كتاب سبر

(النقد) مشروع حياة…؟!!

(النقد) مشروع حياة…؟!!
عبدالكريم الشمري
النقد البنّاء ممارسة هادفة لا تستغني عنها كل الشعوب والأفراد التي تصبو دائماً نحو الأفضل.. ولا تكاد تخلو أمة من الأمم من النقّاد، لأن النقد كفعل مجرّد هو نوع استعلاء وتزكية ضمنية للنفس بأنها أحاطت بما لم يحط به المنقود علماً.. وشعور التعالي مما تدعو له النفوس التي لم تروّض بالتديّن والأخلاق الرفيعة، ولكن عند التمحيص يتبيّن بأن الناقد الهادف بين النقّاد كالشعرة البيضاء في الثور الأسود لكثرة مدّعيه دون بينة تنقض واقعهم…!
وهناك نقّاد جعلوا النقد مشروع حياتهم كالأديب المعروف زكي مبارك، فقد عاش هذا الرجل ناقداً ومات وهو مادّة دسمة للنقّاد، ولا يعاب زكي مبارك ومن حذا حذوه بكثرة نقده إذا كان النقد مستحقًّا، فالناقد البنّاء يتشوّف دائماً للأفضل حتى لو كان الواقع جميلاً مشابهاً بذلك الطبيب الذي يتجاهل كل أجزاء المريض الصحيحة، ليقف فقط عند الجزء العليل ويسعى في معالجته، وهذا لا يعني أن يكون الناقد متشائمًا وذا نظرة سوداوية، فيجب عليه أن ينصف الواقع ويضعه في موضعه الصحيح ولا يبخسه حقّه بحجة أن هذه الطريقة تستحث النفوس بسرعة نحو التغيير. ولكنه يصدّق ويبيّن فضل الواقع إذا كان يستحق ذلك مع الحث والتنبيه بأن هناك أفضل من هذا الواقع…؟!
وممّا يميّز الناقد الهادف عن غيره من النقّاد، أن الناقد الهادف يضمّن نقده للآخرين دعوة للآخرين لنقده، فالناقد الهادف يحب أن يسمع نقد الآخرين له كما يحب أن يسمع الآخرين نقده لهم.. فسعة الأفق من أهم ما يتمايز به الناقد الهادف عن غيره من النقّاد…؟!
فهذه الطريقة في التعاطي مع النقد هي التي تسهّل عليك وتدفع عنك التهم من اتخاذ النقد مشروع حياة.. وتقلل خصومك وتكثر محبيك…؟!
تويتر: a_do5y