كتاب سبر

الإصلاح السياسي والديمقراطية

الإصلاح السياسي والديمقراطية
بقلم.. سحر محمد 
نسمع كثيرًا عن الإصلاح السياسي والاجتماعي عندما يتحدثون عن الديمقراطية، وكأن الإصلاح جزء منعزل عن العملية الديمقراطية أو أنها عملية تسبق الديمقراطية أو أن الديمقراطية تحتاج إلى عملية إصلاح في نفسها حتى تتبلور، وفي ذلك تكونت أحزاب سياسية تتحزب الإصلاح الديمقراطي.
الإصلاح السياسي جزء خاص من الديمقراطية وطلب الديمقراطية يأتي مع عملية الإصلاح السياسي، وهما عملية مركّبة لا يمكن عزل أحدهما عن الآخر أو أن نؤجل أحدهما من أجل الآخر، ولعلّ ما يحدث بعد ثورة مصر هو خير مثال على ذلك، فحالما قامت من أجل الحرية والكرامة وبحثًا عن الإصلاح الاقتصادي والسياسي، تمت عملية الديمقراطية في نموذج صناديق الاقتراع، وعندما ظهر مع الوقت أخطاء – حسبما نظروا – ما اختاروا  تصادموا مع الحكم، فوقعت العمليتان معًا في صف واحد من محاولة إصلاح الاختيار والاعتراض على القرارات ورفضها.
فنلاحظ أن الشعب مارس ديمقراطيته في اختيار الرئيس، وعندما كشف هذا الاختيار عن أخطاء اكتشفها أغلب الشعب، بدأت عملية الإصلاح السياسي في مناقشة قرارات الرئيس حينًا، والثورة عليها حينًا آخرًا في نفس الوقت.  
الإصلاح السياسي هو عملية تعديل وتطوير جذرية كانت أم جزئية في شكل حكم نظام الدولة، وهذا المفهوم لا يقوم إلا إذا كانت هناك ديمقراطية تعطي الشعب حقه في هذا التغيير؛ لأن النظام لا يبدل نفسه ولن يتطوّر دون أن تكون هناك رغبة شعبية. 
لقد قضت الدول العربية زمنًا وهي تدعو إلى عملية إصلاح سياسي بمعزل عن الدعوة إلى الديمقراطية، وتقيم الندوات والمؤتمرات في ذلك ومحاولات الإصلاح التي غالبًا لا نسمع عن نتائجها، وتتلاشى كأن لم تكن  حتى أننا نسمع الإنسان العادي عندما يُناقش في الديمقراطية، يجيب بكل تلقائية، لا نريد ديمقراطية دون أن نصلح الوضع السياسي والاجتماعي.
في اعتقادي أن الإنسان يكون  جاهزًا للديمقراطية، إذا تعرض للقهر والظلم، لأنه عرف معنى التسلّط والسلطة ويريد أن يمحوهما بعدالة تحفظ له حريته وحقه، ومن أجل هذا الشعوب العربية جاهزة لهذه الديمقراطية رغم محاولات الإحباط ورغم ما يدّعيه البعض بعدم استعدادها، ولا عيب في سوء الاختيار الذي لن ينكشف إلا بممارسة ديمقراطيته، ومن ثم يراجع ويصحح إصلاحًا وسط دائرة الديمقراطية.