرم الأكبر في الجيزه، وجمع الناس من كل حدبٍ وصوب، ليعملوا في بناء هذا الصرح العظيم، ولأن العملية كانت مرهقة وشاقه ومضنية -على الأغلب- اضطر الفرعون إلى جمع كافة الآلاتية الذين يعزفون على القيثارات الموسيقية عند منطقة العمل، ليظلوا طِوال الوقت يغنون وينشدون ويشيدون بالفرعون وجبروته، ويشيرون إلى أنه يعرف ما يقوم به كل شخصٍ من عمل، وأن النشيط سيواثب وللمتقاعس العواقب، وقد مات ثلث الشعب المصري وهو ينتظر الثواب، أو يخشى العقاب، خلال العمل على هذا المشروع المرهق، إلى أن إنتهى العمل بإنجاز هرم (خوفو الأكبر) فكان هرماً عظيماً وشامخاً !

ثم يأتي الفرعون (خفرع) .. ليقول ما معناه : (محد أحسن من أحد) فقرر بناء هرماً عظيماً آخر، فجمع هو الآخر كافة المزيكاتيه الذين يعزفون على القيثارات الموسيقية عند منطقة العمل، ليظلوا طوال الوقت يغنون وينشدون ويشيدون بالفرعون وجبروته، ويشيرون إلى أنه يعرف ما يقوم به كل شخص من عمل، وأن المتقاعس سيعاقب، والنشيط سيُواثب، وقد مات ثلث الشعب المصري الثاني، خلال العمل على إنجاز المشروع الفرعوني الثاني وهو ينتظر الثواب أو يخشى العقاب، إلى أن إنتهى العمل من تشييد الهرم خفرع الحالي، فكان هرماً كبيراً غير أنه .. أصغر من هرم (خوفو) ، لأن ثلثي الشعب المصري عمل به فقط بعد وفاة الثلث الأول خلال العمل في الهرم الأكبر !

ويجيءُ بعد هذا وذاك .. آخر العنقود، الفرعون الجعده (منقرع) .. ليخبرهم بما معناه : (أنا مو ناقصني شي) فأمر ببناء الهرم الفرعوني الثالث، وعلى سيرة سابقيه، جمع منقرع فريق أعضاء (فرقة حسب الله) الموقره، ليعزفون على القيثارات الموسيقية عند منطقة العمل، ويظلوا طوال الوقت يغنون وينشدون ويشيدون بالفرعون وجبروته، ويشيرون إلى أنه يعرف ما يقوم به كل شخص من عمل، وأن المتقاعس سيعاقب والنشيط سيواثب .. وقد مات ثلث الشعب المصري الثالث خلال العمل على هذا المشروع المرهق، وهو في إنتظار الثواب أو الخوف من العقاب، حتى إنتهى العمل بإنجاز الهرم الفرعوني الثالث، وكان كبيراً لكنه أصغر من هرمي (خوفو) و (خفرع) لأن ثلث الشعب المصري عمل به فقط بعد وفاة الثلثين الأولين خلال العمل في الهرم الأول والثاني !

ويعلق المؤلف بعد ذلك بأننا –أي الشعب المصري- أحفاد المزيكاتيه والمنشدين لا غير، لأن الشعب المصري قد مات وفُني عن بِكرة أبيه خلال بناء الأهرامات.


مدخل :

انا فقط اعدت كتابة القصة بطريقتي الخاصة، ولن اعلق عليها، حتى لا يتهمونني بتأويلها إلى ما يضر بمصلحة صندوق الأجيال القادمة، تاركاً لثلث القراء بناء المفارقات، وللثلث الآخر بناء المقاربات .. والسلام ختام يا معشر الثلث الأخير !


مخرج :

بعض البشر ساقطون … وليس للجاذبية ذنب ..
هكذا هم … لا يليق بهم الصعود، وطاب لهم المقامُ بالهاويه، هُم كالنفط، النفط الذي وصفه بيريز ألفونسو “ما النفط إلا براز الشيطان، إننا نغرق في فضلات إبليس” .. وزير بترول فنزويلا ..