كتاب سبر

الوشيحي وحديث عن المسكوت عنه
همسة في أذن القضاة والنائب العام

هل القضاة معصومون من الخطأ؟ الإجابة: لا… طيب هل ذواتهم مصونة من النقد؟ الإجابة أيضاً: لا، لكنها “لا” أكبر من سابقتها.
هذه المقدمة أحتاج إليها لتقيني البرد وتظللني من الحر واللواهيب، ولتكفيني عناء الاستعانة بالمقولة الشهيرة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، عندما قيل له “الفساد يعم البلاد”، فسأل عن أحوال القضاء والصحافة، وقيل بل سأل عن أحوال القضاء والتعليم، المهم أنه في الروايتين سأل عن أحوال القضاء، فطمأنوه، فاطمأنت نفسه.
ولو كنتُ عضواً في مجلس القضاء الأعلى لأمرت مجموعة من الثقات بالانتشار بين الناس لمعرفة رأيهم في القضاء، خصوصاً ما يتعلق بالشأن السياسي المحلي والخارجي، وبالسياسيين، وبكل ما له علاقة بقضايا الرأي العام، ولرصدت ما يقوله الناس عن طريقة إحالة القضايا إلى القاضي الفلاني والدائرة الفلانية، وغير ذلك مما يقولون. فالناس شهود الله في أرضه. 
الأمر ذاته ينسحب على النيابة العامة، التي هي جزء من القضاء، وأظن أن أحاديث الناس عنها، وتحديداً عن النائب العام، أكثر من أحاديثهم عن القضاة، باستثناء عدد من القضاة يتم تداول أسمائهم والحديث عنهم بكثرة.
لو كنت مسؤولاً في النيابة العامة أو في مجلس القضاء، ما التفتّ إلى الكلاشيه الصحافي “قضاؤنا نزيه”، فالصحافة في الكويت، في معظمها، وُضعت في علبة صغيرة، وقُدمت هدية للسلطة في عيد ميلاد فسادها، وتحول بعض محرريها وكتّابها، بل  وبعض ملاكها ورؤساء تحريرها إلى ملمعي أحذية، ينتظرون المسؤول عند طرف الوحل، لتنظيف حذائه مما علق به، ليعود من جديد “ناصع السواد”.
وكل من تعلم في المدارس حروف الهجاء، يعلم أن كل الدول غير المحترمة، كانت تتغنى بنزاهة القضاء، والقضاة، والنيابة العامة، بيد أن الصورة في أذهان الناس هناك تختلف جذرياً عما تقوله سلطات تلك الدول وصحافتها.
أكرر وأختم: أتمنى أن يقوم المسؤولون عن القضاء بإجراء استفتاءات سرية لقياس صورة القضاة، (أقول القضاة لا القضاء)، ووكلاء النيابة، والنائب العام، في أذهان الناس، كي يتم تعديل أي اعوجاج طرأ، أو الاستمرار في النهج ذاته إذا كانت نتيجة الاستفتاء مطمئنة.
ومن أهم الأسئلة التي كنت سأطرحها على الناس في الاستفتاء، بطريقة غير مباشرة، لو كنت المسؤول، السؤال عن رأيهم وتقييمهم لما تم اتخاذه من إجراءات في قضايا التحويلات والإيداعات والاستثمارات والناقلات، كذلك رأي الناس وتقييمهم لتعامل النيابة العامة مع شباب المعارضة، ومع تصريحات المعارضين وأفعالهم، وهل هي ذاتها مع تصريحات الموالين وأفعالهم؟ وأسئلة أخرى لا تقل عنها أهمية.
أكتب هذه المقالة وأنا أرتدي عباءة الجدية، مستغنياً عن “أدواتي” المعتادة في الكتابة، ليكون كلامي واضحاً وهادئاً وجاداً.