أقلامهم

خلود الخميس: الأمة تستصرخ رجالا لينقذوها من حالة الـ «دياثة» التي تنتهكها.

الأمم المتحدة.. و«دياثة» الحكومات!
بقلم: خلود عبدالله الخميس
إننا نعيش صراعا متخفيا بالديبلوماسية والهيئات الحكومية العالمية، وهو الصراع الأعظم، الجهاد الكبير، الذي تواجهه الأمة الإسلامية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، للإبقاء على ثوابتها، والتآمر محلي أيضا، تخيلوا!
الدول التي تعلن أنها مسلمة، والحكومات التي تتبنى كلمة «إسلام» كلاهما جزء من الصراع المتخفي بلباس المصطلح «الإسلامي» المتفسخ من كينونته والعامل ضد التشريع وأصوله!
المارد المدعو «هيئة الأمم المتحدة» لو عدنا لأسباب ظهورها، فسنتوصل لنتيجة حتمية لمن يعقل الحق ولا يتعامى عن الباطل، أنها منتهية الصلاحية زمنا، وتنظيما، وإدارة، وفكرا.
فهي تكتل سياسي يعتمد على مراكز القوة العسكرية، القبضة، ويظلم مراكز القوة الأخرى، كالاقتصادية ومنها، مثالا لا حصرا، دول الخليج الغنية بالنفط، ويظلم القوى الدينية، فالإسلام يدين به ما يقارب ثلث سكان الكرة الأرضية، وهم بلا تمثيل في هذه الهيئة المسيئة لمواثيق الإنسانية في العدل والحق، وحتى المساواة، وهي كلمتهم المبجلة، لم تنتهجها ولم تضع لها حسبانا!
وأقول إنها شيطان أشِر، بعد الاطلاع على ميثاق «حماية المرأة من كافة أشكال العنف» كما أسموه، وهو ميثاق يلزمون الدول المصدقة عليه بجميع بنوده، ويراقبون تطبيقها، وغيره من المواثيق، ثم يوجهون الإنذارات لمن لا يتبعون ملتهم، ويبدأ بعده العنف الحقيقي الذي تمارسه الأمم المتحدة ضد الدول الفقيرة أو النامية المسلمة، بالتهديد بوقف المساعدات عنها ما لم تطبق مواثيقهم!
مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بالأسرة والمرأة والطفل، لقد استمات «اللوبي» النصراني واليهودي والعلماني في دس مفردات تتعارض مع التشريع الإسلامي، بكيد متعمد لديننا تحت شعارات «حماية المرأة من جميع أشكال العنف ضدها»، فقرروا، وعذرا للمثال ولكنه مهم لبيان السم الذي يحقنون به العسل لنشربه مطمئنين آمنين ونموت ببطء، بنداً غاية في الأهمية ويمس كل أسرة مسلمة بلا استثناء، وهو إضافة «الزوج» لتعريف «المغتصب»!
فقد عرفوا الاغتصاب بأنه إجبار المرأة على ممارسة الجنس قسريا، وفي ذلك تعارض يعرفه كل مسلم مع التشريع، فعلى الزوجة طاعة زوجها إذا طلبها في الفراش عدا حالات ذكرها المشرع، وفي هذا الشأن تفصيل لصالح المرأة لا ضدها، ذلك عند المؤمنين بكل ما جاءت به الشريعة بالطبع.
بينما النظرة التغريبية تختلف تعريفاتها لحرية وحقوق المرأة كزوجة لأنه ليست لديهم مرجعية دينية يسنون ضد الزوج الشروط والقيود حتى في خصوصية علاقته بزوجته، ولكن لمَ نسمح لهم باقتحام البيوت المسلمة التي حفظت بالتشريع الرباني كرامة المرأة في كل مرحلة من عمرها، بالولاية قبل زواجها وهذه رعاية واحتواء وحماية، وبالقوامة عند زواجها وهي مسؤولية وتكليف، والعفة وهي كرامة وصون وصحة بدنية ونفسية؟
هم يضعون مواثيق تلائم بيئاتهم ومشاكلهم، لنسائهم المتاحات في لوحات الإعلان في الشوارع وبثمن بخس، هذا شأنهم، فلماذا تقر حكوماتنا لهم بذلك؟!
بند آخر، تغيير الصفة من Sex جنس إلى Gender نوع، تمهيدا للاعتراف بالشاذين جنسيا بإضافة وصف other آخر، رسميا إلى خانة التعريف في الشخصية!
هذا مخالف للشريعة الإسلامية صراحة ومرفوض، وهو مقدمات للاعتراف بالزواج بين الشواذ وإقرار لحقوق اللواطيين وكل من على شاكلتهم، فكيف نقبل أن يطبق ذلك في مجتمعاتنا؟!
والبندان السابقان غيض من فيض، بالإضافة إلى حق الفتاة في ممارسة الجنس مع أغراب برضاها، وليس لأحد منعها بل يجرمه القانون لو فعل، وهذا ما يشيب له ما تبقى من شعيرات سود في لحية أي رجل غيور على نساء الأمة.
ورغم الجهود الجبارة التي تقوم بها الاتحادات والهيئات الإسلامية مثل منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وغيرهم لتتبع مواقع السم المدسوس، إلا أن الخذلان يأتي من الحكومات المسلمة!
نعم، حكوماتنا، ممثلونا الرابضون فوق مقاعد وأمامهم طاولات ترفرف عليها أعلام دولنا المسلمة، يوافقون ويعتمدون ويوقعون على اتفاقيات ومواثيق تخالف أصول الدين، حتى اللغة التي يتحدثون بها إذا ألقوا كلمة أمام الأمم المتحدة، هي الانجليزية!
رغم أن كلاً يتحدث بلغته، إلا أهل لغة القرآن، لغة أهل الجنة، يخجلون منها، يعتبرون إلقاء كلمة في محفل رسمي بالعربية أمرا محرجا ودليل همجية ومخالفا للتمدن!
ليكن كذلك، فمرحبا بالتخلف والهمجية والإرهاب، فتلك ليست إلا أسماء هم سموها ليست من الحق في شيء، وإن لم نتمسك عبر حكوماتنا بشريعتنا، فإن أول من سيتضرر من تلك المواثيق، من أقروها وأدخلوها بيئاتنا، نعم ستستعصي عليهم بيوتنا لأنها محفوظة بمسلمين لا يشترون بآيات الله من الدنيا الدنيء والأدنى، ولكن سيفسد المجتمع!
ستكون وبالا عليكم أولا أيتها الحكومات، هنا ويوم يقوم الأشهاد، فهذه دعوة للوقوف صفا ضد كل ميثاق يخالف الإسلام، ورفض التصديق عليه، ورفض استقبال مفتشيهم ليتحققوا من تطبيقنا لشركهم، إن كنا ضعفاء فذلك لضعف الحكومات، ولكننا فرادى كمسلمين كلٌ قويٌ بقدر إيمانه أنه عبد الله حر ممن دونه، وكل شيء دونه.
الأمة تستصرخ رجالا لينقذوها من حالة الـ «دياثة» التي تنتهكها، فمن لها؟