كتاب سبر

الحر والباكى والذويق!

مصر اشتهرت دائماً بأنها “بلد سواح ” , كما قال مطربها العزبى .والسياحة هناك , ليست مقتصرة على الآثار ,والمتاحف ,والمظاهر الطبيعية فقط , بل تتعداها أحياناً , فتشمل “سياحة الاحداث السياسية  “. 
وهذه الاخيرة بالذات تستقطب هذه الايام قوافل السياح العرب وبكثرة، ربما لأن رؤية “فرعون ” محنط فى متحف لا تثير انتباه عربى  ,فعنده منه كثير ! .وربما لأن أن مقاول الأهرام “خوفو” سامحه الله لم يكن “مخه سياحياً ” (حسب وجهة النظر العربية ) فنسى فى غمرة تشييد أعجوبته ان ينشأ فى داخلها “المولات الملاح ” و”الكافيهات الحسان ”  وغيرها من الأماكن “العولمية ” الاخرى, من  التى تراود مقاصد سياحة العرب عن نفسها لتقول لها : هيت لك ,زوجتك نفسى على  مذهب “أبن  بطوطة ” وعلى مهرٍ  ” تسعة اعشار “قَزِه”  على التبضع و”تلقيط ” الماركات !.
الأحداث الأخيرة فى مصر ,جعلت مطارات “مواقف لعربان ” تئن من الازدحام، فالكل العربى يريد امتطاء طائرات “بعضه الأثم “,  ليتفسح فى قلب الحدث المصرى , ويغير هناك ” جو” ضميره ويقتل روتين مبادئه ويمشى بجنازتها!.
من كان يحمل “لواء” الحريات فى بلاده , صار يسيح “شاويشاً”  فى ربوع مصر, يهرول امام مواكب العسكر آمراً الدساتير بالوقوف باستعداد على رصيف الهوامش، ومن كان يولول كل ليله فى مسقط رأسه باكياً على شرف صناديق الانتخاب المسفوح , صار فى مصر سائحاً  “يلولش ” على شرف زفاف صناديق موتى الشعب لمقبرة الانقلاب!،  ومن كان لا يرد على طلاب الديموقراطية الا بحضور أولياء أمورهم صار فى مصر يزوج  “الثورة البِكر” لنجوم الظهر العسكرية وبدون موافقة ولي أمرها !! ومن لم يذق طعم حلاوة الديموقراطية قى حياته ,صار فى مصر سائحاً “ذويقاً ” معتمدا لمطابخ الديموقراطية المصرية ,هذه المطابخ التى عرفت سر الطبخ الدستوري قبل ان  يعرف لسانه تهجئة أحرف الديموقراطية بستين عاماً !! .
ستبقى مصر بلد سواح ,هذا هو قدرها . كما ستبقى فسيفساء مواقف العرب “سواحه ” تذوب مع أول شعاع خافت لشمس حقيقة !