حوارات

روى لـ((سبر)) رحلة الحصول على شهادة الطب من مصر
عبدالله الشمري “دكتور بدون” حلمه ارتداء “البالطو الأبيض” ويخشى روتين الحكومة

  • لقب دكتور لم يكن سهلا فالطريق امتلأ بأشواك المعاناة المادية 
  • رفع شعار “الفشل ممنوع” وواصل النجاح في العام تلو العام حتى رفع هامة أبيه 
  • كم كانت صعبة نظرة الموظفين لخانة غير معين الجنسية 
  • في مرحلته المتوسطة لم يكن يفكر بالجامعة ثم اجتاحه الطموح وهو بالثانوية 
  • صعوبة الدراسة والشرح زللتها العزيمة والهمّة في شهرين 
  • الأسرة ناضلت وتكفلت بكل شيء من شراء التذاكر ودفع المصاريف و ايجار الشقة 
  • لا لتقسيم البدون .. توزيع البطاقات الملونة يظلم فئة لحساب اخرى  
  • مع استمرار مظاهرات تيماء رغم تألمي من مشاهد المطاعات
الدكتور عبدالله مبارك الشمري، واحد من 3 دكاترة بدون، عادوا من القاهرة حاملين شهادة الطب.. عاد الشمري بشهادة في يده وأمنية في قلبه عنها يقول”امنيتي ان اكون سببا في شفاء المرضى بعد الله سبحانه وتعالى… وأتمنى من الجهات المعنية ان لا تعيق امنيتي وتحققها لي بالوظيفة المناسبة”. 
شهادة الشمري الذي حمل لقب دكتور عن جدارة ، لم تكن سهلة المنال بل كانت الأشواك تملأ درب الدراسة ، بسبب المعاناة المادية ، حيث لايخفى كيف تتحمل اسرة من البدون مصروفات طالب في كلية الطب في الاغتراب ، لكن هذه العراقيل كانت الدافع له لتحقيق النجاح ، فرفع شعار ” الفشل ممنوع” ، وواصل النجاح في العام تلو العام حتى رفع هامة أبيه ولم يخيب ظن أمه التي أدخل عليها أعظم بهجة وهي ترى ابنها في “البالطو الابيض”.
كل ما يخشاه الشمري ، ألا يتمكن من التوظيف ، فإذا كانت الجامعة المصرية “6 اكتوبر” قبلت جوازه المادة 17 ، فان الجهاز المركزي ووزارة الصحة في الكويت لا تُؤمن إجراءاتها الروتينية في توظيف البدون.
عن مسيرته الدراسية يكشف الشمري في حوار مع سبر سرا  وهو انه “في المرحلة المتوسطة لم يكن لدي أي تفكير في الالتحاق بالجامعة خصوصا في كلية الطب ولم يكن هدفي في ذلك، وعندما وصلت الى مرحلة الثانوية العامة كانت محطة التغيير فوضعت لنفسي خطة بأن أدرس في كلية الهندسة أو الطب”.
اكثر معاناة الشمري في مصر كانت “المصاريف التي تزيد كل سنة علينا فتزيد أعباؤنا المادية وهذه الأمور ادخلتنا في ضنك وضيق  ، ولكن سبحان الله تسهلت علينا الامور”.
اما الدراسة فكانت” فيها نوع من الصعوبة بطريقة الشرح، ولكن الحمد لله تغلبنا على هذه الامور في غضون شهر او شهرين، بعزيمة الشباب وهمتهم   ونزع حاجز الخوف والخشية من الوقوع في الفشل”.
ويستنكر الشمري فكرة تقسيم البدون ويقول” ينبغي على الجهاز المركزي الا يتخذ هذه الأمور فلابد ان ينظر الى قضية البدون برمتها ويصدر الحلول المناسبة لها”.
ودعا بني جلدته الى الاستمرار بالمظاهرات والاعتصامات” لانه بكل صراحة أرى أنهم يجنون ثمار هذه المظاهرات، واتمنى ان يزداد عدد المتظاهرين لكي يصل صوتهم الى الحكومة  والجهات المعنية”.
ويتألم من مشاهد القمع ” يحترق قلبي لمشاهد المطاعات والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع ،وكذلك يتحرق قلبي ألما لكل من ضرب خصوصا ان الجميع من أرض واحدة وكلنا اخوة فيما بيننا وتجمعنا أرض وبلد واحد”.
* بداية حدثنا عن مسيرتك التعليمية ؟

في البداية كانت الأمور والاجواء الدراسية جدا طبيعية ولم تكن هناك أي صعوبة من ناحية الدراسة نظرا لأننا لدينا الاستعداد الدراسي وبالنسبة لي كانت جميع الظروف والأجواء منذ الصغر متيسرة جدا، والحمد لله كان لنا الجهد العالي وحب الدراسة والمثابرة على اجتياز كل صعب ، بالاضافة الى ان الاسرة عودتنا منذ الصغر على توفير الجو الدراسي في المنزل.

وسأكشف لك سرا  أنني في المرحلة المتوسطة لم يكن لدي أي تفكير في الالتحاق بالجامعة خصوصا في كلية الطب ولم يكن هدفي في ذلك، وعندما وصلت الى مرحلة الثانوية العامة كانت محطة التغيير بأنني وضعت لنفسي خطة وأهداف معينة أسير عليها وكانت من الأهداف أن أدرس في كلية الهندسة أو الطب وكانت ميولي أكثر الى الطب، فالحمد لله على كل حال كانت مرحلة الثانوية هي المرحلة التي حددت لي مسيرتي في الدراسة بالجامعة، ولم تكن هناك أي صعوبات واجهتني.

* ما هي المشاكل التي واجهتك من خلال التحاقكم بجامعة ستة أكتوبر بجمهورية مصر؟

معادلة النسبة مشكلة واجهتنا في البداية لانني كنت مسجلا بالجامعة عن طريق مكتب وكان له تعامل مع الجامعات فلم يقبلوا على اساس النسبة فكانت هذه الصعوبة بان لا أعرف هل تسمح لي الجامعة بالقبول أم لا، فكان هناك لي ابن عمي يدرس في مصر فقدم لي الأوراق، وسهلت لي الأمور من ناحية النسبة.

*من تكفل لك بالدعم المادي؟ 

الوالد هو من ساعدني في المصاريف وكانت الامور صعبة من حيث المصاريف وكثرتها علي ولكن الوالد لم يقصر معي في هذا الخصوص.

ومن حيث المصاريف كانت كل سنة تزيد علينا فتزيد أعباءنا المادية وهذه الأمور ادخلتنا في ضنك وضيق  ، ولكن سبحان الله تسهلت علينا الامور.

* هناك أمور أخرى غير الدراسة مثل شراء التذكرة ودفع ايجار الشقة وغيرها، كيف استطعت الوفاء بكل هذه الالتزامات ؟

بكل تأكيد، هذه الأمور شكلت لي عبئا ماديا كبيرا، وخصوصا بأني طالب ليس لدي أي دخل مالي، فكانت الأسرة هي المتكفلة في الدراسة وتسديد أي عبء مادي يصادفني، ولا ننسى ان في مصر كانت المعيشة كل سنة ترتفع،مما كان يسبب لنا  المشاكل خاصة دفع ايجار الشقة.

*في الاجازة الدراسية… هل كنتم  تمكثون في مصر أم تعودون للكويت؟

في الاجازة الصيفية نرجع الى الكويت لنرى الأهل والوالد والوالدة ونطمئن عليهم وعلى الأسرة بأكلمها، وطبعا هذه العودة من الذهاب والاياب تعتبر من الأعباء المالية في شراء التذكرة وغيرها.

* كيف تغلبت على المشاكل التي واجهتك؟

هناك مشاكل واجهتنا، ففي أول سنة كنت أنا وزميلي صلاح مصعبين الامور في الدراسة بالكلية وكان مجال الدراسة تغير علينا أسلوبه بكوننا طلبة بالجامعة وليس كما الدراسة في المدرسة في مرحلة الثانوية، وكذلك التعامل مع الدكاترة والمواد التي كنا ندرسها كان فيها نوع من الصعوبة بطريقة الشرح، ولكن الحمد لله تغلبنا على هذه الامور في غضون شهر او شهرين، فكانت عزيمة الشباب وهمتهم السبب الرئيسي في نزع حاجز الخوف والخشية من الوقوع في الفشل وثابرنا في من أجل النجاح.

* هل واجهتم شروطا تعجيزية في جامعة ستة أكتوبر في مجال التخصص “طب وجراحة”؟

كانت الأمور ميسرة ولم يكن هناك أي شرط او شروط تعجيزية، وبالنسبة لي أخذت الموافقة من مصر على أساس ان الجواز مادة 17 لا يصدر لي الا بالموافقة من الجامعة نفسها فهذا الأمر تأخرت قليلا فيه، والجواز لم يصدر الا بموافقة رسمية من الجامعة او قبول مبدئي في الجامعة.

* من خلال دراستك في غضون ستة سنوات متتالية، وذهابك الى مصر والعودة الى الكويت خلال الاجازة، فهل واجهتك صعوبة في تجديد جواز السفر؟

كانت في أول سنة كانت الأمور فيها نوع من الصعوبة، من حيث سحب الجواز حين عودتنا الى الكويت فيسحب من المطار، ولابد توفر ورقة معينة حتى تسترجع الجواز مرة أخرى، فهذه من الامور التي واجهتني، وكذلك في تجديد الجواز كانت تطول المدة الزمنية في تجديده.

*هل لاقيت مساعدة من اتحاد الطلبة ؟

في بدايات دراستي لم يكن اتحاد الطلبة متعاونا معنا، بالاضافة الى السفارة الكويتية بمصر لم تكن متعاونة، وآخر سنتين بدأوا يتعاونون معنا، ولكن في البداية ما كان لديهم الاستعداد بالاعتراف فينا لاننا نحمل جواز مادة “17” فهذه واجهتنا فيها صعوبات.

* لماذا انصب تفكيرك بالدارسة في جامعة ستة أكتوبر بالرغم ان هناك الكثير من الجامعات في مصر؟

لم تكن هناك أي جامعة في بالي سوى جامعة ستة أكتوبر، وكذلك لان هناك لي ابن عمي يدرس فيها، فهو الذي رشح لي الجامعة من حيث السهولة بالتسجيل وكذلك التعامل الجيد مع الدكاترة هناك، وبالنسبة الى موقعها الجغرافي فهي قريبة من الكويت أفضل من الاغتراب في الدراسة في دول بعيدة عن الكويت.

* بعد تخرجك والحصول على شهادة التخصص،هل تعتقد ان التوظيف بالكويت سوف يكون سهلا ام هناك أمور تعجيزية تسبب عرقلة في التوظيف؟

اعتقد سوف تكون أمور صعبة قليلا في التعامل،والجميع يعرف الأمر من حيث توفير الأوراق المطلوبة حتى ينال الشخص وظيفة مناسبة تؤمن مستقبله، وخصوصا بأني من فئة غير محددي الجنسية “البدون” سوف ألاقي مشكلة في الاجراءات الروتينية ما بين الجهاز المركزي وديوان الخدمة المدنية، ولابد ان تراجع الجهاز المركزي حتى تحصل على وظيفة، ولا ننسى ان أولوية التوظيف للكويتيين، بالاضافة الى التوظيف على حسب احتياج الوزارة.

* هل تكمل دراستك في التخصص؟

لي سنة ميداني وتبدأ في شهر ابريل، وحتى نستخرج شهاداتنا من مصر وبعد السنة نرى ظروفنا هل نكمل أم لا، وسوف نحدد ذلك في هذه السنة الميداني هل نكمل أم لا.

* هل تشعر بالصعوبة لو أكملت دراستك؟

بكل تأكيد، دراستي خلال ستة سنوات كنت أدرس الطب بشكل عام وبعدها اتخصص في شيء معين فلابد ان أواجه صعوبة.

* حدثنا عن يومك في مصر… كيف كنت تقضيه وهل يومك كان مرهقا ما بين الدراسة والجلوس بالمنزل؟

في البداية كان فيه نوع من “التعاسة” ولكن هناك الجو الشبابي من “الجمعة واللمة” من الشباب الجامعيين معنا هي ما خففت علي “ضيق الصدر” والملل والمعاناة، فكنا مجموعة من الشباب الذين كانوا معنا في مدارس الكويت، فتجمعنا جميعا في شقة واحدة وهي ما خففت معاناة الغربة.

* هل كنت في شقة واحدة؟

لا، فكنت أنا وصلاح وصديق ثالث نسكن في شقة واحدة من أول سنة، وأما الباقي كنا نتجمع معهم من خلال الديوانية وكانت من تصميم الشباب فكنا نتجمع يوميا او يوم وترك.

* وماذا عن مسألة الطهي وواجبات المنزل هل  كانت متعبة لك؟

بالطبع نعم، مسألة الطهي وغيرها كانت متعبة لنا، وكنا مقسمين الادوار فيما بيننا ما بين الطبخ والغسيل.

* قام الجهاز المركزي بالآونة الأخيرة بتقسيم البدون الى اربع فئات وكل فئة لها بطاقة بلون معين، فما تقول عن هذا الأمر؟

بكل أمانة لا أعرف ما هي الفئات التي سوف يقسمها الجهاز المركزي، ولكن لا ينبغي فعل ذلك ، وسوف يكون هناك ظلم على فئة، فهناك معنا طلبة يستحقون التوظيف فيكون عليهم ظلم في توزيع البطاقات الملونة، خصوصا الطلبة من ذوي المؤهلات العلمية العالية فعلى سبيل المثال يصرف لهم البطاقة ذات اللون المعين التي لا يوجد فيها الامتيازات فسوف يظلم بذلك.

ينبغي على الجهاز المركزي الا يتخذ هذه الأمور فلابد ان ينظر الى قضية البدون برمتها ويصدر الحلول المناسبة لها، ونأمل بذلك ان تنتهي الأمور وتحل قضية البدون.

* مجموعة 29 قامت بالاحتجاج والاعتصام لعدم قبول جامعة الكويت طلبة البدون المتخرجين من الثانوية العامة… فما هو رأيك؟

ابعث لمجموعة 29 الشكر، فهي دائما ما تنادي بحل قضية البدون وتعمل جاهدة في حل جميع الامور التي يقع فيها البدون، وهم يستحقون الشكر والتقدير على ما بذلوه من جهود جبارة في المناداة لرفع الظلم عن هذه الفئة، وجزاهم الله كل خير في اجتهادهم على قضية البدون وكانت لهم ثمار ناجحة في هذه القضية.

* هل لديك أمنية ان تدرس في جامعة الكويت؟

اتمنى وأمل ان أكون طالبا من ضمن طلبة جامعة الكويت، وأمل ان جامعة الكويت تستقبل طلبة البدون المجتهدين والمثابرين نظرا لأنهم ولدوا وترعرعوا في هذا البلد العزيز والغالي علينا، بدلا من الذهاب الى بلدان أخرى ومواجهتهم المشاكل من الغربة والبعد عن الأسرة والعائلة فضلا عن المصاريف الدراسية من جميع النواحي.

* الغربة صعبة ، ماذا تعني لك هذه الجملة؟

الغربة مسألة صعبة، والعيش في الغربة أمر غير سهل، فأنا عندما ذهبت الى مصر كان عمري 18 سنة ، فجأة يوم وليلة أذهب الى مصر دون مقدمات فهذا الامر ليس بالسهل هضمه او تداوله خصوصا ذهابك بمفردك، ولا تعرف الدولة التي ذهبت لها.

* ساحة الحرية في تيماء شهدت تجمعات ومظاهرات للبدون، فما تقول بهذا الامر؟

اتمنى ان يستمروا بالمظاهرات والاعتصامات لانه بكل صراحة أرى أنهم يجنون ثمار هذه المظاهرات، واتمنى ان يزداد عدد المتظاهرين لكي يصل صوتهم الى الحكومة والجهة المعنية، واتمنى ان تحل هذه القضية دون التعامل معهم بتعسف.

ولا أعرف سببا لتفسير التعسف الذي استعملته وزارة الداخلية والقوات الخاصة ضد البدون رغم انهم من أرض واحدة، فلا أدري ما سبب هذا التعسف.

ويحترق قلبي للمشاهد من المطاعات والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع ،وكذلك يتحرق قلبي ألما لكل من ضرب خصوصا ان الجميع من أرض واحدة وكلنا اخوة فيما بيننا وتجمعنا أرض وبلد واحد.

* انت طالب من فئة غير محددي الجنسية “البدون” هل عانيتم من هذا المسمى؟

طبعا وفيها شيء من “الحزازية”، وهناك لم يسمونا بدون بل يسمونا بالجنسية غير معين، وعند تخليص المعاملة ينظر الى الجنسية غير معين فينظر الينا بنظرة ريبة، فتبدأ تساؤلات ونقع في الاحراج… لماذا انت غير معين؟ ولماذا هذه التسمية ألم تكن كويتيا؟! فكانت تواجهنا صعوبات وتحز بالخاطر.

* كلمة أخيرة…

شكر خاص اولا وأخيرا للوالد والوالدة على جهودهم المبذولة تجاه دراستي فلهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى.
وأشكر مجموعة 29 على الاستقبال الذي قاموا به في المطار خصوصا الدكتورة رنا العبدالرزاق والدكتورة شيخة المحارب والدكتور فلاح الثويني، وجزاهم الله خيرا على الاستقبال الجيد وبكل صراحة أثلجوا الصدر.

امنيتي ان اكون سببا في الشفاء للمرضى بعد الله سبحانه وتعالى… وأتمنى من الجهات المعنية ان لا تعيق امنيتي وتحققها لي في الوظيفة المناسبة.