تحقيقات

أكاديميون ومتخصصون طرحوا آراءهم عبر ((سبر))
رياح الإعلام الألكتروني.. هل تطيح بصحافة الورق؟

  • الصحافة الورقية لم تضع “إيدها على خدها”.. وحرصت على مواكبة العالم الالكتروني.

  • وسائل الإعلام الجديد.. “خلخلت” توازن الصحف الورقية.

سعدية مفرح:-
  • الصحف الورقية مازالت تحظى بمصداقية أكثر من الالكترونية.

  • الأجهزة الذكية أقصت الورق.. لكنها لم تقصِ الصحافة الورقية.

الزيادي:-
  • الإعلام الإلكتروني هو المتصدّر.. ولكن عيبه كثرة الإشاعات.

  • أصبح المعلنين يتوجهون إلى الإعلام الالكتروني مما سبب انتكاسة للصحافة الورقية.

عادل العيدان:-
  • مزاجية القارئ لفئة عمرية معينة مازالت تفضّل النسخة الورقية للقراءة.

  • الإعلام الجديد خلق حالة تكاملية مع الإعلام التقليدي.

جمعان الحربش:-
  • التواصل الاجتماعي كسر حاجز الصحف الورقية التي تخضع لأصحاب المصالح.

خالد القحص:-
  • أول صحيفة إلكترونية صدرت في 1993.. وبعض الصحف الورقية تفكّر بالتوقف عن الصدور.

  • الصحافة الورقية تجد إنها مضطرة للتأقلم مع الوضع الجديد.


إعداد : عياد الحربي 

تعيش الصحافة في الكويت وفي محيطها حالة انتقالية لم تعهدها قبلاً.. هي أشبه بولادة جديدة أو تحوّل إلى واقع جديد قد قد لا تكون فيه مساحة تتسع للإعلام الورقي، بدليل العزوف الملاحظ عند شريحة واسعة عن متابعة هذا الإعلام والاستعاضة عنه بالخدمات الألكترونية.
الصحف الورقية أدركت بلا شك هذا التحول، ولتدارك الأمر حرصت على ألا تكون متأخرة في نقل المعلومة، فبادرت إلى إنشاء صفحة الـ “أون لاين” إلى جانب النسخة الورقية، وربما تكون أحرزت نحاحاً نسبياً في اللحاق بالمعلومة السريعة المتجددة على الدوام، لكن المعضلة مازالت قائمة في كيفية إقناع القاريء بالبقاء معها وعدم تركها بعد أن أدار لها الكثيرون ظهورهم  متجهين نحو شيء جديد يتمثل أبرز ما يتمثل في موقع التواصل “تويتر”.. ذلك الذي تحول إلى ما يشبه الـ “هايد بارك” يكتب فيه كل شيء وعن أي شيء.
—-
 
على الجانب الآخر.. وفي أحد المقاطع القصيرة على اليوتيوب يقول المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي إن ابنته تتواصل مع ابنها الذي يكمل دراسته في اليابان عبر برنامج التواصل الاجتماعي ” تويتر ” ، وأن لديه حفيداً يتواصل مع عشرات الأصدقاء عبر ذات البرنامج حينما تأتي عطلة نهاية الأسبوع .
 
بذات مقطع الفيديو يرى تشومسكي أن تويتر كان مساهمة كبرى في انجاح ثورة 25 يناير المصرية ، ويرى كذلك ان من خلال هذا البرنامج أيضاً يتواصل الناس فيما بينهم بالرسائل ذات الـ 140 حرفاً ، بعد أن فقد البريد الالكتروني بريقه عن السابق.. بالرغم من أن البعض ذكر عنه ” تشومسكي ” أنه يخصص يوماً في الاسبوع للرد على رسائل البريد الالكتروني التي تصله من قراءة ومعجبيه من مختلف دول العالم وبمختلف لغاتهم .
 
في حين يقول المفكر السعودي د. عبدالله الغذامي أن العالم اليوم صار على ” كف شاشة ” وهذه نتيجة ثقافية تساعدنا على معرفة الواقعة البشرية (الثقافية تحديداً) بصورة أيسر وأوضح من ذي قبل . والشاشات الثلاث (النت والجوال والفضائيات) وهي المفتوحة والميسورة اليوم صارت تكشف لك الكون كله ، الخاص منه والعام كذلك .
 
بالمقابل .. تواجه الصحف الورقية خلال السنوات القليلة الماضية أزمة كبرى في ظل الانتشار الكبير لم يسمى بـ ” الاعلام الجديد ” المتجسد في الصحف الالكترونية والخدمات الاخبارية الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعية مثل تويتر والفيسبوك ومواقع الفيديو مثل اليوتيوب ، مما يجعلها في مأزق يسير بها إلى طي الإهمال والنسيان إن لم تواكب وتجدد من نفسها كي تواكب هذه الثورة التكنولوجية الحديثة .
 
وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية والتي اخلت الكثير من الصحف الورقية حاجتها عن الكثير من موظفيها ، كذلك تمر هذه الصحف بذات الضائقة لكن على جوانب مختلفة غير ” اقتصادية ” حسبما ذكرت احدى الدراسات في أن ظهور وسائل الإعلام الجديد ” خلخل ” توازن هذه الصحف الورقية من جميع الجوانب ، بتقديمه للقارئ سرعة وسهولة الحصول على الحدث أينما كان ، كذلك مرونة استخدام هذه الوسائل من خلال الجوال أو جهاز الكمبيوتر أو الايباد وغيرها من الاجهزة اللوحية الحديثة .
 
لم تضع الصحف الورقية ” ايدها على خدها ” كما يقول المثل الشعبي وتنظر لافتقاد قيمتها دون أن تعلن حالة الطوارئ وتعمل من أجل مواكبة هذه الثورة الحديثة ، حتى انشأت لها مواقع على الانترنت ومارست عملها الورقي في نطاق الشبكة العنكبوتية ، مما ينعها مخاطر فقدانها للمردود المادي من خلال قلة الاعلانات عن ذي قبل .
 
جاء في كتاب ” هل الصحافة المطبوعة في طريقها للانقراض ”  د. سعود صالح . في الفصل التاسع الذي جاء بعنوان < الصحافة والاعلام الجديد > عدة تساؤلات لا بد أنها تشغل بال جميع مجالس إدارات الصحف الورقية بعد انفتاح القراء على عوالم الاعلام الجديد مثل ما هي الوسائل والمصادر التي يمكن من خلالها تحقيق الدخل من موقع الصحيفة على الإنترنت ؟ وهل تعوّض النسخة الإلكترونية للصحف نظيراتها الورقية عن الانخفاض في عدد قرائها ؟ ما هي أهم العقبات التي تعوق نمو ونجاح مواقع الصحف الإلكترونية ؟ وغيرها من الأسئلة التي تخص تفاوت نسبة المبيعات قبل وبعد وسائل التكنلوجيا .
 
وفي أهمية برامج التواصل الاجتماعية ” السوقية ” أو الاقتصادية فإن اسهمها في البورصة العالمية في تصاعد سريع للغاية ، للاقبال الجماهيري على استخدامها وسرعة انتشارها بكافة انحاء العالم .
 
على سبيل المثال .. برنامج التواصل الاجتماعي تويتر في بداية العام الحالي قدّر قيمته السوقية المحلل الاقتصادي لمجلة الفوربس العالمية ” Max Wolff” بأنها تتخطى حاجز 11 مليار دولار كسعر مبدئي في بداية العام الجديد لسنة 2013  بعد سرعة انتشاره الواسعة في مختلف ارجاء العالم .
 
وقام موقع Social Bakers بإعداد انفوجرافيك بيّن فيه آخر احصائيات موقع الفيس بوك للتواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعد مضي عام 2012 والدخول في السنة الجديدة لعام 2013 .وذكر أن المنطقة العربية شهدت ارتفاع لعدد المستخدمين للفيس بوك منذ انطلاقة عام 2012 بنسبة 29 % مما يعادل 10 مليون مستخدم جديد .
…………………
 
سعدية مفرح (كاتبة وشاعرة في جريدة القبس)

 
‏هل صحيح أن الصحف الورقية لم تعد صالحة للقراءة بعد ثورة الإعلام الجديد (الاعلام الالكتروني) ؟
 
الصحف الورقية نفسها أصبح لها مواقع إلكترونية وبذلك زادت نسبة قراءتها إلكترونيا . وأنا أرى الصحف الورقية ما زالت تحظى بمصداقية لدى القارئ العربي تحديدا أكثر من الصحف الإلكترونية خاصة في ظل عدم وجود صحف إلكترونية .
 
‏يلاحظ عزوف الكثيرين عن قراءة الصحف الورقية والاستعاضة عنها بالخدمات الاخبارية الالكترونية ومواقع التواصل ، ‏فهل أثر ذلك على عملكم ؟
 
كثير من الخدمات الإخبارية المحلية على سبيل المثال تعتمد في عملها على الصحف الورقية وعلى مواقع الصحفية الورقية في شبكة الانترنت، وذلك لأن الصحف الورقية تحظى ببنية صحفية قوية مقارنة لها بمواقع الانترنت وخدمات تويتر المحلية تحديدا على سبيل المثال . فالصحف الورقية تتمتع بشبكة مراسلين وتدقق كثيرا في نشر أخبارها وموضوعاتها قبل نشرها نتيجة لعامل الوقت.. ولأنها ربما في كثير من الأحيان تبدو مُساءلة قانونيا ورسميا وحتى جماهيريا أكثر من المواقع الالكترونية. ولكن هذا لا يعني أن الصحف الورقية أكثر موضوعية مثلا ، فأنا أرى أن الجميع لم يصل للموضوعية المثالية صحفيا وطبعا النسبة متفاوتة هنا ما بين وسيلة صحفية وأخرى بغض النظر عن نوعها سواء أكانت ورقية أو إلكترونية.
 
‏ البعض يراها أزمة وآخرون يعتبرونها نهاية مرحلة وبداية مرحلة في ثقافة المجتمع ، فهل لديكم خطة عمل مغايرة للسابق وتحقق هذا التغيير الواقع ؟
 
الجميع مطالب دائما بالتفكير في طرق لتطوير عمله، وكل الصحف تعمل على هذا الصعيد. وكثير منها بدأت فعلا بمواجهة التغيرات الجديدة التي طرأت على المهنة والعمل على استغلال هذه التغيرات لصالحها.
 
‏هل لعبت الاجهزة الذكية دوراً في إقصاء الصحافة الورقية.. أم أن المزاج العام في المجتمع هو الذي تبدل ؟
 
هذه الأجهزة قد تكون أقصت الورق لكنها لم تقصِ الصحافة الورقية، بمعنى أن  كثيرا من القراء لم يعد يشتري الجريدة الورقية المفضلة لديه لكنه في نفس الوقت لم يتخل عنها بل أصبح يطلع عليها عن طريق ما يملك من أجهزة ذكية.
 
‏هل تواجه الصحافة الورقية خطر الاندثار والتلاشي في الاعوام القليلة المقبلة ؟
 
لا أظن أنها ستندثر وتتلاشى ولكنها ستتحول إلى وسائل أخرى للوصول للقارئ، فالجريدة عموما ليست ورقا وحسب بل هي أولا مادة خبرية ورأي وصورة وتحقيق وغير ذلك من مواد يمكنها أن تصل للقارئ عبر وسائل أخرى ربما لا يكون الورق من بينها.
وفي النهاية أنا أرى أن الخطر الدائم والأكبر الذي يواجه الصحيفة أو اي وسيلة إعلامية أخرى ليس ظهور وسيلة جديدة بل عدم اهتمامها بمهنيتها ومصداقيتها أمام القارئ. وما سقط من الصحف الورقية نتيجة تأثره بالتطورات الالكترونية الجديدة أقل بكثير مما سقط من الصحف الالكترونية نتيجة عدم موضعيتها وفقر مهنيتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
المدون الزيادي صاحب اشهر مدونة كويتية مدونة ” الزيادي ” ..

 
 بعد ظهور ثورة وسائل الاعلام الجديدة المتجسدة في الصحف الالكترونية والمدونات وتويتر واليوتيوب وغيرها ، فما هو رأيك بمدى فائدتها ومدى ما ينشر فيها ؟
 
لا شك بأن الإعلام الإلكتروني أصبح هو المتصدر حالياً حيث أصبح يستقطب أعداد ضخمه من المشتركين والمتابعين بعد ظهور عدة وسائل للتواصل الإلكتروني ساهمت بانتقال الخبر بسرعة كبيرة لحظة حدوثه إما كتابياً أو بالصور أو بالمقاطع المرئية، فأصبحت هذه المواقع  تقدم خدمة ليست بالبسيطة عبر توفير الأخبار بأنواعها لحظة بلحظة مجاناً ودون الحاجة للاشتراك بخدمات إخبارية فهي مفيدة جداً ولكن لا تخلوا من العيب وهو أنها ساهمت بشكل كبير بانتشار الإشاعات بكل سهولة ولكن هذا شيء من الممكن الحد منه بوعي مستخدمي هذه المواقع بالتشهير بمطلقي الإشاعات ومقاطعتهم ولكن للأسف قليل من يهتم بهذا الشيء فالغالب يتابعون مطلقي الإشاعات وهو يعلمون بذلك.
 
لديك في مدونتك معلنون يدفعون لك اجراً مقابل وضع اعلانهم في مدونتك الشخصية .. هل ترى لجوء المعلنين لوسائل الاعلام الجديدة وتفضيلها على الصحف الورقية هو انتكاسة كبرى للصحف الورقية وانها لم تعد ذات فائدة ربحية بالنسبة لهم ؟
 
نعم صحيح وهذا الشيء أصبح ملحوظاً جداً بالسنوات الأخيرة وصادفته شخصياً عبر المدونة حيث قام عدد من المعلنين بالدخول إلى الإعلام الإلكتروني والإعلان في المدونات والصحف الإلكترونية من بعد ما كان الإعلام التقليدي هو وسيلتهم الوحيدة للإعلان، فأصبح الإعلام الجديد يستقطب المعلنين تدريجياً إلى أن حصد نسبة كبيرة منهم مما جعلهم يهجروا الإعلام التقليدي إلا ما ندر منهم الذي يستمر بالإعلان هناك وهذه بالفعل انتكاسه لوسائل الإعلام الورقية التي لم تواكب التطور التكنولوجي فأصبح المعلنين يتوجهون نحو الإعلام الإلكتروني الذي يوفر لهم السرعة والانتشار الكبير.
 
ــــــــــــــــــــ
 
عادل العيدان اعلامي ومذيع في قناة العربية ومدير مكتبها في دولة الكويت .
 
بصفتك إعلامي .. كيف ترى ثورة الاعلام الجديد الذي يتجسد في الصحف الالكترونية والخدمات الاخبارية وفي وسائل التواصل تويتر والفيسبوك وغيرها ، وما مدى تأثيرها على أهمية الصحف الورقية ؟
 
لاشك أن الأعلام الجديد أوجد منصات إعلامية أكثر رشاقة وقدرة علي التعاطي السريع مع الحدث أينما كان .
فمواقع التواصل الاجتماعي أفرزت المواطن الصحفي وهو شخص قد لا يمتلك الحرفة لكنه قادر على التفاعل مع القصة دونما حرج من أمكانية الخطأ فيما ينقل ، وهو ما لا يتوافر للمؤسسات الإعلامية التقليدية كونها تلتزم معايير مهنية ما خلق نوعية جديدة من القصة الخبرية المحكية.
تلك المنصات الجديدة لا تلغي الصحافة الورقية ولكنها تزاحمها في الحصول على مساحة من المتابعين والقراء لكن مزاجية القارئ العربي لفئة عمرية معيّنه مازالت تفضل النسخة الورقية للقراءة.
وباعتقادي أن تلك الحالة التي خلقها الإعلام الجديد هي تكاملية مع الإعلام التقليدي بمختلف وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة والأخيرة حاولت وأفردت مساحات أكبر للجانب التحليلي للخبر كونها لا تستطيع التجاوب بذات القدرة والسرعة مع المواقع الإخبارية الجديدة.
 
ــــــــــــــــــــ
 
النائب السابق د. جمعان الحربش
 
 ما هي افضليتك لتداول تصاريحك والندوات التي تشارك بها ، هل في الصحف الورقية التي اعتاد عليها الناس وجودة مهنية عملها الصحفي لغالبيتها ، ام ترى ان وسائل الاعلام الجديدة تفيد اكثر من ناحية التداول لمشاركاتكم والانتشار ؟
 
وسائل التواصل الاجتماعي كسرت احتكار الصحف الورقية التي في الغالب تخضع لحسابات اصحاب المصالح او بعض التجار المتحالفين مع السلطة . لذلك فهي الاسرع انتشارا , والاكثر وصولا خاصة مع اعراض شريحة كبيرة من الناس عن قراءة الصحف الورقية . وبالمناسبة فإن عدد المتابعين لي ولغيري من السياسيين في الغالب اكثر عدد اي صحيفة ورقية اخرى .
 
…………………………………
د. خالد القحص اكاديمي في جامعة الكويت 

 كونك مختصاً في الاعلام .. ما هو رأيك في ” ثورة الإعلامالجديد” الصحف الالكترونية والخدمات الالكترونية والتويتروالفيسبوك ومدى توجه الناس لها ؟
 مما لا شك فيه من أننا نعيش تورة معلوماتية و اتصالية ضخمة تحيط بنا من كل جانب، و لعل من أبرز نتائج هذه الثورة المعلوماتية، ما يحصل منذ مدة في مجال وسائل الإعلام الجماهيري، و طريقة إنتاج المعلومات، و بثها، و نشرها، و كذلك حفظها، و استدعائها. الأمر الذي أدى لظهور مصطلح الإعلام الجديد New Media، و الذي يعتمد على شبكة الإنترنت و الهواتف و الألواح الذكية، و تذكر الأدبيات الإعلامية أن هناك مصطلحات أخرى تطلق على الإعلام الجديد مثل الإعلام الرقمي، الإعلام التفاعلي، إعلام المعلومات، إعلام الوسائط المتعددة، الإعلام الشبكي الحي على خطوط الاتصال ( Online Media)، الإعلام السيبروني (Cyber Media)، والإعلام التشعيبي ( Hyper Media ) (أنظر كتاب الزميل كتاب التربية الإعلامية فهد الشميمري). بينما مصطلح الإعلام القديم، فنقصد به وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية من صحافة ورقية و إذاعة و تلفزيون. و يعرف البعض الإعلام الجديد بأنه هو العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاثة عناصر: 1- الكمبيوتر 2- الشبكات 3- الوسائط المتعددة.
إن الجمهور، و خاص جيل الشباب، بدا يقبل بقوة و بسرعة نحو الإنترنت و الهواتف الذكية و كل ما يتصل بهما، مبتعدا في الوقت نفسه عن الإعلام التقليدي و النمطي، وبدأ يقضي وقتاً طويلاً مع هذا الإعلام الجديد بمنصاته المختلفة، و تطبيقاته العديدة.
 توجهت الصحف الورقية لإنشاء مواقع الكترونية منشأنها مواكبة الاحداث لحظيا ومن ثم نشرها في الصحيفةوقت الطبع ؟
من المهم أن ندرك أن مسألة إنشاء الصحافة الإلكترونية لم تبدأ مؤخراً، بل منذ مطلعات تسعينيات القرن الماضي ، حيث صدرت أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م حين أصدرت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية، نسخة إلكترونية للطبعة الورقية، ثم جاء بعد ذلك صحيفتي”ديلي تليجراف والتايمز” البريطانيتين لنُسختيهما الإلكترونية عام 1994م، و بالنسبة للصحف العربية، تعتبر صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن أول صحيفة عربية تصدر نسخة إلكترونية متزامنة مع نسختها الورقية في عام 1995، و كذلك صحيفة النهار اللبنانية.
و يفرق بعض الباحثين بين الصحافة الورقية التي لديها إصدار إلكتروني، و بين الصحيفة الإلكترونية بالكامل وليس لها إصدار ورقي تقليدي، و هذا ما يعتبرونه بمصطلح الصحافة الإلكترونية، أي صحف غير تقليدية، و يذكر أن صحيفة إيلاف التي صدرت في لندن عام 2001م تعتبر أول صحيفة إلكترونية عربية. و منذ ذلك الحين و مع انتشار الإنترنت و تعود الجمهور، خاص جيل الشباب، ظهرت العديد من الصحف الإلكترونية سواء عربياً أو محلياً. بل أن بعض الصحف الورقية العالمية تفكر بالتوقف عن الصدور، و التحول بالكامل إلى شبكة الإنترنت كما حصل مع مجلة نيوزويك العريقة حيث توقفت عن الصدور الورقي قبل عام تقريباً، و تحديداً في تاريخ 31/12/2012.
إن الصحافة التقليدية تجد أنها مضطرة للتأقلم مع الوضع الجديد، و هي تفكر جدياً بالتوقف عن الصدور ورقياً، و التحول بالكامل إلى الإنترنت، و لذا نجد الكثير من الصحف في دول العالم بدأت بالتحول التدريجي لشبكة الإنترنت، و ذلك بتطوير موقعها على الشبكة، و بإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، و بتقليل عدد العاملين في الصحية الورقية، و اقليل النفقات و عدد الصفحات كذلك. و إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الصحافة التقليدية الورقية، كما نعرفها، ستتوقف بالكامل في جميع دول العالم، و لن نراها سوى بالمتاحف، كما يتوقع ذلك بعض المراقبين.
هل اثر الإعلام الجديد على الصحف الورقية من ناحية الأخبار العاجلة ومن ناحية الأحداث السريعة التي تعجزالصحف الورقية على تغطيتها لحظياً ؟
بالطبع اثر، و لعل أوضح تأثير هو أنه ألغى أو أضعف كثيرا من سيطرة و احتكار المؤسسات الإعلامية الكبيرة في المجتمع، كما أنه أتاح الفرصة للأفراد و التوجهات في المجتمع بأن تعبر عن رأيها بعيدا عن سيطرة الحكومات أو المؤسسات الإعلامية المهيمنة. و ايضاً أعطى الأفراد في أن يصبحوا هم بأنفسهم مشاركين في صناعة الخبر و التغطية الإعلامية و بثها على مواقع الإنرتن أو مواقع الفيديو (كاليوتيوب).
بالطبع الإعلام الجديد يتغلب على الصحافة التقليدية من ناحية السرعة، لكن علينا أن ندرك أن سرعة وصول المعلومة للجمهور لا يعني بالضرورة أنها صادقة. المهم هنا التفريق بين سرعة حصولك على المعلومة و بين أنها صادقة، الناس عادة تعطي المعلومات السريعة ثقة أكبر و مصداقية أعلى، بينما الواقع يؤكد أن المعلومات السريعة تكون في أحسن الأحوال ناقصة، و في أسوأ الأحوال كاذبة. الطريف أن الناس تتعامل معها على أنها حقيقة، بغض النظر عن كون الأخبار ناقصة أو كاذبة.  ليكن عقلك دائماً “منخل” يفلتر المعلومات و ينقدها قبل أن يصدقها، و لا يكن عقلك “اسفنجة” تمتص أي شيء يأتيها، خيراً كان أم شراً.
‏ علينا أن ندرك إن التويتر (و غيره من مواقع التواصل الاجتماعي) مجرد مصدر من مصادر المعلومات، يعتريه ما يعتري غيره من المصادر، إذ قد يحوي على معلومات قيمة و مهمة، وأخرى خاطئة، أو غير مكتملة، أو حتى على معلومات كاذبة و مفبركة و مزيفة بتعمد و تقصد. إن كثرة المصادر، و تنوعها، و وفرتها، لا يعني بالضرورة انتصار الحقيقة، لأن هذه المصادر مجرد أدوات، و الناس ما بين طيب و شرير، و صادق و كاذب، و عليه سيكون المحتوى أو المضمون لتلك الوسائل، كذلك بالتبعية. إن المعلومة، في عصر المعلومة،  قد أصبحت مُنتجاً استهلاكياً، لجمهور  من المستهلكين، و ليست بالضرورة قيمة معلوماتية لجمهور من المواطنين
كما ويظل التويتر و غيره من مواقع التواصل الإجتماعي موقعاً غير أمين في نقل الأخبار، لأن من ينقلها ليس متخصصا في جمع أو تحرير الأخبار، كما أنه ليس لديه الأدوات اللازمة و الضرورية للتثبت من الخبر. و ما حصل أبلغ رد على من يقول أن التويتر سحب البساط من الصحافة و من وسائل الإعلام التقليدية في مسالة نقل الأخبار، لأن تويتر موقع تواصل اجتماعي، و ليس مكانا لتحرير الأخبار، أو صياغتها، أو توزيعها بطريقة احترافية.
هل هذا معناه أن جميع أخبار التويتر خاطئة؟ أنا لا أقول هذا الكلام بالطبع،  نعم قد تصدق بعض أخبار التويتر، و قد تكون أسرع من الصحافة، و بالمقابل، قد تخطيء أو حتى تكذب بعض الصحف في نقل بعض الأخبار، و لكن بالمجمل، تظل الوظيفة الإخبارية هي الوظيفة الرئيسية للصحافة، بينما يظل التواصل مع الآخرين هو الوظيفة الأولى للتويتر، مهما أخذ هذا من صفات ذاك.
 مما لا شك فيه من أننا نعيش تورة معلوماتية و اتصالية ضخمة تحيط بنا من كل جانب، و لعل من أبرز نتائج هذه الثورة المعلوماتية، ما يحصل منذ مدة في مجال وسائل الإعلام الجماهيري، و طريقة إنتاج المعلومات، و بثها، و نشرها، و كذلك حفظها، و استدعائها. الأمر الذي أدى لظهور مصطلح الإعلام الجديد New Media، و الذي يعتمد على شبكة الإنترنت و الهواتف و الألواح الذكية، و تذكر الأدبيات الإعلامية أن هناك مصطلحات أخرى تطلق على الإعلام الجديد مثل الإعلام الرقمي، الإعلام التفاعلي، إعلام المعلومات، إعلام الوسائط المتعددة، الإعلام الشبكي الحي على خطوط الاتصال ( Online Media)، الإعلام السيبروني (Cyber Media)، والإعلام التشعيبي ( Hyper Media ) (أنظر كتاب الزميل كتاب التربية الإعلامية فهد الشميمري). بينما مصطلح الإعلام القديم، فنقصد به وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية من صحافة ورقية و إذاعة و تلفزيون. و يعرف البعض الإعلام الجديد بأنه هو العملية الاتصالية الناتجة من اندماج ثلاثة عناصر: 1- الكمبيوتر 2- الشبكات 3- الوسائط المتعددة.
ثالثاً: وسائل الإعلام الجديد
تعددت وسائل الإعلام الجديد وأدواته، وهي تزداد تنوعاً ونمواً وتداخلاً مع مرور الوقت، ومن هذه الوسائل: 
المحطات التلفزيونية التفاعلية، والكابل الرقمي، والصحافة الإلكترونية، ومنتديات الحوار، والمدونات، والمواقع الشخصية والمؤسساتية والتجارية، ومواقع الشبكات الاجتماعية، ومقاطع الفيديو، والإذاعات الرقمية، وشبكات المجتمع الافتراضية، والمجموعات البريدية، وغيرها. 
بالإضافة إلى الهواتف الجوالة التي تنقل الإذاعات الرقمية، والبث التلفزيوني التفاعلي، ومواقع الانترنت، والموسيقى، ومقاطع الفيديو، والمتاجرة بالأسهم، والأحوال الجوية، وحركة الطيران، والخرائط الرقمية، ومجموعات الرسائل النصية والوسائط المتعددة.
 
رابعاً: خصائص الإعلام الجديد
يتميز الإعلام الجديد بالعديد من الخصائص ومنها: 
1. التفاعلية: حيث يتبادل القائم بالاتصال والمتلقي الأدوار، وتكون ممارسة الاتصال ثنائية الاتجاه وتبادلية، وليست في اتجاه أحادي، بل يكون هناك حوار بين الطرفين.
2. اللاتزامنية: وهي إمكانية التفاعل مع العملية الاتصالية في الوقت المناسب للفرد، سواءاً كان مستقبلاً أو مرسلاً. 
3. المشاركة والانتشار: يتيح الإعلام الجديد لكل شخص يمتلك أدوات بسيطة أن يكون ناشراً يرسل رسالته إلى الآخرين. 
4. الحركة والمرونة: حيث يمكن نقل الوسائل الجديدة بحيث تصاحب المتلقي والمرسل، مثل الحاسب المتنقل، وحاسب الانترنت، والهاتف الجوال، والأجهزة الكفية، بالاستفادة من الشبكات اللاسلكية. 
5. الكونية: حيث أصبحت بيئة الاتصال بيئة عالمية، تتخطى حواجز الزمان والمكان والرقابة. 
6. اندماج الوسائط: في الإعلام الجديد يتم استخدام كل وسائل الاتصال، مثل النصوص، والصوت، والصورة الثابتة، والصورة المتحركة، والرسوم البيانية ثنائية وثلاثية الأبعاد،….إلخ.
7. الانتباه والتركيز: نظراً لأن المتلقي في وسائل الإعلام الجديد يقوم بعمل فاعل في اختيار المحتوى، والتفاعل معه، فإنه يتميز بدرجة عالية من الانتباه والتركيز، بخلاف التعرض لوسائل الإعلام التقليدي الذي يكون عادةً سلبياً وسطحياً. 
8. التخزين والحفظ: حيث يسهل على المتلقي تخرين وحفظ الرسائل الاتصالية واسترجاعها، كجزء من قدرات وخصائص الوسيلة بذاتها.
 
خامساً: العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد
1. هناك منافسة شديدة وضارية بين وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الجديد. 
2. هناك أرقام مؤكدة حول انحسار عدد المتابعين لوسائل الإعلام التقليدي وازدياد مستخدمي الإعلام الجديد في المجال الصحفي. 
3. بعض وسائل الإعلام التقليدي أخذت تعيد تكوين نفسها، وتعيد بناء ذاتها، لتندمج في الإعلام الجديد وتكون جزءاً منه.
سادساً: مقارنة بين الصحافة التقليدية والصحافة الإلكترونية
1. الصحيفة الورقية التقليدية تجمع الأخبار والمحتوى، وتحررها، وتخرجها في نصوص وصور ثابتة بأنواعها، ويتم طباعتها ورقيا، لتوزع في اليوم التالي. 
2. الصحافة الإلكترونية صحافة آنية، يتم تجديدها وتحديثها طوال اليوم، وعلى مدار الساعة، وتحتوي النصوص المكتوبة، والصور الثابتة، والرسوم البيانية، ومقاطع الفيديو، والتفاعل الآني، والمشاركة الفعالة مع الجمهور، وذلك في التعليق الفوري على الموضوعات والأخبار، والمشاركة في استطلاعات الرأي. 
كما تتميز النصوص المكتوبة في الصحافة الإلكترونية بأنها (نصوص نشطة)، تعطي تفصيلات ومعلومات أكثر عند النقر على الكلمة المفتاحية ذات الدلالة في النص، وغالباً ما تكون (الكلمات النشطة) ذات لون مختلف في الكتابة، وذات خط سفلي. 
وتتميز أيضاً أخبار الصحافة الإلكترونية ومقالاتها بأنها مصحوبة (بروابط) تقود المتلقي إلى أخبار سابقة ذات صلة، أو مقالات أخرى لكاتب المقال وهكذا.
3. هناك جوانب كثيرة للمقارنة، إلا أننا اقتصرنا فقط على الجوانب المتعلقة بالإمكانيات التقنية للصحافتين التقليدية والإلكترونية.
سابعاً: الظواهر التي صاحبت الإعلام الجديد
1. كسر احتكار المؤسسات الإعلامية الكبري. 
2. ظهور طبقة جديدة من الإعلاميين، وأحياناً من غير المتخصصين في الإعلام، إلا أنهم أصبحوا محترفين في استخدام تطبيقات الإعلام الجديد، بما يتفوقون فيه على أهل الاختصاص الأصليين. 
3. ظهور منابر جديدة للحوار، فقد أصبح باستطاعة أي فرد في المجتمع أن يرسل ويستقبل ويتفاعل ويعقّب ويستفسر ويعلّق بكل حرية، وبسرعة فائقة.
4. ظهور إعلام الجمهور إلى الجمهور.
5. ظهور مضامين ثقافية وإعلامية جديدة. 
6. المشاركة في وضع الأجندة: ينجح الإعلام الجديد أحياناً في تسليط الضوء بكثافة على قضايا مسكوت عنها في وسائل الإعلام التقليدية، مما يجعل هذه القضايا المهمة هاجساً للمجتمع، للتفكير فيها ومناقشتها ومعالجتها. 
7. نشوء ظاهرة المجتمع الافتراضي والشبكات الاجتماعية: وهي مجموعة من الأشخاص يتحاورون ويتخاطبون باستخدام وسائل الإعلام الجديد، لأغراض مهنية أو ثقافية أو اجتماعية أو تربوية، وفي هذا المجتمع تتميز العلاقات بأنها لا تكون بالضرورة متزامنة، والأعضاء لا يحضرون في نفس المكان، والتواصل يتم دون الحضور، وقد يكون المجتمع الافتراضي أكثر قوة وفعالية من المجتمع الحقيقي، وذلك لأنه يتكون بسرعة، وينتشر عبر المكان، ويحقق أهدافه بأقل قدر من القيود والمحددات.
8. تفتيت الجماهير: مع التعدد الهائل والتنوع الكبير الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ فقد بدأ الجمهور يتفتت إلى مجموعات صغيرة، بدلاً من حالة الجماهير العريضة لوسائل الإعلام التقليدية، وهكذا انتقل الإعلام إلى مرحلة الإعلام الفئوي والإعلام المتخصص.
ثامناً: مهارة التفكير الناقد والإعلام الجديد
إن مهارة التفكير الناقد تكون أكثر أهمية وأشد إلحاحاً عند التعامل مع وسائل الإعلام الجديد، والانترنت بصورة عامة، لأن الأمر يزداد تعقيداً مع غموض وعدم وضوح الشخصيات الحقيقية التي تتفاعل في إطار الإعلام الجديد أحياناً، كما أن الحرية التي لا تحدها حدود الزمان والمكان والرقابة تتيح نشر أخبار غير صحيحة، وشائعات مغرضة، وأفكار خاطئة، كما يمكن أن تقود إلى ارتباطات مدمرة بشبكات الجريمة المنظمة، والإرهاب، والمخدرات، وغسيل الأموال، وغيرها من المخاطر المحتملة.
تاسعاً: الإعلام الجديد… والفرصة السانحة : يمثل الإعلام الجديد فرصة للمجتمعات والثقافات أن تقدم نفسها للعالم، فالإعلام الجديد وبشكل خاص الانترنت فتحت المجال أمام الجميع بدون استثناء وبدون قيود لوضع ما يريدون على شبكة الانترنت ليكون متاحاً للعالم رؤيته، وهذا يتطلب استعداداً حقيقياً للاستثمار في هذه الوسيلة، والأهم من ذلك استثمارها بشكل إيجابي، ناجح ومؤثر وفعال.