من الطبيعي أن ينعكس انفتاح الأمم فيما بينها على حياة الشعوب والأفراد في أنماطها المعيشية والسلوكية والفكرية…وأول الانماط المعرضة للتغيير هي الانماط والأفكار التي لا تجد ما يسعفها للصمود سوى توارثها عن السالفين…ولو كان لها ما يدعمها من قدسية شرعية لبقيت تقاوم أكثر وأكثر لما للدين من خصوصية في نفوس الناس وصعوبة التخلي عنه…ولكن انفتاح الناس الزائد على الامم الأخرى وتمكين هذه الأمم من صياغة أنماطنا المعيشية والفكرية عصف بمسلمات لم تكن يوماً ما عرضة للتذبذب…من هذه المسلمات كفر اليهود والنصارى…الذي امتلأ القرآن بالآيات التي تنص على تكفيرهم كقوله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )
وجاءت السنة النبوية بتكفيرهم كقوله عليه الصلاة والسلام:
( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) .
قال الإمام النووي رحمه الله :
” َأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ نَسْخُ الْمِلَلِ كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..
حتى أصبح هذا الأمر معلوما من دين الإسلام بالضرورة…يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضرار من دين الإسلام)…ويقول ابن حزم في مراتب الإجماع (واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً).
ولكن مع الأسف هذه المسلّمة أصبحت تتلاشى حتى كادت تغيب عن تطبيقات المسلمين في حياتهم…لما نرى من كثرة ترحّم الكتّاب والمفكرين والمغردين على مشاهير النصارى كمارغريت تاتشر وديانا وغيرهما!.
وهؤلاء مع الأسف يظنون بأن تكفيرهم فيه نوع تعدٍ وتحقير لمعتقدات إخواننا في الإنسانية – على حد تعبيرهم المحرّم شرعاً -…ويقولون بأننا لا نملك تكفير الناس…نعم نحن لا نملك تكفير الناس من عند أنفسنا أمّا تكفير من كفّره الله ورسوله واجب ومن لم يكفّر من كفّره الله ورسوله كافر.
يقول ابن عثيمين رحمه الله:
(من أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وكذبوه : فقد كذَّب الله عز وجل ، وتكذيب الله : كفر ، ومن شك في كفرهم : فلا شك في كفره هو).
فالأمر خطير جدًّا وليس بالسهولة التي يظنها البعض…ولا يفهم مما تقدم بأن تكفير اليهود والنصارى وعدم الترحم عليهم يعني اباحة ظلمهم ونكران فضل من له فضل منهم علينا…فأنا لم أرد هذا إطلاقاً ولكن أردت أن نتعامل معهم وفق تعاليم ديننا اللي حثّتنا على الإحسان لمن لم يظلمنا ويحاربنا منهم وأن نجازي من أحسن لنا منهم بطريقة لا تتصادم مع معتقداتنا الشرعية…وهذا الأمر ممكن وسهل جدا دون الحاجة للترحم عليهم والشهادة لهم بصحة ايمانهم.
تويتر: a_do5y
أضف تعليق