أقلامهم

عواطف العلوي: اعتذار أهل الدواوين عن استقبال (الممثلين)، أقوى دليل على أن الانتخابات ماتت شعبياً قبل ولادتها..!

مندهشة
ألم يأن للمسرحية الهزلية.. أن تنتهي..! 
عواطف العلوي
حين كانت الانتخابات حقيقية غير معبوث بها (رسميا على الأقل)، كانت الكويت في موسم الانتخابات تشهد عرسا ديمقراطيا بمعنى الكلمة، تزدان به الطرقات وتحفل بفعالياته المجالس والدواوين، وتتناقل الألسن أطروحات هذا المرشح وذاك، ويصير النقاش حول حسن اختيار الأفضل من المرشحين ومعاييره، ومن يستحق صوتنا ومن لا يستحق هو الحاضر في كل تجمع، أُسَريّا كان أو عاما..
أما هذا الموسم، فهو بشهادة الجميع موسم أعجف هزيل لا لحم فيه ولا شحم! بل هو باختصار مسرحية ثقيلة ذات طابع هزلي سمج ينتظر الجميع إنهاءها بأمر يأتي من المُخرج، أو بما سيقذفه المتفرجون على (الممثلين) فوق خشبة المسرح..!
واعتذار أهل الدواوين الكريمة عن استقبال أولئك (الممثلين)، لهو أقوى دليل على أن تلك الانتخابات ماتت شعبياً قبل ولادتها..!
فلا الحملات والرسائل الإعلامية الحكومية المكثفة نجحت في إنعاش روح الانتخابات، ولا الخطب والفتاوى الدينية (الحكومية أيضا) أجدت نفعًا في إقناع الناس بأن التصويت واجب وطني في ظل انتخابات غير شرعية! بينما يدرك كل عاقل واعٍ أنه يُفترض بالحكومة كخصم سياسي في العملية الانتخابية ألا تستغل سلطتها ونفوذها الرسمي في تجييش أجهزة الدولة ومنابر المساجد لدعوة الناس إلى المشاركة لتسبغ شرعية على عبثها الصارخ بالدستور!     
وعلى العكس تماما، فكل خطوة اتخذها الإعلام الرسمي للدفع بعجلة الانتخاب إلى الأمام رجع بها القهقرى تجر أذيال الخيبة، ودائرة المقاطعة أخذت تتسع وتتسع لتضم حتى من كان يدعو قبل ذلك إلى المشاركة!
المقاطعة اليوم باتت هي العامل المشترك بين معظم القوى السياسية والحراك الشعبي بجميع أطيافها وتوجهاتها، بين من يراها واجبًا وطنيًا يجب عليه القيام به لمقاومة محاولات الالتفاف على الدستور والانقلاب عليه، ولتجاوز العقبات التي تختلقها السلطة واحدة تلو الأخرى للوصول إلى ديمقراطية حقيقية، وبين من تابع تصريحات المرشحين الحاليين وأدرك أن المقاطعة بالنسبة إليه شر لا بد منه..!
هذا هو الوضع الطبيعي.. أن يعاف الناس أي شيء تفوح منه رائحة غير طبيعية، وتمتنع عنه إلى حين زوال ضرره أو استبداله بما هو أطيب وأسلم وأنفع..!
فليس من الطبيعي أو المنطقي أو المقبول أن تقوم السلطة التنفيذية بتعديل قانون الانتخاب بمرسوم ضرورة في غياب الإرادة الشعبية ليأتي بمجلس أمة موالٍ وصديقٍ للحكومة، بينما يُفترض بالبرلمان أن أهم وظائفه وأولها هو مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها! (شلون ترهم هل كيف)؟! ثم تسمع اقتراحا ساذجا من هنا وهناك بأن نشارك ثم نطالب بإسقاط المرسوم من خلال المجلس القادم! يا بابا أقول لك مجلس موالٍ!
لنتذكر جميعا أن الديمقراطية الحقيقية هي ما نسعى إليه، فإن كانت الانتخابات وسيلة غير سليمة في الوقت الحالي لتحقيق هذا الهدف، فالبديل المتاح.. هو المقاطعة..!