كتاب سبر

فاتورة تدفعها المرأة فقط

تاريخ المرأة العربية في العمل السياسي “محدود” إلا أنه مؤثر ….وحين أقول محدود فإنني أعني بالعدد مقارنة بأعداد السياسيين الرجال …..والمفارقة  أن “ندرة” العنصر النسائي تمنح قوة إضافية للمرأة الناشطة سياسياُ نظراً لتسليط الأضواء عليها …ويصبح الكلام الذي تقوله “أكثر تأثيراً ” مما لو قاله أخوها الرجل..ناهيك عن أن تصدرها للمواقف السياسية يضع حرج على الرجال في مجتمع لا يزال يعتبر الإقدام والشجاعة صفات رجولية خالصة 

 

ومع توافر عاملي “الندرة “و “قوة التأثير” نجد أن المرأة تدفع فاتورة مضاعفة عن تلك التي يدفعها أخيها الرجل..وتتعرض للابتزاز الاجتماعي بشكل مجحف وقاسي

 

إن أكثر أنواع الابتزاز سطحية وأسهلها وأخفها وقعاً هو ذلك الذي يتناول مظهرها الخارجي…..ولقد تأثرت الحركات النسوية قديماً بهذا الطرح لدرجة أن غالبية النسويات كن يهملن مظهرهن الخارجي بقصد ويصبحن أقرب للرجال في استجداء للاحترام…كما كن يستهجن أي مظهر من مظاهر الزينة أو الأنوثة في تأكيد لا شعوري بأن (الجدية رجل)… والتهكم لا يقف عند الملامح التي هي من عند الخالق بل يتعداها  لكل ما عداه من مظاهر …فتجد المرأة نفسها أمام خيارين

 إما  إهمال أنوثتها وحينها سيتم لصق صفات ذميمة بها …أو الاهتمام بأنوثتها وحينها سيتم إلصاق صفات ذميمة أخري بها

وفي الحالتين يبقى مظهرها منبع للتندر …فقط لأنها تتعاطى الشأن السياسي العام

 

أما ثاني أنواع الابتزاز فهو الخوض في موضوع الزواج وتوابعه….فإن كانت عازبة عابوا عليها ذلك ووصفوها بأنها تسعى للبروز لإيجاد رجل …وإن كانت مطلقة عيروها بطلاقها وحللوا أن حراكها السياسي ما هو إلا تعويض عن فشل سابق …أما إن كانت متزوجة فالسعي يكون للتقليل من شأن زوجها لزعزعة استقرارها العائلي مما قد يجعلها تتراجع عن مواقفها وربما تعتزل الساحة السياسية بشكل نهائي 

 

ولعل أسوا أنواع الابتزاز يتمثل في المحاولات القذرة للنيل من سمعة المرأة أيا كان وضعها الاجتماعي سواء عازبة ..مطلقة أو متزوجة …وكأن الطرح السياسي (كباريه) أو (حانة) -والعياذ بالله – وليس ساحة جادة للفكر والفكر المضاد

والهدف من وراء التشهير والافتراء واضح إما ثنى المرأة عن مسارها أو تقليل مصداقيتها بالإساءة الشخصية المهينة

 

وإن كان القانون قد وضع حد لذلك وكفل حق التقاضي…الا أن المجتمع لا يزال “مُقصّر” في معاقبة من يسيء لسمعة إمرأة …فنجد البعض يبتهج حين يساء لامرأة متصدرة لفكر سياسي مضاد لقناعاته …أما إن كانت المرأة من فكر يتناغم معه فنادر ما يهب ليردع القائل ويوقفه بل أن الغالبية تقف على الحياد وكأن الأمر لا يعنيها وفي داخلهم شيطان صغير يقول: ” لتدفع ثمن تصدرها ” أو “إن كانت تريد الستر فلتصمت” وأنا هنا لا أحمل الشاتم وحده اللوم بل أن اللوم يشمل كل رجل يستمريء مثل هذه الأقاويل أو يلتزم اللاموقف إزاءها



لذا أقول لأخواتي اللواتي عزمن أن يدفعن الفاتورة الضخمة

تحية لشجاعتكن

تحية لعزمكن

تحية لإصراركن



وأقول لكل زوج وأب وأخ يدعم قريبته أو بنته أو زوجته 

تحية لرجولة عظيمة لا يهزها افتراء الرعاع

تحية لوطنية لا تشوبها شائبة من ذل

تحية لإنسانية تتجليّ في شهامتكم





 وأقول لكل شاتم بيت أحمد نسيم

فلا زلت بين (المحصنات) أميرة

تدل على الأتراب بالنهى والأمر 





ومن يطلب منا أن نتقى الله في وطننا فليعلم 

فكرامة الوطن الذي أهواه ندّ كرامتي

وسلامة الأرض التي أحببت مثل سلامتي

وطني كبيتي أبتنيه وأرض غيري جارتي

هذا اعتقادي فليكن (يوم الفخار) قلادتي 

ميخائيل خير الله