كتاب سبر

حكومة عظيم ساري !

شهادة لله , ثم للتاريخ، حكومتنا هذه ورغم كل ما نالها من حديث “الأفك—-ار “السياسية  التى تروجها  أمانى أقوام “إحنا بتوع ليل الدستور وآخره” إلا انها ستبقى صاحبة الفضل الأكبر فى المحافظة على تراثنا القديم، ولولاها لاندثر جزء كبير منه ولطواه النسيان .
وخذ عندك …دستورنا تراث المؤسسين ذو الخمسين عاما وشوية شهور هل كان أحد منا لولا أفاعيل هذه الحكومة بنا, كان سيتعب نفسه ويزور دفتي هذا الدستور العجوز  فى كل آن وحين باكياً على أطلال روحه، منبشاً فى رمال نصوصه, داقاً على جدران تفاسيره، مشبراً لأطوال سقوفه, عاضاً بنواجذه على معادن مواده، ليتأكد إن كانت مطلية بماء الحرية  أم إنها حرية صافيه “24 قيراط”!.
 هل كنا لولاها رعاها الله أصبحنا علماء آثار “دستورلوجيين “، ننقب بشغف عن آثار هنا وهناك ,للحرية ,والعدالة ,والمساواة  المدفونة بين تلافيف هرم ديموقراطيتنا المقلوب؟!.. لا اعتقد، بل أظننا سنكون علماء فضاء وطني واسع ولكانت لحوم “وطنيتنا ” مسمومة!. 
ولأن الحكومة كريمة تراثيا ً,وإحنا “برضو” نستاهل , فقد أبت جزاها الله خيراً ألا أن تكمل جميلها التراثى وتعيد لألعابنا الشعبية سيرتها  الرونقية الأولى ,خاصة لعبة “عظيم ساري” ,وهى عبارة عن عظم ابيض, يلقيه احد الاولاد بعيداً وهو يقول :”اعظيم ساري سرى”, وعندما يسمع الاولاد الاخرين كلمة “سرى” فمعنى ذلك أنه ألقى العظم, فيتراكضون بحثا عنه , فإن وجده أحدهم يخفيه ويسكت حتى يصل الى “الميد” , ليصرخ من هناك ويقول “سرى سرى”. ليعيد هو نفسه اللعبة حيث يقذفه, وهكذا تتكرر هذه اللعبة ويعم الفرح والسرور .
الحكومة أعادت لنا “عظيم سارينا” حياً  بدمه ولحمه وعلى شحم , ولكنها لم تستخدم العظم الأبيض كما كنا نفعل سابقاُ بل استخدمت “خطأ إجرائياً ”  توهمنا أنها رمت به بعيداً فى الظلام ثم تتركنا نبحث عنه  بينما هو ما زال فى يدها!.
 ,ثم تمشى به معنا رويدا ..رويداً وهى تبتسم عندما ترانا نبحث عنه حثيثاً الى أن تصل هى الى “الميد ”  لتقول ” سرى سرى ” ثم ترميه مرة أخرى لنخرج نحن مرة أخرى للبحث عنه ونحن ندندن بأبيات ذاك الشاعر النبطي الذى يقول : (وعظيم ساري والليالي مدمسات…ندوره وأقدامنا حافياتي ) !! .