توفيق الدقن… كويتي
بقلم: ذعار الرشيدي
أغلب أدوار عملاق الكوميديا الراحل توفيق الدقن كانت تنحصر في تجسيد شخصية الشرير الظريف، وبما ان الشعب العربي عاطفي جدا ويصدق كل ما ينتجه الإعلام، فالغالبية منهم يعتقدون ان الدقن شرير حقيقي، رغم انه في الواقع شخص غارق في الطيبة، ولم أقم ببناء هذه الحقيقة إلا من ابن أخيه د.توفيق الدقن الذي كان يعمل في الكويت طبيبا شرعيا، وخلال لقاء لي معه قبل 10 أعوام أبلغنيبأان عمه توفيق كان قمة في الطيبة والأخلاق وانه كان يصطحبه معه عندما كان طفلا إلى بلاتوهات الأفلام التي كان يمثل فيها.
توفيق الدقن – رحمه الله – كان شخصا طيبا جدا في الحياة ولكنه ظهر إعلاميا وتم تصدير صورته عبر السينما كشخص شرير جدا، رغم انه على عكس تلك الصورة بل ونقيضها تماما.
الصورة النمطية التي تم حصر الراحل توفيق الدقن فيها، تشبه الصورة التي حصر فيها بعض من الساسة لدينا، وخاصة ممن يعملون في الحكومة أو يؤيدونها، رغم أنهم في واقع الحال غالبا ما يكونون أشخاصا طيبين جدا، بل وأطيب من الطيبة نفسها.
أحد الشخصيات السياسية ممن يوصف بأنه من أعداء الحراك الشبابي بل ويتم تصويره أحيانا بأنه شخص يعمل ضد الشعب الكويتي، حتى تعتقد انه رضع مع الشيطان، التقيته مصادفة، جمعني به لقاء لأكثر من ساعتين، لم يكن الرجل يتصنع بل كان يتصرف على طبيعته، وتبين لي انه شخص أرق من نسمة هواء صيفية، رغم أن كل التغريدات والمقالات التي تناولته كمسؤول تصوره كعاصفة استوائية لم يخلق سوى للدمار، سألته وبكل وقاحة: ألا تقرأ ما يكتب عنك؟، فأجاب مبتسما: «هم يريدون شريرا سياسيا وقدري أن أكون كذلك في نظرهم ويكفيني أن عائلتي والمقربين مني يعلمون أنني لست كذلك وهذا كل ما يهمني وأما الصورة الإعلامية فلا تعنيني».
فعلا لدينا ساسة تم تصدير صورهم لنا على أنهم أشر من الشر نفسه، رغم أنهم في الحقيقة عكس كذلك تماما، وهناك للأسف من يروج صورتهم المشوهة لنا خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المقالات دون حتى أن يتحقق ناقل الخبر من المعلومة التي يوردها عن الشخص، حتى ان الصورة السياسية لدينا أصبحت أشبه بفيلم عربي قديم، فكل قيادي في الحكومة هو توفيق الدقن الذي يجب ان يسقط في شر أعماله قبل نهاية الفيلم بخمس دقائق، وكل من هو في المعارضة هو فريد شوقي البطل الذي لابد وان ينتصر في النهاية، رغم ان هذه ليست الحقيقة، فالسياسة عمل عقلاني مستمر ويخضع لقواعد عقلانية ثابتة ودلائل محددة وواضحة، ويحصل فيها كثير من التبدلات في الأدوار، ولكن ربعنا يعشقون التفكير العاطفي السهل، ويتناسون حقيقة انه ليس كل البرتقاليين طيبين بالمطلق وان جماعة الأزرق ليسوا أشرارا بالمطلق أيضا.
مشكلتنا في الكويت بل في العالم العربي أجمع أن التفكير السائد في أي تناول سياسي هو التفكير العاطفي الانفعالي، لذا يرى الجمهور الصورة السياسية في بلده اما أبيض أو أسود، متناسيا الجميع أن السياسة في الأصل رمادية اللون.

أضف تعليق