آراؤهم

الرضا شرعية الدولة

الرضى هو القبول والاستحسان المتمثل بصحة العلم الواصل إلي القلب فإذا باشر حقيقته اتاه إلي الرضى ، كما ان الرضى ينزل على المرء السكينة وهي التي ما ان تنزل حتى يستقيم المرء وتصلح أحواله ومنها ما انزل في قوله تعالى بسورة الفتح {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} 18 ، ونقيض الرضى هو الجزع والسخط وعدم القبول.
تنوعت اشكال الدولة واسس شرعيتها منذ فجر التاريخ ، فكان هناك من الدول من قامت على القوة كأساس لشرعية الدولة لدرجة دفعت بعض الدول الضعيفة الى التنازل عن كرامتها وارادتها والقبول بالتبعية لبعض القوى العظمى وافضل مثال نذكره في هذا الصدد بريطانيا العظمى الدولة التي لاتغيب عنها الشمس ، وكتطور طبيعي مرت هذه الدولة بمراحل عديدة حتى وصلت اخيراً الى محطتنا وهي الرضى كشرعية لقيامها ، فالرضى هو النواة الاساسية لقيام كل شيئ في الدولة الحديثة فمن حيث تشكيل البرلمان تجد الرضى واضح بالخضوع وحسن احترام القانون وقرارت مؤسسات الدولة ، والحرص ايضاً على تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن ، وبأنسلاخه تفقد كل هذه المؤسسات قيمتها المعنوية لأنها وبكل بساطة انما تخاطب وتتعامل مع عامة الشعب فتجده لايبالي حيال القانون ولا يكترث بقرارت الدولة ولا يحترم حتى الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن.
الشخص الطبيعي يفقد رضاه بحدوث بعض العوامل الهادمة له وللدولة ككل مثل شعوره بعدم تجرد القوانين وانها تستهدف فئة دون اخرى وعندما يلتمس عدم حيادية الدولة في تطبيقها للقانون ومساواتها للأفراد في اصدار قرارتها المنفذة لها ، والاهم حين يرى ان تنفيذ الاحكام القضائية اصبح بعين واحدة  فيفقد رضاه بها وبالتالي ثقته بأحد اهم مؤسسات الدولة ، فحين يصدر ضده الحكم تسارع اجهزة الدولة الى تنفيذه بقسوة وتعسف وحينما يصدر الحكم لصالحه تتراخي نفس هذه الاجهزة وتتمايز كيفما يترائى لها حتى تضيع الحقوق وتسود شريعة الغاب فتفقد اهم مؤسسات الدولة قيمتها كملاذ شرعي يختصم بها المرء من تعدى او انتهك حقوقه لينصفه القضاء بحكم فلا تطبقه اجهزة الدولة ليصبح اخيراً امام خياران ، اما الخنوع بتطبيق ماصدر ضده فقط ، والا التمرد عليها بحجج وان كانت قانونية الا انها تنم عن عدم الرضى الهادم للدولة والمجتمع ككل.
الرضى شرعية الدولة.. فلا تفقدوه!!
المحامي/ سعد اللميع