كتاب سبر

رسالة إلى الكاتبجي

لست في هذا المقال استعرض الزميل محمد الوشيحي كزميل، ولا أريد أن أسبغ عليه الملائكية، ولكني ساستعرضه كحالة وليس كشخص. 
لا يختلف أحد على أن الكتابة الصحفية هذه الأيام أصبحت مهنة من لا مهنة له، وأصبح الحصول على عمود صحفي في احدى الصحف أسهل من الحصول على موقف سيارة في مجمع الأفنيوز.
ولكن في النهاية – وإن كثر الكتّاب وأشباه الكتّاب – يبقى المميزون في القمة، وعلى رأسهم الزميل محمد الوشيحي.
ومهما كثر الكتّاب، فإن المؤثرين ومن تلقى مقالاتهم صدى لدى السلطة والمعارضة قلّة، ومنهم الوشيحي.
استطاع الوشيحي خلال فترة بسيطة أن يشق طريقه إلى القمة في الهرم الصحفي، ولم يأت ذلك من فراغ، فهو يتمتّع بحس كتابي راقي من الدرجة الأولى، من سبك العبارات، وثروة لغوية، وقوة في المعاني، والأهم سلاسة في الأسلوب تكون ساخرة مضحكة أحيانًا، وحزينة مبكية أحيانًا أخرى، وكل ذلك يأتي حسب الموقف، أو كما تقول العرب (لكل مقام مقال).
أعجب به القراء فحصد قاعدة عريضة تتابع ما تخط أنامله، وتنتظر بشوق تعليقه على حدث ما، لثقة القراء أنه لا يستطيع أحد من الكتّاب أن يسبك مقالًا مؤثرًا معبرًا يصف الوضع الراهن إلا الوشيحي.
استشعرت السلطة قوة قلمه، وأحس السامريون الذين رفعوا شعار “لا مساس” بنفوذ كلماته وتأثيرها في الشارع فأقاموا الحواجز، ونقاط التفتيش في ممراته الصحفية وانتظروا الفرصة المناسبة للمداهمة، فانقضوا عليه بقسوة، وكانت البداية في إيقاف برنامجه التلفزيوني، وجاءت الضربة الثانية في سجنه بسبب كلمات مبهمة لا يعرف معناها، ولا يعرف لمن قيلت، ولكن بنوع من العسف والإجبار تم تكييف الأسباب المناسبة لكي يتم تقييد حريته في رسالة لبقية الكتاب أنكم سائرون على طريقه إن لم تصبحوا (خوش عيال) وتطردون همزات الشياطين من عقولكم وتسيروا في ركاب البقية ممن “هداهم الله” للطريق القويم.
يا صديقي لن يسجنوا قلمك، وإن سجنوا جسدك، وما أنت إلا لبنة توضع فوق لبنات أخرى لمن سبقك من الأحرار حتى يرتفع جدار الحرية الذي كلما وضعنا فيه لبنة هدم منه السامريون لبنات، نبني ويهدمون، والعاقبة لك ولبقية الأحرار وإن تأخر قدومها، وزادت همومها، ولكنها في النهاية حتمية.