كتاب سبر

من رمد بصير

ورقة بيضاء أفتحها,كم تمنيت لو حياتي مثل تلك الصفحة,لا قديم يؤلم,ولا جديد يقلق,نعمة هي راحة البال,لا إساءة ارتكبت ولا ألما  فيه تسببت.,هيهات هيهات لما يحلم المسيئ  والمؤذي  ويكذب…حياتي ورقة بيضاء,ذلك من تغافيل يقظان الغرقان ببحور الوهم.
لك أن تخطئ مرة دون أن تتهم نفسك بالغباء,وإذا كررت نفس الخطأ,فسأتهمك بالغباء,لك أن تؤذي مرة,وسأقول إنه لا يقصد,وإذا كررت  الإيذاء,فأن تقصد و تعرف محل الوجع ,و لا تخجل أن تغمس فيه عصا كلامك الغليظ.
تدركنا الحقائق وقد فارقتنا الوقائع,فلا إدراك الحقيقة نافع,ولا الوقائع تغادر…,و المحظوظون فقط ,هم أولئك المراقبون لدنيا الله,يتأملون أحوال البشر دون التورط في أفعال البشر,يستفيدون من تجارب الآخرين,و يحزنون للآخرين,و يساعدون الآخرين.هؤلاء المحظوظون ملائكة,والملائكة في السماء…ونحن بالأرضِ.
ابتسم و أنت تتلقى الضربة,فذلك الضارب جاهل ,و المضروب لديه فرصة لا تعوض لاكتناز واحة السماحة.كم مرة جاءت الضربة على الرأس,و كم مرة أفقت فإذا لا شيء.الضربة التي لا تقتل تُقوي .تعطي مساحة جديدة بالعقل للعافية,بينما كفٌ تضربك تزداد ضعفا.فمن القوي؟..ومن الضارب و من المضروب؟
تلزمني أعمار فوق عمري القصير,و عقول فوق عقلي المحدود حتى أفهم مقولة الفاروق” ليتني شعرة في صدر الصديق”.أبو بكر ترون أكبر مآثره أنه ثالث اثنين إذ هما في  الغار,و أنه صدق حينما كذب الناس,و أنه أعطى و لم ينتظر,و أراه صفحة قلب أبيض من كثرة سطور الصفح.
الشافعي فقيه والشافعي محب والشافعي شاعر,والشافعي أديب,والشافعي هو الشافعي ملأ الدنيا علما وشغل الناس تفكيرا, وأرى الشافعي شابا نجح في أن يلمح خَطًا لا يكاد يُرى ,بين جفاف فقيه, و خيال محب
فقيهاً وَصوفِياً فَكُن لَيسَ واحِداً
 فَإِنّي وَحَقُ اللَهِ إيّاكَ أَنصَحُ 
فَذَلِكَ قاَسٍ لَم يَذُق قَلبُهُ تُقىً 
وَهَذا جَهولٌ كَيفَ ذو الجَهلِ يَصلُحُ
لو لي فرصة في ورقة بيضاء حقيقية,لكتبت فيها :المحبة و الصفح و علم لا يتجاوز فطرة مولود..فهل هذا صعب.؟رحماك يا رب
عين الشباب حادة الإبصار,لكنها لا ترى غير لونين :الأبيض و الأسود,و إذا ما زارها رمد الشيوخ عرفت أن بين اللونين طيفا من الألوان,سبحان من جعل عافية العينين في بعض الرمد.