كتاب سبر

«ثورة مرسى» الجديدة!

الشعب الذى خرج فى ثورة 25 يناير.. كان ينتظر مصر الجديدة.
كان ينتظر دستورا جديدا يضمن حرياته وكرامته وتحقيق دولة القانون والعدل.
ينتظر نقلة نوعية فى المجتمع تليق ببشره وتاريخه وجغرافيته وبثورته التى استطاعت أن تزيح ديكتاتورا حكم البلاد بالطوارئ.. وصنع جماعة مصالح نهبت البلاد بطولها وعرضها.
شعب قدَّم تضحيات فى ثورته من أجل مصر الجديدة.
ولكن لم يحدث أى تغيير بعد ما يقرب من عامين من الثورة.
فالأمور كما هى لم تتغير.. بل هى إلى الأسوأ.
ليس هناك دستور.
ليس هناك دولة قانون.
هناك دعوة لإعادة الطوارئ مرة أخرى.
هناك أزمة طاحنة فى كل مجالات الحياة اليومية للمواطنين.
ما زالت الداخلية كما هى تمارس التعذيب ضد المواطنين.
هناك رئيس جديد أطلق وعودا خلال المئة اليوم الأولى.. ولكن لم يوفِ بوعوده.
لم يحدث أى تقدم فى أى مجال.. وإنما ننسحب إلى الوراء.
كأن الشعب استبدل بثورته ضد نظام مبارك وحزبه الوطنى الفاسد بلجنة سياسات جمال مبارك.. نظام جماعة الإخوان ومكتب إرشادها وحزبها الوليد الحرية والعدالة.
فها هم الإخوان لا يريدون دستورا يليق بالثورة وبالحريات التى سقط شهداء من أجلها.. وإنما دستورا على مقاسهم وعلى مقاس حلفائهم الجدد.
إنهم يريدون السيطرة على كل شىء فى البلد.. وأتوا بشخصيات عاجزة ليس لديها أى خبرات.. ومنحوها مناصب.. ولا تملك إلا الانتماء إلى الجماعة.
أنكروا الشفافية.. فلا تجد أى قرار يصدر بشفافية وبوضوح رؤية كأنه يصدر من تنظيم سرّى!
فلم يتغير شىء.
فلا أحد يعرف على سبيل المثال مرتبات كبار رجال الدولة الجدد والوزراء (الذين كانوا يحصلون على ملايين وربما لا يزالون حتى الآن) ومستشارى الرئيس الجديد وموظفيه.
لقد وقف الرئيس محمد مرسى فى أول يوم من إعلان فوزه بالرئاسة فى ميدان التحرير فاتحا صدره بقوله إنه لا يرتدى قميصا واقيا.. وإنه لا يخاف، فإذا به الآن مواكبه تزيد على مواكب سلفه «المجرم السابق» من أمن مركزى وحراسة خاصة وقناصة، بل وصل الأمر إلى أن تحوطه الحراسة الخاصة من كل الاتجاهات وهو يصلى.. ومع هذا يستعرض ذلك ويكلف الميزانية الملايين مع صلاته كل جمعة فى المحافظات المختلفة.
فللأسف الشديد.. ما يحدث الآن فى الحكم هو عبث.. حتى لقاءات الرئيس مع القوى السياسية هى من قبيل العبث، فليس لدى الرئيس أى برنامج للحوار مع تلك القوى وإنما فى الغالب قعدة «مصاطب».
الغريب أن الرئيس محمد مرسى يهدِّد الآن بأنه لن يتردد فى أن يدعو الشعب المصرى كله لثورة ثانية، لنقول له -أى للرئيس مرسى-: مَن هم العابثون الذين أجرموا فى حق الوطن؟!
وحاول مرسى بعد أن ارتدى رداء «الثورية» تذكّر الذين تباكوا على الرئيس السابق أو كما قال «المجرم السابق»، بالتسجيلات.. متناسيا أنه يصطحب بعضا من هؤلاء فى أسفاره الخارجية.. بل إنه يتخذ منهم مستشارين له (وهناك تسجيلات أيضا يا سيادة الرئيس)!
وتناسى أيضا الرئيس محمد مرسى أن جماعته أول من هرول إلى المجرم السابق (الرئيس السابق) عندما دعاهم نائبه فى أثناء الثورة اللواء عمر سليمان للحوار، وكان بينهم محمد مرسى.. وتركوا الثوار فى التحرير الذين كان شعارهم «لا حوار إلا بعد الرحيل».. وهناك تسجيلات بذلك.
إضافة إلى ذلك، مَن ترك الثوار فى محمد محمود، فى معركتهم ضد حكم العسكر؟ ألم يكن الإخوان الذين وقفوا مع العسكر وقتها وتحالفوا ضد الثورة والثوار.. من أجل المصالح ومن أجل ما يحدث الآن؟
فإلى أى ثورة يدعو أو يهدد بها الرئيس مرسى؟ هل ثورة على حكم الإخوان؟!
 إبراهيم منصور 
رئيس التحرير التنفيذى لجريدة التحرير المصرية