غربة “بدون”
بقلم.. مهرة العجمي
جلست في الغربة ذات يوم لوحدي في غرفة موحشة، يسودها الظلام سوى من أنوار الشوارع.. ولا أحد بقربي سوى صوته في الهاتف يطمأنني، ولم أشعر وقتها بالغربة أبدًا، وهو يقطن معي في نفس المدينة ولكن في مكان آخر.
سألته: ما تعني لك الغربة؟ قال: تعودت عليها فأنا حتى في وطني غريب.
أحزنني جداً، وعاهدت نفسي ان لا أتركه أبداً.
نام هو.. وجلست وحيدة على تلك الشرفة المطلة على شوارع انهكها الدهر، أفكر في حالنا، أنا في الغربة ليوم واحد.. ولكنه في الغربة من قبل أن يولد.
وكما قال به أحمد مطر: “غربه موصوله تبدأ في المهد ولا عوده منها للأبد”.
أي وجع يحس به كل يوم؟ وأي حزن وهمٍ يكنهما بصدره ولا يستطيع الإفشاء عنهما ؟ والأهم من ذلك أي مستقبل ينتظره؟
تُرى يلوم من في غربته تلك، أمه؟ أباه؟ وطنه؟ أو حكومة وطنه؟! أم يلوم نفساً ما زالت تتأمل خيرًا من وطن يجحده كل يوم! إنسان يتنكره وطن بأكمله بربكم يلوم من؟ واسفاااه لم اسمع بوطن يتنكر أفراداً إلا وطني، نحن نحزن لو تنكرنا شخص أو طفل حتى، فكيف بشخص يتنكره وطن؟! طرأ إلي أيعقل من أجل هذا نسمع كل يوم بحالات الانتحار؟
فئة منهم تنتحر، وفئة تهاجر، وفئة تحكي حالهم أبيات أحمد مطر:
ماعندنا خبز ولا وقود
ماعندنا ماء ولا سدود
ماعندنا لحم ولا جلود
ماعندنا نقود ..
كيف تعيشون إذن ؟!
نعيش في حب الوطن !
للأسف منذ سنين وهم هكذا في غربة، ولكنهم ولِدوا على أن حب الوطن أقوى من كل المشاعر، الكل يعتبرهم شرذمة خطرة على هذا الوطن، الكل يعتبرهم مجموعه لا حاجة لها ووجب تسفيرها بحد قولهم أو إكرامهم كالضيف، الكل يعتبرهم فئة تريد أن تنهب خيرات الوطن، ولكنهم بالحقيقة أحد سواعد هذا الوطن رغماً عن الجميع.. بربكم أيعيش طيراً دون جناحه؟ ومن يقول عكس ذلك فهو الخطر بحد ذاته ووجب التصدي له !
اعتراف:
ليس كل مايلمع “وطناً” !!
أضف تعليق