كتاب سبر

كومبارسات الواقع

كومبارسات الواقع 
بقلم.. فيصل عمر الهاجري 
مُنذُ القِدمْ .. وحتى لحظة إعداد هذا المقال، كانت النظريات النقدية الكلاسيكية تؤكّد بأن المسرح ما هو إلا محاكاة للواقع بطريقة فنية بحته، وقد انعكست اسقاطات تلك النظرية حتى تم تطبيقها على السينما والتلفزيون وكافة وسائل الاتصال المرئي والمسموع.
ولكن ساسة الكويت ورجالات سياستها في جاخور الحياة العامه عكسوا هذه النظرية النقدية، وجعلوا حياتنا تتحول إلى انعكاس أهوجّ مقلوب في الغالب لما نراه على خشبه المسرح، وبالتالي صار الفن مجرّد تابع صغير للساسة يعبر عن طموحاتهم وشطحاتهم وصراعاتهم، ولكأنهم الأساس لمحور هذا الكون البالغ الفسيح.
 ففي المدرسة كنّا ندرس ونتعلم ثم نمتحن، أما في مدرسة وحياة ساستنا، فإننا نواجه الامتحانات وتنال منّا الكوارث والمحن فنتعلم منها الدروس.. والدرس الأول الذي نتعلمه في كل مرّه، هو أن نقع في الخطأ ذاته مرات ومرات المرات، تماماً كالممثل على خشبة المسرح الذي يعيد الدور يوميًا ويقع في ذات الأخطاء ولا يتعلّم شيئاً منها.. فـ على خشبة المسرح وبين الجمهور نلحظ أكبر عملية تواطؤ، وكلما كان التواطؤ أكبر، كانت المسرحية ناجحة والجمهور أكثر تفاعلاً وتمتعاً بالفن.. كيف :
  • الفنان يعرف أنه يمثّل !
  • والفنانة تعرف أن الفنان يمثل وأنه لا يبحبها بجنون كما يدعي بينما تنهال دموعه لتعبر عن مشاعره، وهي دموع مزيفة بالضرورة !
  • عدو الممثل في المسرحية، هو ممثل، والعداء الذي يظهر جلياً على الخشبة، هو تزوير للحقية وقد يكونان من أعز الأصدقاء !
  • القاتل..لا يندم على جريمته بعد انتهاء العرض !
  • المقتول ينهض بعد العرض، وربما يخرج مع قاتله لتناول القهوة وكأن شيئاً لم يكن !
  • الجمهور يعرف أن من هم أمامه هم مجرد ممثلين، وأن ما يحصل ليس واقعياً !
وهنا يكون التواطؤ بين الممثلين والجمهور على أبعاد الحقيقة، وتخيّل الوهم كحقيقة والتصرف بناءً عليها، هكذا يفعل ساستنا بنا تمامًا.. يخلقون لنا عالماً وهمياً وافتراضياً.
  • نحن نعرف إنهم يمثلون.
  • وهم يعرفون أننا نعرف أنهم يمثلون.
لكننا وعندما يتعادى ساستنا على أرض الواقع.. يجعلوننا نتعادى، ويُنسّوننا أننا نمثل وأنهم يمثلون، فندخل في حرب قبلية وطائفية وعنصرية ضد بعضنا البعض، ويخاصم الكل منّا الآخر في الحقيقة وليس على خشبة المسرح، ولا نتذكر بأننا لعبنا مسرحيتهم، وعشنا الدور وصدقناها، إلا ونحن نلفظ أنفاسنا الأخيرة للأسف.