كتاب سبر

مرسي ضد الشعب

عاد هتاف “الشعب يريد إسقاط النظام” إلى ميدان التحرير مرة أخرى، وعاد هتاف “ارحل” يدوي، ولم يتوقف الرئيس محمد مرسي لمجرد لحظة ليسأل نفسه لماذا، وبعد أقل من خمسة أشهر من حكمه عادت هذه الهتافات للظهور، لماذا لم يستمع إلى نداء الشعب في ميدان التحرير، لماذا لم قرر أن يخرج ، كما فعل القذافي من قبل، ليخطب بين أهله وعشيرته، وكأنه اختار أن ينحاز لهم ضد الشعب.
لم يفلح محمد مرسى منذ أن تسلم السلطة أن يفعل شيئًا لهذا الوطن، ربما يكون مفهوم الوطن ومصلحته مختلفًا عنده، لم يفلح فى انتشال البلاد من الحالة التى تركها جنرالات المجلس العسكرى من الفشل خلال الفترة الانتقالية، التى تحالفوا فيها مع الإخوان، لم يفلح فى وضع رؤية أو خريطة طريق لخروج البلاد من الأزمة الطاحنة، فى كل مجالات الحياة، لم يفلح فى تنفيذ وعوده التى اتخذها على نفسه، لتحقيقها فى المئة يوم الأولى من حكمه، فى تحقيق تقدم فى قضايا الأمن والخبز والوقود والمرور والنظافة.. وانظر حولك ستجد الأزمات تزيد ولم يتحسن فيها شىء.
 لم يفلح فى الحفاظ على روح الثورة، التى استطاعت أن تسوق المواطنين جميعًا صفًا واحدًا من أجل الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية.. لكنه أفلح فى أن يقسم الناس وفق مراجع دينية فاشية بعيدة عن المواطنة والانتماء إلى الوطن.
 لم يفلح فى استعادة عافية الاقتصاد، إنما يسير على نفس سياسات النظام السابق.. ودون أى عقلية محركة، لتكون النتيجة فى النهاية ديونا أكثر، وتضخمًا زائدًا، وموازنة عاجزة، مع استمرار الفساد الذى كان سائدًا.. لكن مع تغيير ولاء الأشخاص الذين يديرونه من النظام السابق وحزبه الفاسد إلى الإخوان وقياداتهم وتجارهم.
 لم يفلح فى الاعتماد على رجال يفهمون فى الأمور ويفكرون بجد وإخلاص من أجل هذا الوطن وحاضره ومستقبله.. إنما أتى برجال عديمى الكفاءة وعجزة وفاشلين، وولاؤهم للجماعة.
 لم يفلح فى تنفيذ أى وعود انتخابية.
 لم يفلح فى استعادة دور مصر الإقليمى والدولى، إنما استمر فى وظيفة السمسار وأدخل معه فى ذلك شركاء آخرين مثل قطر وتركيا.
 لم يفلح فى استقلال وسيادة قرارات البلاد.. إنما هناك تدخلات لأطراف كثيرة فى القرار.
 لم يفلح فى أن يكون رجل دولة مستقلا، صاحب مسؤولية عن دولة كبيرة، على الرغم من أنه جاء بانتخابات وبنسبة نجاح قليلة فى أن يحظى بثقة من لم ينتخبوه.
 لم يفلح فى لم شمل الجميع تحت قيادته من خلال الإعلاء من شأن المواطنة.. إنما عمل على تكريس وتمكين الجماعة التى ينتمى إليها.. والإعلاء من شأن أشخاص فاشلين وعجزة، وانفضح أمرهم بعد أن انكشفوا على حقيقتهم التى كانت مختفية تحت غطاء المعارضة والاضطهاد من جانب النظام السابق.. فأصبحوا هم الآن السلطويين والقاهرين والشتّامين.
 لم يفلح فى تشكيل حكومة قوية تدير شؤون البلاد، وتستعيد قدرات البلاد، وتنمى مواهب وقدرات الشعب العظيم، الذى أثبت خلال أيام الثورة الأولى معدنه النفيس فى تحمل كثير من أجل إعلاء الوطن.
 لم يفلح سوى فى التعبير عن الولاء والطاعة لجماعته ومرشده ونائب مرشده وقياداته الذين أتوا به إلى منصب لم يكن يتصور فى أى يوم من الأيام أن يكون فيه جالسًا على كرسى الرئاسة.. ومع هذا لم يفلح فى إصلاح تلك المؤسسة الفاسدة، إنما حافظ على فسادها وعلى المنح والعطايا والحراسات التى يستفيد منها على طريقة النظام السابق المستبد.
 رجل فاشل، وسياسات فاشلة، وحكومة فاشلة، وتعرى تمامًا مما ادعاه من ثورية فى وعوده الانتخابية.. رغم أنه لم يضبط أبدا بالثورية.. فالرجل محافظ طول عمره.. وتربى على السمع والطاعة لقياداته.. وهو ما أهله لأن يحظى بثقة شيوخه وقادته فى التنظيم.. فالرجل منذ أن كان فى الزقازيق وهو ينفذ أوامر وتعليمات قياداته المباشرين.. وملتزم تماما بكل التعليمات.
 كل ذلك يؤدى إلى الفشل فى إدارة البلاد.
 فهو رجل أثبت فشله بامتياز.. فما كان منه إلا تغطية هذا الفشل بالاستبداد والديكتاتورية حتى يدرك وجماعته أنه أنجز.
 ومن ثم كانت قراراته التى هى فوق القانون وأحكام القضاء السابقة واللاحقة.. وكأنها قرارات من الله.. هكذا قالت له جماعته وأفتوا له بذلك.
فهل حصل مرسى على الغطاء الأمريكى – الإسرائيلى؟!هل يمكن أن يصل الأمر بالديكتاتور مرسى إلى تحصين مجلس الشورى الذى جاء بـ7? من الأصوات، مشكوك فيها، من أجل الحفاظ على رئاسة صهره أحمد فهمى للمجلس؟!
لماذا لا يتوقف مرسي لحظة واحدة ليسأل نفسه: لماذا اختار أن يكون مع جماعته ضد مصر؟
إبراهيم منصور 

رئيس التحرير التنفيذي لجريدة التحرير المصرية