كتاب سبر

ضرب الإصلاح

ضرب الإصلاح
حمود ناصر العتيبي
@humod2020
ضوء شديد يقتحم عيناه، يحاول تخفيف حدته بالإطباق على الأجفان إلا خطًا صغيرًا  ينفذ القليل منه، كتدرّج في قبول حدته، يخرج اليوم من سجن البلادة والخمول إلى إشراق العمل والعطاء.. وهكذا يكون حال من لم ينزل الميدان ومن كان قابعًا في بيته يشاهد الباذلين من النوافذ.. يحلل تصرفاتهم وهو لا يرى سوى صورة بلا صوت ولاتفاعل ولا دراية بسياق العمل، يقتطع لقطة يبني عليها من وهمه وزيف عقله بلا إنصاف، يتحدّث بروح المعادي وكأنه ينتقم من خموله وركوده بإراحة نفسه بأن الأصح المكوث في كهفه المنتن لا يسمع سوى نفسه وحواراته المقيته والتي تهون من  آلامها بضرب أهل الخير!
وعند نزوله وتركه لحاله الماضي يدرك أنه أخطأ التقدير، وبالغ في التفسير وبدأ يقرأ مواقف الآخرين بشكل واضح ويلمس نبل مقاصدهم وحكمتهم في التعاطي مع الأحداث، شعر بأنه كان ميتًا فأحياه الله عند قراره العمل والسكوت عن التقييم والنقد والتجريح، شعر بأنه الآن تلميذ صغير عند هذه الجبال من التجارب والكفاحات.. شعر بأنه كان يلبس ثيابًا كثيابهم ولكنه أكثر شراً وإزعاجا لهم، وأشد تعطيلًا لعملهم النبيل، لكن النفس التي اعتادت الراحة تبرر بكل وسيلة بأن الفساد كل الفساد بالعمل ولكي لا يتصادم مع السنن الكونية، فيقول : الفساد في طريقة العمل ونوايا العاملين، ويكتفي بالقعود!!
هذا حديث بعض من ضرب العمل الخيري بالرغم من إدعائه أنه من المحسوبين عليه!! فما بالك بمن غطاه الفساد من رأسه حتى أخمس قدميه ! ويتبجّح في شتم أهل الخير ويؤلف الأكاذيب بدعوى توعية الناس ! وقد لا يعي هو أنه  في سكره وشره ، عورة تحتاج لمن يسترها! 
يتهافت الساقط واللاقط والتافه والسفيه والبوق المشترى ليتكلم عن العمل الإسلامي في الكويت وغيرها!! ودافعه طبعاً مصالح لا أكثر ومكاسب لاغير، والدليل أن الخطر ظهر للتو! وأهل الخير يعملون منذ عقود تعرفهم كل بلاد المسلمين قاصيها ودانيها،  فما ضرهم تجاهل الجاهل وبجاحة العاطل ومراوغة المماطل وسوء خلق القائل، فهم نجوم في السماء يهتدي بهم ملايين البشر في عالمنا الإسلامي لاقتفائهم سنة الهادي الأمين، وهم حصون خير ظهر هذا بالتجربة في محنة البلاد وملاذ لكل مفجوع ومكلوم ومحتاج ومحروم، لم نسمع عنهم قط أنهم فجروا موكبًا، أو اختطفوا طائرة أو نظموا خلايا تجسسية أو كان ولاؤهم لغير بلادهم، أوتكلموا وكأنهم مناديب لأسيادهم في بلادهم! ولا يفعل هذا سوى قلة يعرفهم كل كويتي، وما تسلل إلى نفوس الناس أنهم شر كبير وخطر يطير! لم يكن هذا، فالناس تقدرهم وتثق بهم وتدفع بفلذات أكبادها لينهلوا من فيض سجاياهم ويتشاركون ويشاهدون تبرعاتهم كيف تتحول إلى مشاريع بناء خطوة بخطوة بلا غموض أو إخلال، ويدرك هذا كل أطياف المجتمع من بدو وحضر وسنة وشيعة ويقدرونه.